كشفت حادثة اعتداء مجهولين ملثمين مطلع الأسبوع الجاري على مدير مجمع مدرسي في حراضة ومعلم كان برفقته، عن أن المجمع الذي بلغت تكلفته عشرة ملايين ريال تمت إقامته في منطقة غير مأهولة بالسكان، حيث تفتقد للطرق المعبدة وشبكات الاتصال والإنترنت والكهرباء، إضافة إلى خلوها من الخدمات الصحية حيث أقرب مركز صحي يبعد 60 كيلو مترا عن المدرسة في طريق بري غير معبد، وأخيرا معاناة المجمع من عدم التواجد الأمني.
وعلى الرغم من وجود الإمكانات الهائلة في مبنى المجمع التابع لتعليم تربة (200 كيلو متر جنوب الطائف) إلا أنه يفتقد لوسائل التعليم الحديثة، فالطريقة التي يتلقى فيها طلابه البالغ عددهم 352 طالباً، أشبه بـ ''الكتاتيب''.وعلمت ''الاقتصادية'' من مصادر مطلعة أن المبنى المدرسي يعتمد على مولد كهربائي بسيط لا يكفي استخدامه لتشغيل 90 في المائة منه، إضافة إلى افتقاده إلى خدمات الإنترنت، التي يعتمد عليها التعليم المطور الجديد في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.
الإمكانيات الموجودة في المجمع لم تحظَ بها كبرى المدارس داخل الطائف.
وذكر عادل بن عوض الجعيد مدير مجمع حراضة التعليمي، أن المبنى يواجه في أي وقت هجرة الأهالي القريبين منه إلى أماكن أبعد، رغبة منهم في وجود الخدمات أو لدواعي السفر، معتبرا إنشاء مبنى في هذا الموقع ''هدراً مالياً''.
ولفت إلى أن الطريق المؤدي إلى المجمع غير معبد لمسافة تصل لـ 30 كيلو متراً، وبسؤاله عن أسباب حادثة الاعتداء عليه، قال: ''الأهالي غير متعاونين مع المعلمين، فهم يعتبرون المدرسة ملكا من أملاكهم الخاصة، وبالتالي تشكلت لديهم فكرة أن أبناءهم من حقهم أن يذهبوا إلى المدرسة في أي وقت، وينصرفوا متى شاءوا، إضافة إلى أحقية أولياء الأمور في دخول المدرسة وأخذ أبنائهم في أي وقت في اليوم الدراسي، كما أن لديهم فكرة أن المدرسة وضعت من أجل منحهم معدلات عالية، وفعلاً هذا الذي كان يحدث على مدى الأعوام الماضية''.
وتابع الجعيد: ''بعض طلاب الصف الثالث الثانوي هذا العام لا يستطيع كتابة اسمه بالشكل الصحيح، في حين أن نسبته العام الماضي بين 95 و96 في المائة، فالنظام التعليمي في مدرسة الحراضة لا يمكن تطبيقه دون وجود جهة أمنية في الموقع''.وعن سلوكيات طلاب المدرسة وقت الامتحانات قال: ''كان الطلاب في الأعوام الماضية يدخلون بكتبهم في الامتحان، ويقومون بالغش، فهذا أمر طبيعي لديهم''، وزاد ''لا بد أن تتم توعية الأهالي بشكل كبير، وعلى الجهات الأمنية التعاون مع إدارة المدرسة''، مبيناً أن معلمي المدرسة لا يزالون ممتنعين عن الذهاب إليها، شريطة تواجد أمني بها، في إشارة منهم لنفاد صبرهم على أمور كبيرة تحدث لهم داخل الميدان، في ظل العديد من المخاطبات التي بعثتها إدارة المدرسة في وقت سابق إلى محافظ تربة، التي تفيد بوجود انفلات أمني في الحراضة، إلا أنها لم تلقَ أي تجاوب يذكر.
ونوّه إلى اعتذار شرطة تربة عن إرسال دورية أمنية إلى المدرسة لقلة عدد أفرادها، مؤكداً أن هناك طلاباً يدرسون في المدرسة، تبعد منازلهم عنها من 25 إلى 30 كيلو مترا، كما أن أقرب مركز صحي يبعد 60 كيلو مترا عن المدرسة في طريق بري غير معبد.وفي سياق القضية، أكد لـ ''الاقتصادية'' محمد بن ناصر البقمي مدير مكتب التربية والتعليم في محافظة تربة، أن هناك عددا من المخاطبات الرسمية بين مكتب التربية والجهات الأمنية في تربة، تم رفعها من بداية العام الدراسي حتى الآن، منوهاً إلى أن تلك المخاطبات تؤكد ضرورة تواجد الجهات الأمنية في حراضة.
وقال: ''الجهات الأمنية في تربة إمكاناتها محدودة سواء على مستوى الأفراد، أو غير ذلك، لا سيما أنهم يغطون هجرا كثيرة تابعة للمحافظة''، مؤكدا أن مكتب التربية في تربة يتابع تفاصيل قضية الاعتداء على مدير مجمع حراضة وزميله المعلم، وآخر ما توصلت إليه الشرطة حتى الآن في القضية، وفيما لو كانت الجهات الأمنية متجاوبة مع تلك المخاطبات.وأكد البقمي أن أي طالب تثبت إدانته في قضية الاعتداء سيتم نقله أو فصله، بحسب الإجراءات النظامية التي تحددها لائحة السلوك، فالعقوبة بحسب نوع الجرم، مشيراً إلى أن ما حدث ليس بالسابقة الأولى في مثل هذه الحالة، فكم من طالب تم فصله ونقله في هذه المدرسة، وغيرها من المدارس.