ما حصل ويحصل باستمرار في مجلس النواب من مشاجرات يفتعلها نائب بعينه تستدعي التوقف مليا، فأمام هكذا مناخات لا يمكن أن نطمئن لحظة أن تشريعنا بخير وفي ايد امينة.
مهما كان مجلس النواب، ومهما كانت مخرجات التزوير التي حصلت فمن غير الطبيعي ان يصل الحوار بين النواب الى هذه المستويات، وأن يبدأ المجلس مناقشة مشروع قانون الانتخاب بالاحذية المتطايرة فوق رؤوس النواب.
قد يرفض نائب موقف زميل له، وقد ينفعل ويغضب، اما أن يصل الحوار الى الرشق بالاحذية، ونائب يحاول خنق زميل له، فهذا لم يقع سابقا، صحيح انه في غابر الزمان، قضم نائب أذن زميل له، وتلقى النائب ذاته عدة لكمات من زميل آخر، وتراشق نواب بكاسات المياه، لكنها بقيت مشاجرات، ولم تصل الى مستوى الشتائم والضرب بالاحذية مثلما وقع امس.
لم يبق امام النواب سوى جلسات معدودات، وقد يتم التمديد لهم من خلال دورة استثنائية سريعة، لحسم قانون الانتخاب وإقرار قانون الضمان الاجتماعي، ولكن؛ بالله عليكم هل المناخ الموجود في مجلس النواب مناخ آمن لاقرار تشريعات مهمة ومصيرية في حياة البلاد.
هل ممكن ان نصل الى قانون انتخاب يرسم ملامح المرحلة المقبلة ويخرجنا من ما يتلبد في الاجواء من احتقانات وتطرف وفوضى وحالة رفض لكل شيء؟
هل اعضاء المجلس امناء على إقرار قانون الضمان الاجتماعي الذي يتحكم في مصير كل الاردنيين، ويحفظ حقوقهم، ويحترم شيخوختهم؟
قانون الضمان على الاقل له علاقة مباشرة بكل الاردنيين، بحياتهم ومعيشتهم وحقوقهم، صحيح أن قانون الانتخاب ليس اقل اهمية لانه يرسم ملامح البلاد السياسية المقبلة، لكن قانون الضمان يعود مباشرة على المواطنين، وهو الذي يحفظ حقوقهم، فمن منا الان يضمن أن يتم إقرار قانون محترم يحمي حقوق المنتسبين للضمان، ويحافظ في الوقت نفسه على امواله واستثماراته.
مناخ مجلس النواب بائس وغير صحي، ولا يكفي معالجة ما يقع في المجلس على قاعدة بوس اللحى والاعتذارات الساذجة لانهما لا يمكن ان يصنعا تقاليد برلمانية محترمة.
فقط نظرة بسيطة الى مستوى الاداء في المجلس تجعلنا جميعا نعلن رفضنا لقانون الصوت الواحد الذي سمح لبعض النواب من الوصول الى المقعد البرلماني، فبالله عليكم اين العقل من محاولة احياء هذا القانون وإعادة قذفه من جديد في وجه الاردنيين مثلما قذف الحذاء امس في وجه النواب.
نستحق قانون انتخاب عصري ومحترم، ونستحق اكثر ان يكون ممثلينا في مستويات سياسية وبرلمانية وتشريعية افضل بكثير مما نحن فيه الان.
نعيش في مناخات للاسف لا تنتج إلا بؤسا وفقدان الامل في كل شيء، فالى اين نحن ماضون؟
العرب اليوم