خلال تتبعه للتعديلات التي طرأت على مناهج التعليم في المملكة في الأعوام الماضية أوضح عضو لجنة معلمي عمان أحمد الجعافرة بأن المناهج بدأت بالانحدار حتى نقطة التحول في التسعينيات من القرن الماضي، حين بدأ الأردن يقترب من خطط اليونيسكو التعليمية وسعيه الدؤوب لمقاربة الثقافة والقيم العالمية.
وأشار الجعافرة في الوقت ذاته إلى إزدياد الاهتمام بالمنهاج بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر في نيورك والتركيز على ثقافة التسامح والإنفتاح على العالم.
وأضاف بأن المناهج الأردنية في السبعينيات كانت تحتوي على مواد في الفلسفة والثقافة الجنسية والتاريخ يشهد لها بقوتها، مرجعا تعديل المناهج وإزالة هذه المواد إلى تنامي ما أسماها “قوى الشد العكسي والثقافتين الإسلامية والعشائرية في المجتمع”.
واتهم نقيب المعلمين الأردنيين مصطفى الرواشدة اللجان القائمة على تعديل المناهج في الأردن “بعدم ارتباطها بأي علاقة بالتربية والتعليم”، مشيرا إلى أن ما يدرسه الطالب الآن هو كتاب مدرسي وليس منهاجاً.
وضرب الرواشدة مثالاً في حديثه بمنهاج التربية الوطنية للصفوف الأساسية، مشدداً على الأثر السلبي في دروس هذه المادة على الثقافة الوطنية الأردنية للطالب وتجهيله بتاريخه وإضعاف انتمائه لأمته ووطنه.
ويتفق معلم مادة الاجتماعيات معاذ البطوش مع هذا الرأي، حيث يعتقد “أن تعديلات المنهاج شكلية”، مؤكدا “نقص مادة التاريخ للصفوف الأساسية من المعلومات المهمة التي تفيد الطلبة وتعمق إنتماءهم لوطنهم وأمتهم”، ما يدفعه كمعلم للخروج عن إطار المنهاج لتوضيح أمور تاريخية للطلبة تصقل شخصيتهم وهويتهم لا يذكرها الكتاب.
ويتساءل البطوش “لماذا يغيّب تاريخ الأردنيين وروح الإنتماء عن منهاج التاريخ والتربية الوطنية”، ويخشى أن يكون هذا التغييب نهجا متبعا من قبل من يؤلف المناهج.
كثير من المعلمين يتساءلون عن مصير ملاحظاتهم حول المناهج بعد سماعها من قبل مدراء التربية والمشرفين وهل تصل إلى مؤلفي المناهج؟
ويؤكد المعلم نايف أبو حمد أن الملاحظات لن تصل، “لأن وزارة التربية والتعليم لم تغير سياستها فيما يخص المناهج من حيث إشراك المعلمين والمشرفين بالتأليف والاعتماد فقط على الشركات الفرنسية والأمريكية في صياغة المناهج التعليمية في الأردن، وإن كانت هذه الشركات الخاصة تستعين بمؤلفي مناهج أردنيين.
ويشدد أبو حمد على أن أحد أهم أسباب ضعف مخرجات التعليم في الأردن وضعف الطلبة هو مضمون المنهاج الأردني للمراحل الأساسية.
وفي هذه الشأن يرى الخبير التربوي الدكتور علي الحشكي ضرورة تعديل المناهج الأردنية، مشيرا إلى أن “لجان تعديل المناهج في الأردن بحاجة إلى تغيير من خلال إشراك المعلمين والخبراء التربويين في تقيمها وتعديلها “.
ويطالب الحشكي بوضع “خريطة منهاج” تضمن عدم تكرار الدروس لطلبة الصفوف الأساسية بحيث تفضي كل سنة دراسية إلى السنة الآحقة مع التركيز على النوع لا الكم في المعلومات التي تحتويها المناهج الدراسية.
ويشتكي بعض المعلمين من وجود العديد من أسئلة التعليل لطلبة المراحل الأساسية والتي يرون أنه من الصعب على الطلبة إجابتها والتفكير بها خصوصا مع عدم وجود شرح واف عنها في المنهاج على حد قولهم.
من جهته، يؤكد أحمد الجعافرة على أن المنظور الحديث للتربية يركز على طرح الأسئلة والفهم ودفع الطالب للتفكير والاستنتاج بدلا من الحفظ.
يذكر أن وزير التربية والتعليم الدكتور فايز السعودي أعلن عن خطة متكاملة للنهوض بالواقع التربوي والتعليمي خلال الفترة القليلة المقبلة، يكون محورها المعلم والطالب والمنهاج المدرسي، مؤكدا أن ذلك يتطلب تكثيف كافة الجهود بحيث يتم الوصول إلى نتائج ملموسة على الأرض في أقل الأوقات.
ويتفق الجميع على أن الإصلاح التعليمي والتربوي هو أولى من كل إصلاح، لما له من آثار تهم الجميع دون استثناء، لأنَّ إصلاح التعليم سيؤدي إلى غيره من الإصلاحات بالضرورة.