الباحثون عن بيئة تعليمية أفضل لأبنائهم لا يجدون بدا من وضعهم في مدارس خاصة. لكنها بيئة يبدو انهم مضطرين سنويا على زيادة فواتيرها لتوالي المدارس الخاصة رفع اسعارها سنويا من دون ان تجد ضوابط او قوانين تفرض عليها شروطا خاصة تتعلق بالرفع.
ويشعر مواطنون انهم يقفون أمام جشع بعض إدارات المدارس عاجزين وحدهم من دون معين رسمي يحميهم من “مدارس” تحولت إلى سوق يستند على مبادئ العرض والطلب واللعبة الاستثمارية أكثر من استناده على فلسفة تعليمية تربوية متينة.
قرار أصحاب مدارس خاصة رفع الرسوم المدرسية بدءا من العام الدراسي المقبل لقي انتقادات واسعة بين أوساط الطلبة، في حين بدت وزارة التربية والتعليم عاجزة عن التعامل مع ملف الرسوم الذي بات يقض مضجع الجميع سنويا.
واعتبرت أوساط تربوية القرار ضربة قاصمة للجهود التي تبذلها وزارة التربية والتعليم لإعادة الاعتبار لصورة قطاع التعليم الخاص الذي باتت تطغى عليه النزعة الربحية، بيد أن أصحاب هذه المدارس أرجعوا قرارهم إلى رفع الحد الأدنى للأجور وإقرار قانون المالكين والمستأجرين الجديد.
وتتعالى أصوات عديدة تطالب وزارة التربية والتعليم بسرعة التدخل لوضع حد لحالة الفوضى التي تشهدها المدارس الخاصة، بيد أن الشكوك ما زالت تحول حول قدرة الوزارة على السيطرة على حالة الانفلات التي تطغى على قطاع التعليم الخاص منذ سنوات طوال.
وشجع تراجع مستوى التعليم في المدارس الحكومية أصحاب المدارس الخاصة على التمادي في الاستمرار في رفض كل دعوات خفض الرسوم أو تعديل أجور النقل المدرسية وضرب كل ما دعت إليه الحكومة في سنوات سابقة عرض الحائط.
وكشف نقيب أصحاب المدارس الخاصة منذر الصوراني أن العام الدراسي المقبل سيشهد عمليات رفع للأقساط المدرسية لن تقل عن 10% مؤكدا أن وزارة التربية والتعليم لا تتدخل في قضية رفع الرسوم بسبب غياب السلطة الفعلية على هذا القطاع الواسع.
وأوضح الصوراني ان قرار رفع الرسوم المدرسية يعود لإدارات المدارس وليس للنقابة أي علاقة كون العضوية فيها غير الزامية مشيرا الى أن بعض المدارس باتت تنزعج من الإعلان عن رفع الرسوم.
لكن، بسبب تصاعد دعوات جديدة لأصحاب المدارس الخاصة لرفع الرسوم المدرسية وأجور النقل بعد رفع الحكومة الحد الأدنى للأجور وأسعار الكهرباء عن توجه لرفع الرسوم بنسبة 50%، تبدو وزارة التربية والتعليم أكثر عجزا إزاء ذلك ويفتح بابا للاجتهاد حول قدرة النظام الجديد الذي يصنف المدارس الخاصة الى أربع فئات على تصويب أوضاع المدارس الخاصة في المملكة وتتقاضى بموجبه الفئة الأولى على رسوم مدرسية تصل في حدها الأعلى إلى 10 الآف دينار بينما تحصل المدارس التي تقع ضمن الفئة الثانية على 3 آلاف، والفئة الثالثة على 1500، والرابعة على 1000 دينار وهذا يعتمد على مدى التزام هذه المدارس بالشروط التي تجددها الوزارة.
بيد أن التأخير في العمل بالنظام الجديد فتح المجال أمام المدارس الخاصة لأن تتمادى في رفع الأقساط المدرسية وأجور المواصلات من دون حسيب أو رقيب، الأمر الذي يترك علامات استفهام عديدة حول التعليم الخاص الذي تحول الى سلعة تباع وتشترى، وسط صمت حكومي.
ووصف الصوراني قضية رفع الرسوم في المدارس الخاصة بـ “الحساس” نظرا للعلاقة الشائكة التي تربط وزارة التربية والتعليم من الناحية الفنية بملف التعليم الخاص الى جانب الأعباء التي تتركها القرارات الاقتصادية الحكومية على هذه المدارس وهذا يترافق مع شكاوى المواطنين المتزايدة من مسألة رفع الرسوم.
وأكد الصوراني أن بعض المدارس الخاصة تحصل سنويا على أرباح كبيرة بسبب الإقبال الكبير عليها رغم ارتفاع الرسوم فيها.
ويقول إبراهيم ارشود وهو ولي أمر أحد الطلبة في المدارس الخاصة أن ادارة المدرسة أبلغته بارتفاع الرسوم العام الدراسي المقبل بنسبة 30% مؤكدا أن سيضطر الى نقل ابنه الى المدارس الحكومية بعد الارتفاع الكبير على الرسوم، وهو ما أكد علاء بشارات بأن المدرسة التي تدرس فيها ابنته قررت زيادة الرسوم العام المقبل بنسبة 45% مشيرا الى أن هذه القرارات تتزامن مع قرارات حكومية برفع الأسعار الأمر الذي سيشكل تحد كبير لكثير من العائلات.
وترى أم فراس وهو طالب في الصف السابع بإحدى المدارس الخاصة أن ادارة المدرسة زودت ابنها بلائحة أسعار جديدة للسنة الدراسية المقبلة، مشيرة الى أن الارتفاع في الرسوم وفق اللائحة كبير للغاية يصل في حده الأعلى إلى 80%.
وتستفيد مدارس خاصة من الرحلات المدرسية والزي المدرسي وبعض النشاطات حيث تحقق أرباح كبيرة إضافة إلى أثمان الكتب المدرسية التي تختلف عن أسعار الكتب الحكومية، فضل عن تكاليف النقل التي لا تختلف كثيرا عن وسائل النقل العام حيث تجبر بعض إدارات المدارس الخاصة سائقي الحافلات على تحميل زيادة فوق الطاقة المحددة للحافلة الواحدة ما يؤكد أولياء أمور طلبة في مدارس خاصة لـ “مضمون جديد”.
اللافت أنه رغم لجوء مدارس خاصة الى رفع الرسوم الا أن مستويات التعليم فيها متدنية وسط غياب وزارة التربية والتعليم عن المشهد، خاصة بعد تراجع الحديث عن تصنيف المدارس قبل أكثر من عشرة سنوات من دون حسم الموضوع حتى الآن وهو النظام الذي يصنف المدارس الخاصة الى أربع فئات تتقاضى بموجبه “الفئة الأولى” على رسوم مدرسية تصل في حدها الأعلى إلى 10 الآف دينار بينما تحصل المدارس التي تقع ضمن “الفئة الثانية” على 3 آلاف، و”الفئة الثالثة” على 1500، و”الرابعة” على 1000 دينار وهذا يعتمد على مدى التزام هذه المدارس بالشروط التي تجددها الوزارة.
ورغم حالات “النزوح” السنوية من المدارس الخاصة إلى الحكومية بسبب ارتفاع أسعار الرسوم الا ان هناك إقبالا واضحا على المدارس الخاصة، لكن ذلك يظل محصورا بالطبقات المقتدرة، وهو الأمر الذي يرسخ حالة من الفرز الطبقي في التعليم تماما، كما هو الحال في بعض الجامعات الخاصة، فقد انتقل خلال العام الدراسي الماضي من المدارس الخاصة إلى الحكومية نحو 13 ألف طالب وطالبة في العاصمة عمان بينما كان عدد المنتقلين من المدارس الحكومية إلى الخاص أقل من ذلك بكثير.
مزيد من تقارير مضمون جديد هنـــا