الاصلاح نيوز /،
لم تكن نزيهة محمد سليمان عيسى تعلم أنها ستعرف بالصدفة ما جرى للزعيم الشيعي موسى الصدر حين كان في ليبيا، وأنها اضطرت لإخفاء ما تعلمه 33 سنة خوفا من أن تتم تصفيتها جسديا إن هي نطقت بأي كلمة كما حدث مع الطيار الخاص لمعمر القذافي المسمى بـ”اليازجي”، لكن ما جرى في ليبيا وبعد مقتل معمر القذافي أصبحت الحقيقة تطلب الظهور العلني.
اجتمعت بالسيدة نزيهة منذ سنوات وعرفتها منذ كتابها الأول قبل 17 عاما، وأعرف صدقها وكيف تروي ما يحدث معها بكل صدق وشفافية.
ومؤخرا، وبعد مقتل القذافي قالت لي إنها تعلم بحقيقة مقتل موسى الصدر، لأنها كانت في ليبيا وقتئذ حين كانت تعمل مترجمة في وزارة الخارجية الليبية أيام حكم القذافي، فطلبت منها أن تروي لي الحكاية، إلا إنها امتنعت وقالت سأحكي كل شيء في روايتي الجديدة، فانتظر، لكنها وعدتني أن أكون أول من يعلم كصحفي بالتفاصيل وقبيل إصدار الرواية، وصدقت في وعدها، فقد اتصلت بي قبل أيام وطلبت لقائي لتقدم لي نسخة من الرواية قبل الطبع على قرص مدمج (CD).
قرأت ما جاء في الرواية، إنها تحكي تفاصيل كثيرة وبالأسماء وتحدد الأشياء بدقة، وهي لم تقل كل ما تعلمه، لكنها ذكرت الأهم، فهي في روايتها التي ستصدر خلال أيام وستقيم لها حفل توقيع في اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين على الأغلب تؤكد أن موسى الصدر قتل ومعاونيه في غرفة الإعدام في مكاتب معمر القذافي في العزيزية، وتم نقل جثامينهم بطائرة القذافي الخاصة وتم دفنهم في صحراء “سبها”.
نزيهة محمد سليمان عيسى روت حكاية مقتل الصدر كما جاءت على لسان يوسف الدبري مدير مخابرات القذافي، الذي كانت تربطه بالسيدة نزيهة علاقة صداقة أسرية كون نزيهة صديقة لزوجته (لبنانية الأصل)، كون الدبري تقلد أيضا منصب الملحق العسكري في السفارة الليبية في لبنان.
في الرواية تتحدث السيدة نزيهة عن مقتل الصدر كما رواها يوسف الدبري، لكنها تركت الموضوع له وتقول: “يجب عليه أن يتكلم هو ليريح ضميره لأنه يعرف الحقيقة”.
وتقول نزيهة على لسان الدبري إن القذافي بعد مقتل الصدر أخذ يمشي في القاعة (قاعة المكاتب) ذهابا وإيابا، ضاربا في رجليه الكراسي ومبعثرا بيديه كل ما على المكاتب، وطلب وهو ضاغط على رأسه بيديه من الحاضرين الخروج.
وتتحدث نزيهة محمد سليمان عيسى عن تفاصيل الخطة التي وضعت للخروج من المأزق فأعلنوا اختفاء الإمام الصدر ومعاونيه وادعاء مغادرتهم الأراضي الليبية إلى روما، وأعدت خطة بجلب رجلين بنفس مواصفات الصدر ومعاونيه، وتم عمل بعض التجميل وحملوا نفس جوازات السفر الأصلية وتم إرسالهم إلى روما، وهو ما أكدته الحكومة الإيطالية أن شخصا يشبه موسى الصدر ويحمل جواز سفر باسم موسى الصدر دخل روما وخرج منها.
وفي روايتها تتحدث نزيهة عن قصتها كاملة بكل تفاصيلها وتكشف حقائق عن بعض ما جرى أيام حكم القذافي الذي كانت شاهدة عليه، فهي عاصرت العهد الملكي الليبي وكانت مترجمة في السفارة الليبية بلندن عامي 1958- 1959، ثم عملت مترجمة في بيت القذافي ورافقت زوجات الرؤساء مع “صفية” زوجة القذافي، كما أنها أنقذت “صفية” من الخطف أو القتل خلال زيارة إلى برشلونة في إسبانيا أواخر السبعينيات.
نزيهة محمد سليمان عيسى ولدت في المفرق من أم تركية الأصل وأب ليبي هاجر إلى الأردن من ظلم الطليان الذين احتلوا ليبيا، وذلك قبل تأسيس إمارة شرق الأردن، ولها ثلاثة كتب هي روايات يمكن تصنيفها ضمن أدب السيرة هي “صراع مع القدر”، و”نظرات في الحياة عن العقاب والثواب”، و”المعجزة”، وحاليا تحت الطبع “المعجزة الأخرى”.