تعبيرية
الاصلاح نيوز- خاص- مبارك حماد/
وصل المشفى بعلامات حيوية متوقفة تماما، فأدخل فورا لغرفة العمليات، حيث أن نظام المشفى ينص على ضرورة تقديم كل ما يمكن للمريض خلال (20) دقيقة، حتى وان كان المريض شبه ميت، فبدأ الممرضون بعملية تنشيط القلب الرئوي (CBR)، وتم استدعاء الطبيب الباطني المناوب، التي شخص المريض بشكل سريع وسطحي، وأعلن حالة الوفاة، وخرج من الغرفة .
الممرضون استاؤوا من سلوك الطبيب، واعلنوا تمردهم الأبيض، وشغلوا ساعة التوقيت (20 دقيقة)، واستدعوا طبيبا اخرا، وبدأوا عملهم، فأعاد الله للمريض حياته على أيدي هؤلاء الممرضين الكفؤين، بعد أن أعلن الطبيب الأول وفاته..
لم يحدث هذا في الموزنبيق أو ساحل العاج، أو في السنغال، بل في مستشفى حكومي أردني، وبإشارف وتشخيط خاطئ، من طبيب أردني ايضا، ويتمتع بمكانة مهمة في تلك المشفى .
قصة أخرى، أشد من تلك، حدثت للممثل المصري صلاح قابيل، عندما أعاده الله للحياة مرة أخرى، بعد أن أكد الأطباء وفاته، فوجد نفسه داخل حفرة ظلماء مغلقة بحجر ثقيل يحجز عنه الهواء .. حاول جاهدا الخروج منها، ولربما صرخ وصرخ حتى ارهقت حباله الصوتية، فجاء ملك الموت ليقبض روحه داخل قبره وليس خارجه ..
حادثة هي أثارت الرأي العام المصري والعربي عام 1992، عندما توقف قلب قابيل عن العمل، واعلنت وفاته فورا بتشخيص خاطئ، فسارع اقرباؤه لدفنه اقتداء بحديث رسول الله “اكرام الميت دفنه”.. وبعد فترة من دفنه اكتشفوا عند إعادة فتح القبر بأنه يجلس القرفصاء ورأسه بين يديه، ما يؤكد قيامه بمحاولات يائسة لفتح القبر”.
هؤلاء، ليسا الوحيدين في هذا العالم اللذان تعرضا لمثل تلك الحادثة، فوفقا لتقرير نشرته صحيفة “ذا أدفوكيت”، الصادرة في ولاية لويزيانا الأمريكية، عام 2005، تبين أن هناك شخصا من بين كل 50 يدفن حياً على مستوى الولايات الأمريكية ، وهذا الرقم استخرجته الصحيفة اعتماداً على معدل الأخطاء المشابهة “التي تم اكتشافها في آخر لحظة” ضمن متوسط حالات الوفاة اليومية في كامل الولايات.. وتعترف الصحيفة أنها توسعت في هذا الموضوع بعد رسالة استلمتها من رجل يدعى “مارك فولنجويث” عمل في مجال الدفن طوال أربعين عاماً. وخلال هذه الفترة شاهد -على حد قول الصحيفة- حالات كثيرة استفاق فيها الميت قبل دفنه بفترة بسيطة. واضافت الصحيفة أنه في كل يوم يدفن 35 شخصاً حياً بسبب اعتقاد الأطباء، أو الأهل، بأنهم ماتوا فعلاً .
يعود جزء كبير من المشكلة إلى التسرع في إعلان الوفاة بناء على مظاهر مرتبطة بالموت، كتوقف القلب لفترة قياسية أو توقف التنفس لفترة طويلة .. ولكن حتى في هذه الحالة قد يظل المرء في حالة “وفاة سريرية” بحيث تبقى أعضاؤه الأخرى حية. وحين يعود القلب للخفقان، والرئتان للعمل، تتجاوب معهما بقية الأعضاء فيستيقظ الميت وسط ذهول الجميع !!
ورغم عدم فهمنا الدقيق لكيفية عودة القلب للخفقان بعد التوقف، إلا انها حالة منتشرة ويعرفها الأطباء جيداً .
وذكرت مجلة “نيو داون” الأسترالية، في عددها الصادر في كانون الثاني 2003، أن هناك طبيبا يدعى “سام بارنيا”، أجرى دراسة مطولة حول هذا الموضوع فاكتشف أن 10% من الموتى يصلون إلى حدود الموت الحقيقي ثم يعودون مجددا إلى الحياةً .
من جانب آخر، نشرت مجلة “ذا لانست” الطبية عام 2003، دراسة أجراها الدكتور “بم لمل” على 334 مريضاً مروا بهذه التجربة في مستشفيات هولندا اكتشف خلالها ان 18? منهم ماتوا سريرياً ثم عادوا للحياة مرة أخرى .
على أي حال، التقارير والدراسات حول هذا الموضوع تكاد لا تنتهي، ويطول الحديث عنها، ومهما قيل عن ندرة هذه الظاهرة يبقى احتمال حدوثها -حتى بنسبة واحد إلى الألف- أمراً يثير الفزع ويستحق المراقبة والاهتمام.. فكان لنا هذا التحقيق للوقوف على هذه الظاهرة في الأردن .
بعض التقارير أشارت إلى أنه من المفضل دفن الميت بعد 36 ساعة، من اعلان حالة الوفاة، وهو ما رفضه رئيس المركز الوطني للطب الشرعي قيس القسوس، حيث أن لا يوجد في الطب العالمي شيء من هذا القبيل.
ويقول القسوس لـ”الاصلاح”، أن دفن المتوفي لا يتم إلا بتصريح دفن، ويأخذه أهل المتوفي، ويعطى للمسؤول عن المقبرة، وهو ما يسهم في تجنب وقوع مثل تلك الحوادث، مشيرا إلى أن هناك تشخيصات وطرق تتبع من قبل الطبيب المختص للتأكد من حالة الوفاة، كترسب الدم على الأجزاء السفلية للجسم، والتخشب (تصلب العضلات)، وتغييرات في العين كعدم استجابة البؤبؤ للضوء، وتعفن الجثة .
ويبين أن وقوع مثل تلك الحوادث، يكون لعدم تشخيص حالة المتوفي بالطريقة الصحيحة من قبل الطبيب، كإن يدخل المريض في غيبوبة شديدة، موضحا أنه حتى وإن دفن الشخص حيا فمن الصعب عليه أن يخرج من قبره، نظرا للطريقة التي يدفن بها الأموات في الأردن، والتي تجعل من المستحيل خروج أحدا منها .
الشيخ شاكر العاروري، أكد لـ”الاصلاح” أن رسول الله كان يأمر الصحابة بتعجيل دفن موتاهم، منوها الى الخطأ الذي يقع به المسلمون باعتقادهم أن مقولة “اكرام الميت دفنه”، هي حديث عن رسول الله، وأنما هي معاني نسجها اشخاص لتشديد رسول الله على التعجيل بدفن الموتى .
ويبين أنه من الخطأ تأخير دفن الموتى، حتى وإن حدث وكان هناك تشخيص خاطئ من قبل الطبيب بإعلان حالة الوفاة، لأن تأخير الدفن وإبقاء الجثث بين أهلها، من شأنه زيادة الألم والمشقة على أهل المتوفي، وظهور المفاسد والفتن .
ويتابع أنه يمكن تأخير دفن المتوفي، في حال وجود اسباب تستدعي ذلك، موضحا أن فرصة وقوع تشخيص خاطئ للوفاة قليلة جدا، في ظل تطور العلم ووسائل التكنولوجيا .