الوقت يداهم الجميع؛ الحكومة والنواب والهيئة المستقلة للانتخاب. وهناك لدى أوساط صناعة القرار خشية من انقضاء ما تبقى من عمر الدورة البرلمانية دون إنجاز قانون الانتخاب، الأمر الذي يعني عدم الوفاء بوعد إجراء الانتخابات النيابية هذا العام.
لهذا، يشعر مسؤولون في الدولة بالحاجة إلى ممارسة أكبر قدر ممكن من الضغط الإيجابي لتسريع مناقشات مشروع القانون تحت القبة، لإقراره قبل يوم الخامس والعشرين من الشهر الحالي.
لكن الوقت لا يمثل التهديد الوحيد للاستحقاق الانتخابي؛ فثمة قلق حقيقي من خطر مقاطعة قوى أساسية للانتخابات، أهمها الحركة الإسلامية، في حال لم يرضها القانون.
الدولة، إذن، أمام تحد مركب: إنجاز القانون، وضمان مشاركة الجميع في الانتخابات.
التحديان متداخلان إلى حد كبير، لكن الفوز بهما يتطلب العمل على عدة مسارات.
المسار الأول، هو تحفيز النواب على تسريع مناقشة وإقرار مواد القانون. وفي الأثناء، يتعين العمل على مسار مواز يتمثل في حوار جانبي مع القوى الأساسية للتوافق على نظام انتخابي مقبول بحده الأدنى.
لا يمكن ترك هذا الموضوع للنواب وحدهم؛ فبالأمس نقل الزميل جهاد المنسي في “الغد” عن أوساط نيابية مقترحا لنظام انتخابي أسوأ ألف مرة من ذلك الذي تضمنه مشروع حكومة عون الخصاونة.
والمؤسف أن الأطراف الأخرى في الدولة لم تتفاهم بعد على نظام انتخابي بديل. وإذا استمرت الحال على ما هي عليه، فنحن أمام احتمالين خاسرين: الأول، أن يقر النواب ما يرونه مناسبا بالنسبة لهم، وهذا يعني مقاطعة قوى عديدة للانتخابات. والثاني، أن يؤدي الفشل في الاتفاق على النظام الانتخابي إلى تعطيل إجراء الانتخابات هذا العام.
لتجنب مثل هذه النهاية لمسار الإصلاح في الأردن، يتعين على الأطراف المعنية في الدولة والمعارضة أن تتصرف بحكمة ومسؤولية، وتبادر إلى حوار سريع للتفاهم على قانون الانتخاب.
توفرت في الأيام الأخيرة مؤشرات إيجابية على تطور في هذا الاتجاه، وتبادل وزراء في الحكومة وقياديون في الحركة الإسلامية تصريحات تظهر رغبة الطرفين في تجاوز حالة القطيعة.
على الدولة أن تبادر إلى مثل هذا الحوار، لكن يتعين على الحركة الإسلامية تحديدا أن تتجاوب بدون أي شروط مسبقة كما فعلت عندما طلب مسؤول رفيع في الدولة، قبل مدة، لقاء قادتها وفوجئ بما يمكن وصفه “إملاءات” من طرف الحركة الإسلامية قبل الشروع في أي حوار.
إنجاز الإصلاح السياسي بنجاح ليس مصلحة للدولة فقط، بل وللمعارضة، فهو الطريق الوحيدة التي تمكنها من الوصول إلى مؤسسات صناعة القرار بطريقة ديمقراطية، وتطبيق ما ترى فيه مصلحة البلاد والعباد.
البلاد تواجه أزمة اقتصادية عصيبة، وحالة الاستقرار باتت من الهشاشة إلى درجة لم تعد تحتمل صدمات إضافية وإخفاقات سياسية.(الغد)
fahed.khitan@alghad.jo