كتب: حسين بني هاني/
يبدو ان الانتخابات في العالم العربي، تحولت بعد الربيع لدى عامة الناس المتشوقين للحريه، والذين اضناهم الفقر والظلم الى طقس عباده، يظهر به المؤمن مدى حبه لربه وولائه لدينه، اكثر مما يلتفت فيه الى معاناته وهمومه اليومية، وما جرّ عليهم الحكم المطلق، والانفراد بالسلطه، من ويلات لم تنفعهم فيها الدعوات الصالحات، الا عندما قرروا ان يخرجوا للشارع، ويرفضوا الظلم، ويغيروا ما بأنفسهم ليغيروا ما على الارض.
لقد غدت الديمقراطيه، وللاسف، وكانها خيار بين الايمان والكفر، وبدأ المقياس للصلاح في قياده الناس، عبر مزج الدين بالسياسة، بشكل اصبحت فيه الديموقراطيه وكأنها مفاضلة مقصوده، بين الإله جلت قدرته، ومتطلبات الحياه التي امرنا الله ان نسعى في الارض من اجل توفيرها، والحفاظ عليها.
لقد نجح البعض في تصوير الديموقراطيه وكأنها معركه بين الحاكم وربه، وليس بين المضطهدين من عباده الصالحين، واولئك الذين صادروا خيرات الاوطان وانتهكوا حرمات ابنائه على الارض، وصوروا الخلاف وكأنه بين الخالق والعبيد، وليس بين الاسياد والرعيه، الذين تم استعبادهم لعقود بغير حق، بسبب غياب الحكم الرشيد.
للاسف، فقد ظن الناس بعد الربيع، خاصه اولئك المسكونين بعقده الظلم ان ملاذهم الوحيد، هو الاتكال على من اسبغوا على انفسهم صفه وكلاء الله على الارض، من اجل اقالة عثراتهم، وبدا المشهد، لمن ينظر الى السياسه بعين الدنيا، ان الوضع هو اشبه ما يكون بزفرات الموت الاخيره لعصر ما بعد الربيع، حيث غدت المفاضله معقودة بصوره جليه، لبناء مفهوم الدوله، بين مبدأ ماقبل العلم والحداثه، وبين تأسيسها بموجب عقد اجتماعي جديد، يتضمن كل معطيات العصر وتجلياته الحديثه.
المشكله ان التؤامة، بين السياسه والدين،لا تطعم الجياع خبزا، ولا الاتقياء عسلا، ولكنها ربما تدفع للسلطه، عشاق لها باثواب رهبان، فإذا بدا ان همهم هو الناس وحاجاتهم ،والدنيا ومتطلباتها، فإنهم سيكونون اقرب الى السياسه منه الى الدين، وإذا كان همهم الآخره وحسب، فإنهم سيخسرون الناس حتما، لأن الجنه التي يأملون فيها، ويدخلها الناس عادة بالعمل الصالح، وليس بالنوايا الحسنه، علمها -اذا ظُلِم الناس في عيشهم- عند الله فقط، وهم يعلمون، انه وحده العليم الخبير.