بداية، تجدر الاشارة الى ان الاستثمارات الكويتية في المملكة الهاشمية تعد الاولى عربيا، وباتت تقدر بأكثر من 10 مليارات دولار في عدد كبير من القطاعات، بالاضافة الى استثمارات اخرى في سوق عمان المالي. هذه المبالغ الكبيرة كانت تدفقت على نحو كبير خلال العقد الماضي مستبشرة خيرا بالدعوات الرسمية الاردنية للاستثمار في المملكة، مع وعود بتشجيع واعفاءات ودعم على عدة مستويات. الا ان هذا التدفق تباطأ خلال الفترة القليلة الماضية.. حتى انه اليوم شبه متوقف الآن بسبب مشكلات يرد مستثمرون كويتيون اسبابها الى سوء اصاب مناخ الاستثمار هناك. وقد سدت امام البعض سبل مراجعة السلطات لحل ازمات بدأت صغيرة، فاذا بها تتفاقم لتهدد معظم الاستثمارات الكويتية.
وتقول مصادر أردنية: ”ليس الوقت مناسباً أبداً لمثل هكذا أزمات. فالأردن في أمس الحاجة الآن إلى الاستثمار الأجنبي عموماً والخليجي خصوصاً، في ظل تعقيدات سياسية وأمنية تحيط بالمنطقة عموماً. ويفترض بالمملكة أن تتحول إلى ملاذ آمن للاستثمار، فإذا بالبعض يتصرف خلاف ذلك”.
وتضيف: ”توقعنا من السلطات والجهات التي يشكو منها مستثمرون كويتيون أن تسعى إلى حل المشكلات بهدوء ومسؤولية، فإذا بها تعرض عن ذلك وتتعنت في أسلوب اللامبالاة وتمعن في الإعراض عن سماع الشكاوى.. لا بل ترفض أي إقرار بالخلل، علماً أنه موجود”.
مستثمرون متضررون من هكذا مناخ غير موات، أشاروا إلى عوامل عدة باتت تشكل أرقاً يومياً بعدما تفاقمت إلى حد كبير. ومن هذه العوامل ما يلي:
1 – ثمة نزعة لدى بعض الدوائر للسيطرة على استثمارات في ما يشبه التأميم. فهي تتذرع بأضعف الحجج، حتى تظهر كما لو أنها حريصة على المال العام، متناسية أن عصور التأميم ولت، وأن هكذا ميول لا توصل إلا إلى طريق استثماري مسدود.
2 – جهات ودوائر رسمية تتراجع عن عهود وعقود ووعود دعم كانت قطعتها على نفسها لجذب الاستثمار، علماً أن مستثمرين ما أقدموا على الاردن الا بعد السؤال عن الحوافز التي تشجعهم على توظيف أموالهم، فإذا بتلك الحوافز تسلب منهم، لتنقلب الجدوى رأسا على عقب من قيمة مضافة الى خسائر.
3 – تعشش هنا وهناك بيروقراطية مملة واجراءات طويلة ومعقدة لا تليق ببلد يسعى لجذب الاستثمار الاجنبي، فما تبذله السلطات العليا من جهود، ينسفه آخرون في السلطات الادنى، فيدخل المستثمر في متاهة لا خروج منها الا بشق الانفس، هذا اذا خرج.
4 – الى ذلك، هناك فساد يمارسه بعضهم بلا وجل وعلى المكشوف احيانا، اذ وجد مستثمرون أنفسهم أمام حالات لبس فيها لاجبارهم على ما ليس في الحسبان، حتى ان بعضهم احتار أين يذهب، ليقدم شكاوى تنصفه من هكذا ممارسات.
5 – تتعدد الجهات التي تدعي دعم المستثمر الأجنبي، وتسهيل مهامه، حتى انها تتضارب أحيانا كثيرة ويعطل بعضها بعضا، ولم يفلح الأردن حتى الآن في ايجاد جهة واحدة تعنى بتشجيع الاستثمارات، رغم الوعود بذلك، ورغم وجود هيئة معنية، الا ان واقع الحال يشير الى تخبط وتشابك صلاحيات.
6 – ثمة قوانين وتشريعات لها تفسيرات مختلفة لا سيما تلك التي تنص على اعفاءات ضريبية وجمركية، فبعض المستثمرين وجدوا انفسهم في معمعة لا يستطيعون فيها الافادة من اي من تلك الاعفاءات التي ما استثمروا لولاها.
7 – تبقى الاشارة الى ان عدم الاستقرار الحكومي بتغيير شبه دائم ومتواصل، يؤدي في غالب الاحيان الى ضياع المسؤوليات، ان لم نقل ضياع الحقوق لا سيما حقوق المستثمر الاجنبي عموما والكويتي في حالات باتت معروفة.(القبس)