لن نطلق شعارات برّاقة وندّعي أننا سدنة حرية البلاد وصوت العباد الأوحد ووجه الإعلام المشرق وعباقرته الجدد فنهدم ماضي مؤسسة كانت وستبقى صوت كل أردني منتمٍ للولاية الدستورية الشرعية منذ
عبدالله الأول إلى عبدالله الثاني وما بينهما من صفحات مشرقة وبناء متماسك نشيّد عليه ولا نهدمه.
نقول ذلك ونحن في الرأي اليوم نتفيأ ظلال عيد الرأي الحادي والأربعين التي صدرت في الثاني من حزيران عام 1971 وبشائر تركيب مطبعتها الأكثر تطوراً في المنطقة تبدأ مطلع الشهر المقبل على أيدي ألمان يدربون شباناً أردنيين أقبل أياديهم الممزوجة بعرق الحبر وورق الـ»رولات» بملابسهم الزرقاء الجميلة كل صباح، كان لهم الفضل الأول في إصدار «الرأي» منذ قيامها حتى اللحظة، فهم الجنود المجهولون وقطب الرحى في بناء المؤسسة ونجاحاتها إضافة لكوكبة الصحفيين المندوبين والمحررين والكتّاب والفنيين والمفكرين وأسرة ولا نقول «عشيرة الرأي» التي بقيت متماسكة تلتحم كلما واجهت أي إعصار أراد تحريك ثوابتها المهنية ونجاحاتها الصحفية والوطنية المسؤولة.
كان الهاشميون دوماً نصير الرأي وحريتها وما زلت اذكر ذلك النقاش الحاد الذي جرى بين زملاء ورئيس تحرير أسبق – أحب تمرده من كل قلبي – أمام الملك الراحل الحسين في مكتب عميدها المرحوم محمود الكايد وكيف انتهى الأمر بإعادة الأمور إلى نصابها بعد وقت قصير نصرة لحق من ظلموا ربما بقرار حكومي ما زال يذكر في تاريخ الصحيفة وأوراقها على أنه مفصل مهم.
وللتاريخ فقد كنت شاهداً على مناكفات كثيرة جرت في الرأي ولم أكن جزءاً منها وبقيت صامتاً كي لا أذهب كما ذهب غيري، إلا بعدما قوي عظمي واشتد لحم كتفي من خير عملها، فأصبحت شريكاً رئيساً في فصول أظنها حميدة لا مجال لذكرها في مناسبة كهذه.
لا يمكن لأيٍّ منا أن ينكر دور كل الذين أسسوا الصرح من الأوائل المرحومين بإذنه تعالى جمعة حماد وسليمان عرار ورجا العيسى ومحمود الكايد وأطال الله في عمره محمد العمد.. ومن سبقهم أيضاً.. ورؤساء تحريرها الأساتذة الأفاضل الكبار ومديريها العامين ورؤساء مجالس إدارتها وكتابها ومساهميها وقراء حرفها الدائمين.
لندع الماضي قليلاً ونتحدث عن المستقبل فـ»الرأي» كانت وستبقى شعلة حقيقة للإنسان الأردني؛ تحمل همومه، وتنقل رأيه ما استطاعت، وتذود عن الحِمى وتمنع الأذى من أن يصيب بلدنا ووجهه الآمن المستقر بفضل الأوفياء لاستقراره ومصلحتهم وإيمانهم بهدوئه وانتظامه.
«الرأي» لن تخرج عن نص دورها الحرفي والوطني الملتزم ولن تكون مطيّة لأحد إلا لمن يخدم هذا الوطن والأمة؛ ترفع راية الإيمان بتطبيق الدستور وأخلاق الكلمة وخطورة انحرافها عن مسار الكون بلون أو إثارة لفتنة أو انشغال بقضية جانبية تهدم وحدة السلم الأهلي أو بتغطية لا تخدم أغلبية الشعب الساعي لوطن مستقر، أيامه القادمة أنصع بياضاً من لياليه القليلة في تاريخه التي كادت أن تقودنا إلى انقسام وتشتت يخدم الأعداء وفئات التضليل والابتزاز السياسي والسلطة بعين واحدة التي لا ترى إلا نفسها أو حزبها أو طريقتها في الإدارة والحكم غير الراشد ولا الرشيد أو بإرشاد من هناك أو أبعد ربما.
نعد أن نبقى للجميع.. أي جميع يتفق مع رؤى الأردن وثوابته الراسخة منذ بعيد ويدعو له بالهداية والصلاح والإصلاح والبطانة الطيبة لا ينقلب عليه لمصلحة أو كرسي أو مال.. وأي جميع يرى أن الجمع إلتفوا حول رشيد منّا كان ومازال فينا نلجأ إليه، لأنه الفيصل الذي لا ينظر إلا بعين المصلحة والمآل الصالح وحماية المنجز والمصير من إزاحات بعضنا إلى هاوية، أو نفس أمارة بسوء منقلب، وروح وثّابة للانقضاض على شرق يخدم في النهاية ساكناً عبرياً متأهباً في غرب إلا إذا كان شريكاً أو وكيلاً أو راعياً له لا قدر الله ولا كتب.
الصحيفة للدولة بعرشها الشرعي وشعبها وحكوماتها ومؤسساتها، وسنبقى نربط حصانها في مكانه الصحيح الذي يضع همّ الناس أولاً ويعي مؤامرة فيكشف خيوطها بشجاعة الرأي وشجعان كتابها ومحرريها ومندوبيها والعاملين بها وناسها في كل بقعة من بقاع الأردن الواحد المؤمن بوحدة ترابه وعشيرته وأهله ومليكه لا انفصام ولا انفصال عن وثيقة عهده الأولى.،
بداية عهد جديد وهمّة جريئة.. و كل عام وزميلات وزملاء الحرف منذ التأسيس إلى اليوم بألف خير وكل عام وسيد البلاد وأهلها من كل منبت ومشرب بصحة وأمن واستقرار.. والله وحده من وراء القصد.(الرأي)