لم يطفئ الطفل إبراهيم جابي الفقس الشمعة الرابعة من عمره، فقد ناب الاستهتار والطيش عن إطفاء شمعة عمر الطفل إلى الأبد.
بالقرب من شارع مكة، وفي أحد الأحياء الهادئة، التي لا يدنّس هدوءها، بحسب سكّان المنطقة، سوى أصوات سيارات يقودها مراهقون بلا حسيب أو رقيب، حتى اصطلح على تسمية الشارع بين الجيران بـ شارع التخميسات، قضى الطفل إبراهيم.
فمع ظهيرة يوم الخميس الماضي، والطفل يهمّ بالتحضير للاحتفال بعيد ميلاده الرابع، قامت سيارة يقودها شاب عشريني، بدهس الطفل ووالده على بعد أمتار من منزله، فقضى الطفل، وأدخل والده المستشفى.
وفي التفاصيل التي رواها جابي الفقس، والد الطفل الوحيد للعائلة، أنه كان يستعد لقطع الشارع، ممسكا طفله بيده، حتى استرعى انتباهه أصوات فرامل سيارة فقد سائقها السيطرة عليها، ليدهسه هو وفلذة كبده.
وأضاف الفقس:إن السيارة ألقت طفله بعيدا عنه، فاستغاث بعد الضربة بمن يجد له ولده، الذي ألقته السيارة عشر أمتار، خلف سور منزل مجاور، لم يسلم هو الآخر من الحادث، لينهار السور فوق الطفل الصريع.
وقبل ترك جابي، الذي تم تجبير ركبتيه، تحضيرا لعملية جراحية معقّدة، قال الوالد المكلوم وقد ذرف دموع الحرقة على ابنه أريد ولدي.
عبير والدة الطفل، قالت بعد أن استجمعت قواها: خرجت على صوت جابي، ينادي الولد الولد، فخرجت ملهوفة، لتجد ولدها تحت أنقاض السور، وقد تضرّج بالدماء.
وأضافت كنت مع ابني عندما لفظ آخر أنفاسه، وأطباء الطوارئ في المستشفى ينقلون لي حالته دقيقة بدقيقة، حتى جاءه الموت.
وروت عبير آخر أمنيات طفلها الوحيد، بالذهاب إلى المدرسة، والتعلّم، وتحضيره للاحتفال بعيده الرابع، وقالت تبددت أماني إبراهيم بسبب الطيش والاستهتار.
وتساءلت أين المفر من حوادث السير، فقد كان زوجي وابني على بعد خطوات من الرصيف، يهمّون بقطع الشارع، كنا نمنّي النفس بعيد ميلاد مميّز، لطفلنا الوحيد، فلم يكتب لنا حتى التحضير لعيد الميلاد الأخير.
وفي الأردن، تظهر الإحصائيات الرسمية أن عدد الوفيات الناتجة عن الحوادث المرورية في الأردن بلغت خلال السنوات العشر الأخيرة ما يقارب 7084 حالة وفاة فيما تجاوز عدد الجرحى أكثر من 175 ألف جريح، أما الخسائر المادية فهي بالملايين.
جيران أهل الطفل الوحيد لم يكونوا غائبين عن الرواية، وقالوا والحسرة تملأ قلوبهم:إن شارع التخميسات بات يؤرق كل سكّان الحي، عبر قيام مجموعة من المراهقين، بقيادة السيارات، والاستعراض بها، وإطلاق أبواق السيارات ليلا، والأغاني، في ظاهرة لا تلقى تأييدا من أحد.
وأشاروا إلى أن السيارة السياحية، ذات لوحة الأرقام القديمة، رغم انتهاء المهلة المخصصة لتبديل السيارات، لم تترك آثارا لفرامل في الشارع، مما يعني أن السائق فقد السيطرة عليها، مُقدما بكل سرعته على دهس إبراهيم وجابي في آن واحد.
وتساءلت جدة الطفل.. إلى متى هذه الظاهرة!!
وقالت كنّا نشاهد مآسي الحوادث ونقرأها عبر وسائل الإعلام، واليوم ضربت المأساة عائلتنا، ومن يدري، ربما تكون الحلقة القادمة في منزل قريب أو عزيز علينا.
وناشدت المرأة الستينية الشباب أن يتقوا الله في أنفسهم، وفي أرواح أبناء الوطن، وأن يكونوا معاول بناء لا هدم.
يذكر أن أبطال مسلسل حوادث السير في الأردن، هم من الأطفال والشباب، فبحسب الاحصائيات والحقائق المرورية المفزعة، فإن الأطفال دون سن 17 عاما شكلوا ما نسبته 25% من وفيات حوادث المرور، وان السائقين ضمن الفئة العمرية 18-20 شكلوا أعلى نسبة للسائقين المشتركين في الحوادث المرورية أي 9ر34% من مجمل عدد الحوادث المرورية.
.jpg "صورة Ġiяl 91 الشخصية")