موظفون بلا حياة
زينب علي البحراني
كثيرًا ما نقرأ ونسمع عبر وسائل الاتصال الجماهيري عما يسمونه "الحياة الوظيفية"، بينما لا نسمع ولا نرى على أرض الواقع المنظور غير ما يستحق أن يسمى "الوفاة الوظيفية" في عدد يصعب حصره من مؤسسات القطاعين؛ الخاص والعام. مشكلة الوظيفة الروتينيّة، خصوصا حين تكون مع زملاء خاملين، ومديرين غير مبالين، ومكان يود العامل فيه لو يخلع جلده فرارا منه كلما دخله، أنها تفقده إحساسه بإنسانيته، وأحلامه، ومذاق الحياة الجميلة خارج تلك السياج. إنها تسمم روحه ببطء، وتحوّله إلى جثة تتنفس، مخلوق آلي يأتي، يوقع، يتعذب، ثم يتنفس الصعداء قبل أن يشير عقرب الساعة إلى موعد إطلاق سراحه بدقائق. والأسوأ من هذا أن يُبتلى الموظفون برئيس مباشر لا يهمه إلا نفسه، ولا يفكر إلا بمصالحه. يحتكر كل فرصة لتحسين بيئة العمل وتطويرها بين جدران مكتبه لا تتجاوزها إلى مواقع عمل مرؤوسيه! هذا غير الإهانات، ومحاولات السخرية، والتحقير، والانتقاص من شأن الموظف الذي قد يكون أحيانا أكثر ذكاء وموهبة من رئيس تبوأ مكانته تلك بضربة حظ طائشة! أو موظف يستحق اعتباره – في أسوا الأحوال- إنسان تليق به المعاملة الإنسانية لئلا تتحول طاقاته المهنية إلى طاقات تخريبية انتقامية.
تلك البيئات الوظيفية خلايا سرطانية خطرة في جسد أي بلد، وهي السبب في أسوا اشكال الهدر الإنساني والتنموي الذي أشار إليه الإعلامي "سليمان الهتلان" مرة بقوله: "من أسوأ أشكال الهدر أن ترى إنسانا مؤهلا مبدعًا و قد زج به في الوظيفة الخطأ، تلك التي تحوله لاحقا إلى"روتيني" يخاف من ظله". أما أنا فأقول: مهما كان أو يكون؛ لا تتخل عن حلمك بالتقدم وتطوير حياتك المهنية مهما ساءت الظروف يا صديقي الموظف، فأنت رئيس نفسك قبل أي مخلوق آخر.
للتواصُل عبر تويتر:
Twitter @zainabahrani
