الاصلاح نيوز /
لغة التحدي كانت واضحة الملامح عند النشط الحراكي الشاب في الأردن نهاد زهير بعد أسابيع قليلة من مغادرته السجن فعلى صفحته على الفيسبوك نشر الشاب دعوة جديدة للتظاهر أمس الأول مع العبارة التالية: الشعب قرر قرارا.. لن ترفع الأسعار.
وتلك بطبيعة الحال لغة حاسمة في تحدي سلطات الحكومة تحاول تنشيبط خلايا الحراك التي نامت قليلا في الأونة الأخيرة تحت وطأة العنوان الإقتصادي والمالي الذي تواجهه البلاد حيث يسعى زهير ورفاقه في الحراك الشبابي حتى بعد إعتقالهم وإيذائهم وتهديدهم كما يقولون إلى بعث الروح مجددا في مستوى الحراك الشعبي .
ووفقا للكثير من الخبراء توفر مسألة إرتفاع الأسعار أرضا خصبة لتنشيط الحراك الشعبي الذي عانى من سلسلة مشكلات أعاقت حركته فيما يرى المحلل السياسي والنشط الفعال حراكيا الدكتور موسى برهومه بأن الحراك متواصل ويتنظم مصرا على مفاجآت في الطريق قريبا ومحذرا من إستسهال الكلام المضلل عن إنتهاء الحراك كظاهرة شعبية وسياسية .
وعلى هذا الأساس يستعد كثيرون وعلى أكثر من جبهة لإعادة إنعاش وإحياء مظاهر الحراك الشعبي تحت لافتة الأسعار وهو عنوان يمكنه إستقطاب فئات عريضة من المجتمع لا تؤمن بالأجندات السياسية ولا تهتم بالإصلاح السياسي لكنها تشكل قاعدة عريضة من المتضررين من رفع الأسعار كما يلاحظ الناشط الحراكي محمد الحديد وهو يؤكد بأن السلطة واهمة إذا إفترضت أنها تستطيع رفع الأسعار مراهنة على صبر المواطنين وبدون حتى معالجة جدية لملفات الفساد المعلقة.
وفي هذا السياق بدأت جماعة الأخوان المسلمين بالتمهيد لركوب موجة إرتفاع الأسعار وتسييس الموقف الداخلي عبر تصعيد دور لجانها الشبابية الحراكية مقابل إنكفاء حراس الجماعة القدماء وتراجع حضورهم في الشارع العام، الأمر الذي تلمسه المواطن الأردني خلال اليومين الماضيين عندما نظم شباب الأخوان المسلمين أول سلسلة بشرية رمزية إحتجاجا على رفع الأسعار في أحد شوارع العاصمة الحيوية قبل ثلاثة أيام .
بالتوازي أعلنت لجان الحراك الشبابية أنها ستعود مجددا لأكثر البؤر إثارة للجدل عبر مسيرة إحتجاجية ضد رفع الأسعار في عمق منطقة دوار الداخلية الشهيرة وسط العاصمة عمان وهو موقع تمنع السلطات تماما مجرد التفكير بتنظيم فعاليات إعتصامية وسطه بسبب حساسية المنطقة التي تعتبر قلب العاصمة جغرافيا .
ولم تعلق السلطات بطبيعة الحال على هذا الإعلان لكن أوساط الحراك الشبابية تقول أنها تسعى ليس للعودة للشارع فقط بل للتصعيد عبر التعبير سلميا عن موقفها في قلب العاصمة وتحديدا في الدوار الذي يحمل إسم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، الأمر الذي لن تمرره السلطات بصورة مرجحة لإن التجمع في مسيرات أو إعتصامات في هذه المنطقة من المحظورات تماما.
وتوحي هذه التحركات والفعاليات ضمنيا ومسبقا بأن قوى المعارضة التقليدية وتلك الحراكية قد لا تقبل المعادلة التي تحاول الحكومة فرضها على الجميع بعنوان ضرورة التمتع بالرشد والعقلانية لإن البلاد في أزمة مالية وإقتصادية هذه الأيام بمعنى أن الأولوية للوضع المالي الحرج ولمصالح الناس المعيشية وليس للإصلاح السياسي خصوصا بعد العودة للسياسات ‘الصندوقية’ نسبة إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي .
المعارضة من جانبها ترفض نظام الأولويات الحكومي وتعتبر ممارسات السلطة وغياب الديمقراطية والشفافية وتكاثر الفساد وأخطاء أو سوء الإدارة هي الأسباب المباشرة للمديونية التي إقتربت من 18 مليار دولارا ولعجز الميزانية الضخم كما يلمح رئيس مجلس الشورى في جبهة العمل الإسلامي الشيخ علي أبو السكر .
وعلى هذا الأساس تبرز مخاوف قادة الحراك من نوايا حكومية سيئة وسلبية ستحاول التركيز على أولوية الإصلاح الإقتصادي بدلا من السياسي كما يلاحظ القائد الحراكي جمال الطاهات الذي يتحدث بوضوح عن محاولات للتذاكي على الرأي العام عبر إستدعاء الوضع الإقتصادي المتأزم لتأجيل وإرجاء والتراجع عن الإصلاح السياسي علما بأن العامل الثاني هو السبب بالأول.
بسام بدارين – القدس العربي