الاصلاح نيوز- هذا السؤال اصبح برسم الضرورة وبرسم الاجابة ايضا، فلقد بتنا قريبين من تلك اللحظة وذلك على ضوء نتائج المرحلة الاولى للانتخابات الرئاسية التى حقق فيها مرشح الاخوان « حزب الحرية والعدالة» محمد مرسى اعلى الاصوات بفارق طفيف عن المرشح العلماني الجنرال احمد شفيق اخر رئيس وزراء في عهد الرئيس مبارك.
هل بات نجاح مرسى مؤكدا في ضوء نتائج المرحلة الاولى، بالطبع لا لكون الفارق بين مرسى وشفيق طفيف ومن الممكن جدا ان تصب اصوات الذين اختاروا عمرو موسى والى حد ما حمدين الصباحي لصالح شفيق وتنقلب المعادلة وتحصل المفاجأة وتصبح مصر دولة يحكمها راس علماني « رئيس الجمهورية» وجسد متدين اقصد مجلس الشعب.
في كل الاحوال يملك السؤال عنوان المقال مشروعية كبيرة وبحاجة لان نفكر بدقة في محاولة الاجابة عليه، وفي محاولة الاجابة عليه علينا التوقف عند الحقائق التالية :
اولا : مصر ليست دولة عادية يمكن لنا تجاهل ما يجري فيها او الابتعاد عنه، فهي بثقلها التاريخي وبثقلها الديمغرافي والاستراتيجي كأكبر دولة عربية وجارة لنا يشكل التعامل معها بايجابية ضرورة بكل المقاييس.
ثانيا : نحن ومصر الدولتان العربيتان الموقعتان على اتفاقية سلام رسمية مع اسرائيل وهو امر يجعلنا الطرف العربي الاكثر حاجة لمتابعة التطورات السياسية في مصر.
ثالثا : يجمعنا مع مصر الوجود القوي والمتميز للاخوان المسلمين، فلدينا في الاردن حزب جبهة العمل الاسلامي هو الحزب الاكبر، وفي مصر الحرية والعدالة وهو ايضا الحزب الاكبر هناك، ومسالة التشابه هذه قد تكون ايجابية وقد تكون سلبية ولكن الاهم انها تفرض علينا التعاطي مع التطورات في مصر باهتمام بالغ لوجود مثل هذا القاسم المشترك.
بكل الاحوال الاردن الرسمي والشعبي يحترم ارادة الشعب المصري ويحترم ارادته بالتغيير سواء اكان هناك توافق في الرؤى مع الرئاسة الجديدة او عدم وجود مثل هذا التوافق، والاردن المعروف بابتعاده عن التدخل في شؤون الغير، ونزوعه نحو سياسات بناءة في المنطقة والاقليم وابتعاده تاريخيا عن سياسة « الحرد السياسي « او « المناكفة السياسية» قادر على فتح قنوات ايجابية مع الرئاسة المصرية الجديدة تحديدا في حال اطمأن الى ان القاهرة برئيسها الجديد وحكامها الجدد لن يتدخلوا في شانه الداخلي عبر « تقوية اخوان الاردن» في وجه الدولة والدخول طرفا في معادلة « الحراك السياسي» في الاردن.
وفي المقابل فان لمصر الجديدة مصلحة في فتح علاقة ايجابية مع الاردن الذي احتضن الاخوان المسلمين وعاملهم عبر عقود طويلة معاملة مختلفة عن معاملتهم في مصر وسوريا والمغرب والعديد من الدول العربية وحولهم الى جسم سياسي لصيق بالنظام ، كما ان الاردن قادر وبفضل وسطيته وعلاقاته المتميزة مع الدول الخليجية والغرب والولايات المتحدة على «تسويق الحكم الجديد « في مصر والغاء الصورة النمطية التي اخذت تُرسم عن مصر في ظل حكم الاخوان.
لا مصلحة للاردن في الابتعاد عن مصر مهما كانت الهوية السياسية للرئيس ولا مصلحة للاخوان المسلمين المصريين في التدخل في الشأن الداخلي الاردني او استعداء الاردن، فالانفتاح وبناء القواسم المشتركة هما افضل خيارين يمكن اللجوء اليهما من الجانبين. (رجا طلب-الرأي)