استغرب فريق تقرير المجتمع المدني من التباطؤ في إغلاق بعض المراكز التي أثبتت الصورة والصوت والشكاوى المقدمة إلى لجنة “التحقيق والتقييم” في مراكز التربية الخاصة و”دور الرعاية” للأشخاص ذوي الإعاقة التحقيق والدعاوى المرفوعة من قبل بعض أسر ضحايا العنف؛ تورط تلك المراكز بالإساءة والاعتداء على الأطفال ذوي الإعاقة.
وانتقد الفريق في بيان صادر عنه الأربعاء من الإصرار على الإبقاء على عضوية المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين في لجنة التحقيق، لاسيما وأن المجلس الأعلى -كما جاء في تقرير اللجنة نفسها- يتحمل المسؤولية القانونية والأدبية مع وزارة التنمية عن ما وقع من انتهاكات وما لوحظ من تقصير في الرقابة والمتابعة على مراكز التربية الخاصة، الأمر الذي يتعارض وأبجديات معايير التحقيق المستقل.
نص التقرير
إن فريق تقرير المجتمع المدني حول حالة تطبيق اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن؛ إذ يقدر الجهود التي بذلتها لجنة “التحقيق والتقييم” المشكلة بموجب قرار معالي وزير التنمية الاجتماعية بناءً على التوجيهات الملكية السامية للحكومة على أثر الانتهاكات التي عُرضت في الفيلم الوثائقي “خلف جدران الصمت،” الذي بثته فضائية “بيبي سي”، فإن الفريق بعد متابعته لوقائع المؤتمر الصحفي الذي عقدته اللجنة في مبنى وزارة التنمية يوم الثلاثاء الماضي الموافق 29 أيار/مايو وبعد مراجعته المتعمقة للتقرير النهائي الصادر عن اللجنة والمنشور على موقع وزارة التنمية الاجتماعية؛ يود التأكيد على بعض النقاط الجوهرية على النحو الآتي:
إن الفريق يقدّر لمعالي وزير التنمية الاجتماعية سرعة استجابته لمطالبة المجتمع المدني الوزارة بالانسحاب من اللجنة ضماناً لحيادها واستقلاليتها، كما يثمن الفريق للوزير شجاعته في إعلانه تحمل المسؤولية وتقديمه لاعتذار رسمي للضحايا وأسرهم؛
الإبقاء على عضوية المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين
وفي الوقت نفسه، فإن الفريق يعاود التأكيد على تحفظه الشديد واستغرابه من الإصرار على الإبقاء على عضوية المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين في اللجنة في حين أن المجلس الأعلى -كما جاء في تقرير اللجنة نفسها- يتحمل المسؤولية القانونية والأدبية مع وزارة التنمية عن ما وقع من انتهاكات وما لوحظ من تقصير في الرقابة والمتابعة على مراكز التربية الخاصة، الأمر الذي يتعارض وأبجديات معايير التحقيق المستقل؛
التباطؤ في إغلاق بعض المراكز
إن الفريق يبدي استغرابه الشديد من التباطؤ في إغلاق بعض المراكز التي أثبتت الصورة والصوت والشكاوى المقدمة إلى اللجنة والدعاوى المرفوعة من قبل بعض أسر ضحايا العنف؛ تورط تلك المراكز بالإساءة والاعتداء على الأطفال ذوي الإعاقة؛
تجنب التحقيق مع موظفي وزارة التنمية والمجلس الأعلى
إن الفريق يرى أن تقرير اللجنة قد جاء في مجمله مخيّباً للآمال من حيث كونه قد تجنب بوضوح التحقيق مع موظفي وزارة التنمية والمجلس الأعلى وأحال في ذلك إلى وزارة التنمية الاجتماعية الجهة الواجب مساءلتها إدارياً وقضائياً جنباً إلى جنب مع المجلس الأعلى، واصفاً احتمال وجود تقصير متعمد من الموظفين المسؤولين عن منح التراخيص والرقابة والتفتيش في هذه الجهات بأنه “مزاعم واتهامات”. كما أن اللجنة أغفلت حقيقة أنه قد نما إلى علم وزارة التنمية الاجتماعية والمجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين منذ أكثر من ستة أشهر؛ وجود انتهاكات من تلك التي أظهرها الفيلم الوثائقي، وأن الوزارة والمجلس قد أنكر كليهما هذه الوقائع ولم يحرك أياً منهما ساكناً للتثبت والتحقق، فهل تم التحقيق في ذلك مع المسؤولين في هاتين الجهتين؟
التركيز على التقييم دون التحقيق
إن رسالة جلالة الملك في محتواها ومبتغاها كانت واضحةً ولا تحتمل التأويل، حيث أن مهمة اللجنة الرئيسة هي التحقيق في الانتهاكات والتنسيب بكل من تثبت مسؤوليته إلى الجهات المختصة؛ قضائيةً كانت أو تأديبية، إلا أن اللجنة لم تقم بهذا العمل على الوجه الأكمل وانصب جل تركيزها على التقييم دون التحقيق، فلماذا لم تحقق اللجنة مع المجلس الأعلى حول إبرامه اتفاقيات تعاون ودعم مع مراكز تربية خاصة تحفظت عليها وزارة التنمية الاجتماعية كما جاء في تقرير اللجنة نفسها؟ ولماذا لم تحقق اللجنة مع الموظفين والمسؤولين في وزارة التنمية الاجتماعية ممن قاموا بمنح التراخيص وأولئك الذين أنيطت بهم مسؤولية رقابة وزيارة المراكز التي “اكتشفت: اللجنة عدم صلاحيتها وارتكابها لمخالفات متعددة؟
ابتعاد اللجنة عن مهمتها الرئيسية
إن مجمل ما أورده الجدول المرفق بتقرير اللجنة من شكاوى؛ يظهر مدى ابتعادها عن مهمتها الرئيسية وانخراطها في الاستماع إلى قضايا فردية ومطالب بعيدة كل البعد عن اختصاصها ومهمتها الأساسية، كما لوحظ وجود شكاوى تشير إلى وقوع أفعال جرمية في بعض المراكز من مثل: الضرب والجرح والتقييد والضرب المفضي إلى الموت وإحداث “عاهة مستديمة”، فهل قامت اللجنة بالتحقيق المستفيض في هذه الوقائع لأحالت مرتكبيها إلى القضاء؟
عدم إشراك أصحاب العلاقة
يعاود الفريق التأكيد على خيبة أمله من الطريقة التي تم من خلالها تشكيل اللجنة؛ حيث لم تقم الوزارة بالتشاور مع الخبراء وأصحاب القضية من ذوي الإعاقة؛ لا قبل تشكيل اللجنة ولا بعده ، مكتفيةً بتخصيص ما سمته ب”يوم مفتوح” لتقديم المقترحات والشكاوى الأمر الذي يُكرس مرةً أخرى النهج الإقصائي الذي تتبناه الجهات التنفيذية وحتى بعض المؤسسات الوطنية وغير الحكومية اتجاه الأشخاص ذوي الإعاقة؛
تكريس النهج الوصائي الرعائي
إن اللغة المستخدمة في المؤتمر الصحفي الذي أعلنت فيه اللجنة عن تقريرها وتلك التي وردت في بعض فقرات التقرير؛ تعكس تجذر النهج الوصائي الرعائي النمطي الذي ينظر للأشخاص ذوي الإعاقة على أنهم وكما جاء في التقرير: “يمثلون أضعف فئة من المواطنين ولا يتمكنون من الدفاع عن أنفسهم إزاء الانتهاكات والإساءات التي يتعرضون لها…”، هذا فضلاً عمّا تردد في المؤتمر الصحفي على لسان اللجنة من أنه: “إنه لا يجب أن تعاقب هذه الفئة مرتين، فيكفي أنهم خلقوا هكذا….”، وإذ يستنكر الفريق هذه اللغة التي باتت من ركام الماضي المهجور في التعاطي مع حقوق وقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، فإنه يؤكد على ضرورة العمل على ترسيخ ثقافة التنوع وقبول الآخر من منظور مبادئ حقوق الإنسان قولاً وعملا؛
عمومية التوصيات
إن الفريق إذ يعاود التذكير بأن تقرير المجتمع المدني حول حالة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة قد تضمن جملة من التوصيات على صعيد السياسات والتشريعات في مختلف طوائف الحقوق للأشخاص ذوي الإعاقة، ينوه إلى أن توصيات اللجنة في مجملها جاءت عامةً وفضفاضةً لم تلامس مكمن الداء في منظومة السياسات والاستراتيجيات وعدم تضمين قضايا وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وحتى في مجال التوصيات الخاصة بتفعيل بعض النصوص ومعايير الجودة، فإن اللجنة قد أغفلت حقيقة أن هذه النصوص وتلكم المعايير في جلها تحتاج إلى مراجعة وإعادة صياغة قبل تفعيلها؛ نظراً لعدم توافقها مع مبادئ وأحكام اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة؛
إن الفريق إذ يتطلع إلى تحقيق ما صرح به معالي وزير التنمية الاجتماعية في المؤتمر الصحفي من أن “سوف يتم ترجمة توصيات اللجنة إلى برامج وسيتم اتخاذ خطوات ملموسة في القريب العاجل على مستوى كوادر الوزارة وأقسامها ومديرياتها”، ليحث ضحايا العنف وأسرهم على استخدام حقهم في التقاضي ضد الفاعلين الأصلين في المراكز التي تم فيها عمليات الانتهاك وضد الجهات التنفيذية ذات الصلة، وفي هذا المقام، فإن الفريق على أتم الاستعداد لتقديم المشورة لكل من يرغب في استخدام حقه الدستوري في التقاضي؛ بوصف ذلك جزءً من جهود المدافعة وكسب التأييد التي نذر الفريق نفسه من أجل تعزيزها وتوطيدها في حلبة الإعاقة.