أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في JO1R FORUM | منتديات شباب و صبايا الأردن، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

كرت المؤن?. أسرار مباحة

رواية تسجيلية لأحداث عايشتها، حدثت في مخيم البقعة وتحدث في باقي المخيمات الفلسطينية، محورها “كرت المؤمن” الذي تمنحه للاجئين وكالة



26-05-2012 02:41 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 17-10-2011
رقم العضوية : 47,196
المشاركات : 7,158
الجنس :
قوة السمعة : 429,526,866
رواية تسجيلية لأحداث عايشتها، حدثت في مخيم البقعة وتحدث في باقي المخيمات الفلسطينية، محورها “كرت المؤمن” الذي تمنحه للاجئين وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، والذي شكل عصب الحياة لغالبيتهم على مدار سني عمر الوكالة الممتد من العام 1948 وحتى اللحظة، وافرز وجوده ظواهر اجتماعية اقتصرت على المخيمات دون غيرها من التجمعات السكانية.

زواج بحكم كرت المؤن

كمن يقادُ إلى تنفيذ حكم الإعدام، دخل إلى الغرفة الصفية، ووقف إلى جانب المعلم صامتا، تبعته والدته بمشية متثاقلة، وقفت بينه وبين المعلم.

دار حوار سريع، كان المعلم خلاله عصبياً يوجه كلاماً قاسيا للام وابنها، اكتفى الابن خلاله بالصمت والتحديق للطلبة الذين تركت نظراته الخوف في قلوبهم، فيما قامت الأم بوظيفة هز الرأس ، وترديد عبارات : ” الله يجبر بخاطرك، الله يوفقك، والله حكيك صحيح بس انت عارف الوضع”.

غادرت الأم، وبقي الابن، طالباً جديداً في الرابع الإعدادي (ب)، في مدرسة ذكور البقعة الإعدادية الأولى.

نهره المعلم، قال له : ” روح اقعد في الأخير”، تقدم الطالب الجديد قاطعاً الممر الضيق بين المقاعد صوب مقعده في آخر الغرفة الصفية، بخطوة ذات وقع عال، وقد جذب في مشيته انتباه عيون الطلبة الذين انكمشوا في مقاعدهم يرمقونه.

كان شابا فارع الطول، صاحب بنية قوية وعضلات مفتولة، وأضفت سمرته إلى قسماته الحادة الكثير من الرهبة، وقد تيقن جميع الطلبة في داخلهم، وأكدت ذلك نظراتهم المتوترة، ان الطالب الجديد الذي يكبرهم بـ 4 سنوات، نتيجة رسوبه المتواصل بداية من الصف السادس الابتدائي وحتى الثالث الإعدادي سيكون زعيم الشعبة الصفية بلا منازع.

حط في مقعده الأخير، عيون الطلبة نحوه إلى الخلف، وقد انقلبت جغرافيا الغرفة الصفية 180 درجة، مضت فترة صمت قليله قطعها صوت المعلم ناهرا الطلاب، ” الكل يطلع قدام”، ثم تابع موجها كلامة إلى الطالب جديد ” قوم وعرف عن حالك”، وقف الطالب الجديد (الزعيم الجديد)، وقال بصوت مرتبك : ” اسمي خميث”، فاستدرك المعلم بعد أن طلب منه الجلوس ” خميس”.

سرت الطمأنينة في قلوب الطلبة، ولم يحتاجوا سوى الى وقت قصير كي يعرفوا أن “خميث” ( أي خميس)، ليس اكثر من طالب هامشي، يخفي حضوره المفاجئ قصة عنوانها ” كرت المؤن” باح بها لزملائه الطلبة بعد صداقة سريعة معهم .

هو الابن الأكبر في عائلة تشكل الخدمات التي يقدمها لها “كرت المؤن” الممنوح لها من قبل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين عصب الحياة بما يوفره من مؤونة وخدمات صحية وتعليمية.

وبحسب القانون، تلغي خدمات الإغاثة التي يقدمها كرت المؤن في حال تجاوز احد الأبناء الثامنة عشرة دون أن يكون على مقاعد الدراسة وغير متزوج، وللتحايل على هذا القانون عاد خميس ( 20 عاما) إلى مقعد الدراسة حتى تسطيع العائلة ” لملمة” نفسها لتزويجه، خاصة وانه لن يستطيع مواصلة الدراسة بعد الإعدادية لضعف تحصيله الدراسي.

سريعا انقضى العام الدراسي وعادة محنة العائلة من جديد، مع عودة التهدد بقطع خدمة الإغاثة التي يقدمها كرت المؤن، مرة أخرى، حضرت الأم إلى المدرسة، وشاهدها الطلاب تستعطف مدير المدرسة وترجوه أن “يُرسب” خميس في الرابع الإعدادي، لكن رجاءها قوبل بالرفض فالقانون قي مدارس وكالة الغوث يقول: ” لا رسوب في الرابع الإعدادي”.

ما أن مضت أيام قليله على نهاية العام الدراسي، حتى بدأ خميس بعدها بتوزيع “كروت عرسه”، هذه المرة، أنه يحافظ بذلك على “كرت المؤن ” الخاص بالأسرة، كما انه سيتمكن من الحصول على “كرت مؤن” خاص به باعتباره رب أسرة جديدة، كان عرسا بلا فعاليات احتفالية، غير انه حقق هدفه بالحصول على كرت مرن خاص.

وثيقة مهمة

تمنح وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، للاجئين في دول الشتات (وثيقة)، يحصل اللاجئ من خلالها على جملة من خدمات الإغاثة، التي تشمل توزيع حصة غذائية على اللاجئين، إضافة إلى خدمات الصحة المجانية لهم وخدمة التعليم لأبنائهم من الصف الأول الأساسي وحتى الرابع الإعدادي عبر مؤسسات الوكالة المنتشرة في مناطق عملها.

ويبلغ عدد الحاصلين على ( الوثيقة) في الأردن حسب إحصاءات وكالة الغوث مليونان ومئتا ألف اللاجئ، يتوزعون بشكل أساسي على المخيمات الفلسطينية البالغ عددها 13 مخيما معترفا به.

وعدلت الوكالة في السنوات الأخيرة اسم الوثيقة التي عرفت منذ نشأت الوكالة في نوفمبر/ تشرين الثاني 1948 باسم “كرت المؤن” ليصبح اسمها “كرت تسجيل”، وذلك حفاضا على كرامة اللاجئ، حد وصف المنظمة الدولية، لكنه تعديل لم يخرج من إطار الكتب الرسمية، وبقي الاسم المتداول بين جمهور اللاجئين.

وإضافة إلى المكتسبات التي يتحصل عليها اللاجئ من خلال كرت المؤن، والتي شهدت تقليصا مبرمجا على مدار السنوات الطويلة، فان كرت المؤن يعتبر دليلا على اللجوء ووثيقة تثبت اللاجئ هويتة الفلسطينية بغض النظر عن الجنسية التي يتحصل عليها في بلاد الشتات.

وحسب قانون وكالة الغوث تحسب خدمات الإغاثة الممنوحة بموجب كرت المؤمن من العائلات التي يتجاوز احد أبنائها الذكور الثامنة عشرة من العمر دون أن يكون على مقاعد الدراسة وغير متزوج، فيما يبقى كرت المؤن مجرد وثيقة تثبت اللجوء مع الحفاظ على خدمة التعليم والصحة للاجئين وأبنائهم.

التاجرات السمينات

في مخيم البقعة، وفي المخيمات الفلسطينية المنتشرة في الأردن، برزت ظاهرة متصلة بكرت المؤن، هي تجارة المؤن والتي غالبا ما سيطرت عليها النساء دون معرفة سببا لغياب الرجال بشكل واضح عن هذه التجارة المربحة التي حققت الثروة للمشتغلات فيها.

أهالي المخيم يرجعون تفوق النساء على الرجال في تجارة المؤن إلى قيام نساء المخيم باستلام المؤونة الشهرية، ما يجعل التواصل بينهن وبين التاجرات أسهل واكثر أمانا من التواصل مع الرجال، لا سيما في ظل مجتمع محافظ، كان ولا يزال إلى حد ما ينظر بعين الريبة إلى التعامل بين الرجال والنساء.

تاجرات المؤن – غالبا كن سمينات- يتواصل عملهن على مدار الشهر ولا يقتصر على يوم تسليم الذي كان شهريا فيما مضى واصبح اليوم ربع سنويا.

ويتراوح نشاطهن بين شراء ما يتحصل عليه اللاجئون من مواد غذائية يوم التسليم، حيث يبدأن رفقة معاونين كثر بمطاردة كل من يستلم حصته الغذائية عارضات شرائها وفقا لقوانين العرض والطلب التي تحكم سعر المواد الغذائية في حينه، وفي كثير من الأحيان يقمن بشراء الكرت بمبلغ مقطوع ويتوكلن هن بمهمة استلام المؤونة من مركز التسليم.

أنهن كذلك، يشكلن مقصدا لفقراء اللاجئين بهدف الاقتراض خلال الفترة الممتدة بين مواعيد التسليم والضمانة معروفة سلفا، كرت المؤن وما سيجود به المانحون في موعد التسليم القادم.

بقايا مهرجان

في سنوات خلت كان يوم توزيع المؤن مهرجانا صاخبا للاجئين داخل المخيم، يحضر له المستفيدون انفسهم قبل أيام من الحدث الذي كان شهريا، ولكنه تحول اليوم إلى “ربع سنوي” وسط مخاوف من قبل المستفيدين المتناقص عددهم، من إلغائه أو استبداله بـ “كبونات” مالية في إطار مخطط وكالة غوث وتشغيل اللاجئين لتقليص الخدمات.

كان المخيم يخرج عن بكرة أبيه صباحا قاصدا مركز تسليم المؤن، هناك يتزاحم اللاجئون على دور التسليم الموزع حسب المادة الغذائية، فكان هناك خط لاستلام الطحين والحبوب وأخر للزيت ومثله للمعلبات التي تتنوع بين السردين والتونة ورب البندورة، وهناك يغص المكان بالأصوات المتداخلة للمستفيدين الذين يتساءلون عن الدور، وأصوات التاجرات التي تعلو ” للبيع للبيع”، والرجال الذين يعملون في العتالة يركضون مسرعين، صارخين “طريق طريق” لأبعاد المارة عن طريقهم لسرعة الانتهاء من المهمة والبحث عن زبون جديد.

فقراء اللاجئين كانوا يفضلون استئجار “عرباية” اليد لنقل مؤونتهم فيما تحمل النساء والأطفال ما فاض عن العرباية ويركضون خلف سائقها الذي يسعى للخلاص سريعا من حمولته، والعودة لاقتناص حمولة أخرى، فيما الأفضل حالا يفضلون استئجار “عرباية الحمار” التي تحملهم ومؤونتهم مقابل أجرة اكبر من نضيرتها عرباية اليد.

المهرجان الذي كان، خبا رويداً ويداً حتى اختفى مؤخراً، واصبح توزيع المؤن يتم كل ثلاثة اشهر بصمت، حتى أن أجيالا جديدة في المخيم لا تعرف بوجوده، ومن عاشه قديماً ينظر إليه بسخرية اليوم، ويتذكر ما كان عليه سابقا شكلاً ومضموناً.


* نقلا عن مجلة المستور (المستور) مجلة فصلية مختصصة بقضايا الفقر والانسان
توقيع :مراسل عمان نت
13188403881

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
لا يوجد كلمات دلالية ..









الساعة الآن 11:59 PM