لم يقف أحد من أبناء هذا الشعب عند قصة التبرع بخمسة عشر بالمئة من الراتب لصالح الخزينة، والتي أعلن عنها الوزراء والنواب، لان القصة باتت وكأنها «لمّة نقوط» في زفة للطرشان.
أنت بحاجة إلى من يقرأ على رأسك الفاتحة، حتى تفهم هذه السياسة في البلد، والأدلة على ذلك لا تعد ولا تحصى.
بدلا من تبرع النواب بخمسة عشر بالمئة من رواتبهم، كان الاولى ألاّ يقبلوا برواتب التقاعد، ولا ببقية الامتيازات، وبدلا من تبرع الوزراء بخمسة عشر بالمئة من رواتبهم المعلنة، كان الأولى ان تأتي الحكومة رشيقة، بخمسة عشر وزيراً، بدلا من ثلاثين!.
كل هذه الرسائل سرها الخوف من ردة فعل شعبية غاضبة على رفع الأسعار، وهو خوف تتم قراءة سيناريوهاته المحتملة قريباً.
القلق يسود مواقع القرار من فوضى شعبية قد تنفجر، لا سمح الله، وقرارات الاسعار باتت «أداة وظيفية» لاختبار الشارع الاردني، فإذا مرت القرارات تنهّد اصحابنا وتشهدوا لان الشارع ثبت ضعفه، اما اذا غضب الشارع فستكون فرصة لاعلان حالة الطوارئ.
القصة لم تعد قصة الحراكات، ايضاً بقدر كونها قصة الغائبين في بيوتهم خارج حساباتنا، والحراكات لها وكلاء معروفين، فيما من يجلسون بصمت في بيوتهم هم الأخطر، لانه لا يمكن قراءة ردات فعلهم ببساطة.
لا أحد يقبل بأن تدب الفوضى في البلد، لان هذا بيتنا، ولا مصلحة لإنسان ان يتزلزل بيته، لانه سيكون الخاسر الاول، غير ان عليكم ان تتوقفوا عن الاسترخاء بالاستثمار في مخاوفنا، وان تحلوا المشكلة كما تسببتم بها.
بدلا من قصة الخمسة عشر بالمئة، وبدلا من الاستسلام لهذا الوضع، عليكم ان تبحثوا عن حلول اخرى.
سيناريو انفلات الغضب خطير جداً، وبدلا من سعيكم لتبريد هذا السيناريو بقصة الخمسة عشر بالمئة، عليكم ان تبحثوا عن حلول اخرى ذكية، بعيدا عن حل التبرعات المثير للمشاعر.
هذه دولة وليست تكية خيرية تعلن عن موسمها بجمع التبرعات.