رجائي قواس
الاصلاح نيوز- مبارك حماد/
قهقهت بصوت مرتفع .. قهقهت حتى فقدت توازنها .. رجعت الى الوراء قليلا ثم شهقت من شدة القهقهة .. قهقهت فطرقت قهقهاتها ابواب اذناي وشبابيكها، واخترقت قهقهاتها اعصاب التعجب لدي .. انتابني فضول عارم حول السبب الذي يدفعها لكل هذا الضحك .. سارع فضولي اليها لأرى ما الذي تشاهده .. واذ بها تشاهد شخصا يتحدث ويضحك مع نفسه بطريقة غريبة، يشتم احيانا ويصدر اصواتا غريبة احيانا أخرى .. سألتها عن اسمه، فقالت: “اسمه رجائي قواس”!!
سخرية ناقد هي، أم ناقد ساخر هو .. كل الطرق تؤدي إلى روما .. مقولة يتداولها الأردنيون، ربما تنطبق بشكل من الأشكال على تقمص البعض ادوار “الكومبارس” في فنون النقد الساخر، للفوز بشهرة، او بلقب “الكوميديان” كما يحلو لهم .
دعونا من روما وأهلها، ولندخل في صلب الموضوع، فربما يأتي يوم يقاضينا فيه الطليان أو يأخذون الضرائب منا لاستخدامنا اسم عاصمتهم في مقولاتنا الدارجة .
النقد الساخر كان ولا زال محط انظار الاردنيين، وجالبا لانتباههم .. وذلك لما يحويه من طريقة محببة في نقد الموضوعات السياسية والاجتماعية، وطرافة يفتقدها الأردنيين، نظرا للأوضاع الصعبة الراهنة التي يمر بها الأردن من جانب، وطبيعة المزاج الأردني البعيد عن روح الفكاهة نوعا ما من الجانب آخر .
تقبل الأردنيين لهذا النوع من النقد قد يكون مشروعا ومشروطا في ذات الوقت، خاصة وأن المجتمع الأردني مجتمع محافظ وتسوده العادات والتقاليد الإسلامية والعشائرية، ومن الصعب عليه تقبل نقد ساخر يحمل بين سطوره كلمات نابية أو إيحاءات غير مرغوب بها .. فكيف للمجتمع الأردني أن يسمح بوجود المتغولين على فنون النقد الساخر ممن ينفثون سمومهم في جسد الشباب الأردني؟!
ثقافة السخرية، أو الفن الساخر، اقتصر في الماضي القريب بالأردن، السخرية التلفزيونية الهادفة، ورسم الكاريكاتير وكتابة المقالات الساخرة، في حين أن ما يقدمه رجائي وغيره أمثال تيما الشوملي ومحمد اللحام، هو دخيل على هذا الفن، حتى وإن لقي شعبية وحظي بجمهور كبير كما قال ناقدون ساخرون لـ”الإصلاح” .
ويضيفوا، البعض يرى أن ما يقدمه هؤلاء الأشخاص يعتبر أمرا منطقيا وظاهرة صحية في عصر التطور التكنولوجي والفيس بوك، وأصبحوا يمتلكون جمهورا واسعا ولهم متابعينهم شئنا أم أبينا.. موضحين أنه في الحقيقة، “لا يقدم رجائي وغيره شيئا مضحكا أو ساخرا .. كله ضحك على الذقون” .
لقد دأب بعض الأشخاص وعلى رأسهم رجائي قواس على تقديم عروض على موقع “اليوتيوب”، تعج بالاستهزاء أو السخرية، وتملؤها الشتائم والكلمات النابية السوقية، بحجة النقد وعرض مشاكل المجتمع بصورة ساخرة على أنه أحد الأساليب الإعلامية الحديثة .. ولكن في هذا الأسلوب الكثير من المحاذير والتجاوزات التي ينبغي التحذير منها والتنبيه عليها ولعل أهمها أن هذه العروض تعتمد على الاستهزاء والسخرية، والتطرق لموضوعات لا تسمن ولا تغني من جوع .
أصول وأساسيات ثقافة السخرية أو الكوميديا، لا تنطبق ولا بشكل من الأشكال على هذه التهترات الصبيانية، المستوحية من لهجة الشارع المليئة بالمحظورات.. فالفن الساخر تحكمه قواعد ومحظورات، كمراعاة العادات والتقاليد والدين، والابتعاد عن الشتم والاستهزاء والازدراء، وذلك بعكس ما يقوم به رجائي القواس، من أعمال رخيصة، مليئة بالمصطلحات الوقحة، والكلمات النابية، مثل: “انطم واسكت”، و”حل عن ….”، و”قد … العقربة” .. التي من شأنها خدش الحياء العام .
فإن كانت الجهات المسؤولة، بصدد حظر المواقع الإباحية في الأردن، فالأولى بها الإلتفات لما يقدمه هؤلاء الأشخاص على موقع “اليوتيوب”، قبل أن يقع الفأس بالرأس، وينشأ جيل تربى على ما يقدمه رجائي قواس .