الاصلاح نيوز- تشهد المنطقة عمليات إعادة تموضع داخلية لمواجهة استحقاقات صيف ساخن بعد ربيع لم تكتمل فصوله في انتظار اكتمال عملية التحول الأولية بمصر وسط ترقب دولي عموما وفلسطيني و(إسرائيلي) على وجه الخصوص.
ومن بين عمليات التموضع التي جرت إجراء انتخابات حماس الداخلية وعنوانها الرئيسي غزة في حين توجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإعادة تشكيل حكومته -بقيادة فياض- في الضفة, وفي كيان الاحتلال تم تشكيل أكبر ائتلاف حكومي بقيادة الليكود وكاديما في حين تسود الأردن القريبة حالة غليان تنذر بما هو قادم.. والجميع في انتظار الحسم المصري.
التحول السياسي في تركيبة الاحتلال السياسية وصفه مراقبون بأنه مذهل، وذلك عندما شكل رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو وشاؤول موفاز -الرئيس المنتخب حديثا لحزب المعارضة الرئيسي “كاديما”- حكومة “وحدة وطنية” في (إسرائيل).
ورغم المخاوف الأولية التي توقعها المراقبون من أن تكون هذه الحكومة “عملية إعادة تموضع إسرائيلية” تمهيدا لحرب على إيران فإن آخرين رأوا أنها مناورة سياسية داخلية لتجنب الانتخابات في انتظار ما تسفر عنه وقائع المنطقة.
وهذا ما يؤكده ديفيد ماكوفسكي -مدير مشروع عملية السلام في الشرق الأوسط في معهد واشنطن- الذي يعتقد أن التحالف الجديد في (إسرائيل) هو “زواج مصلحة” بين نتنياهو وموفاز؛ “فإذا حقق إنجازات تشريعية فعلية فسوف يُنظر إليه على أنه مُلهم ومحنك سياسيا، ولكن إن كان (ورقة تين) من أجل التقاعس عن الفعل فسوف يثبت صحة اتهام زعيم “حزب العمل” شيلي يحيموفيتش بأن الأمر لا يعدو كونه حيلة مُضحكة للبقاء السياسي”.
نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق أكد في الجهة المقابلة أن انتخابات الحركة الداخلية الأخيرة أسفرت عن تغيير طال أكثر من ثلث أعضاء أطرها القيادية.
وقال أبو مرزوق في مقابلة مع وكالة «فرانس برس»: “هناك تغيير لأكثر من 30% حصل في الأطر القيادية للحركة خلال انتخابات الدورة الأخيرة، ولكن المكتب السياسي الجديد للحركة لم يتشكل بعد”.
وأعرب الرجل الثاني في قيادة حماس عن فخره بأن تكون الحركة «شورية وديموقراطية»، لافتا إلى تزايد الاهتمام من دول العالم بنتائج انتخابات حماس؛ “لأنها تفرز قيادة لها انعكاساتها على الوضع الفلسطيني والشرق الأوسط”.
وبالتأكيد فإن أول من يهتم بانتخابات حماس هو العدو الأول لها (اسرائيل) التي ترى في قراءتها لنتائج انتخابات حماس “إعادة تموضع” من الحركة تمهيدا للمواجهة.
واعتبر إهود يعاري -في هذا السياق- بمقال له في معهد واشنطن أن انتخابات «حماس» ستؤدي إلى تقوية الجناح العسكري للحركة، “واضطلاع قادة في الجناح العسكري بدور سياسي أكبر بكثير”.
وأضاف: “من المرجح أن تسفر تلك التطورات عن مزيد من تعقيد جهود المصالحة المتعطلة، وتسريع تقدم حماس نحو تحقيق إنتاج ذاتي كبير للصواريخ الأطول مدى والأكثر دقة، ومنع الطلاق السياسي على الأقل في المستقبل المنظور بينها وبين إيران”، على حد تعبير يعاري.
وفي الجوار فالمملكة “تغلي من أقصاها إلى أقصاها”؛ فقد قالت حركة الإخوان المسلمون في الأردن إنها لو كانت تطلب السلطة لكانت استجابت للعروض التي قدّمت لها، لافتة إلى أن المملكة “تغلي”.
وقال المراقب العام للحركة همام سعيد في مهرجان نظمته الحركة الإسلامية يوم الجمعة لمناسبة ذكرى مرور 46 عاما على نكبة فلسطين: “لسنا طلاب سلطة أو حكومات أو وزارات في الأردن؛ فلو كنا كذلك لاستجبنا عندما قدمت لنا العروض”.
وأضاف سعيد: “الشارع الأردني يغلي من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب”.
هذا الغليان ينذر بما هو آت نحو مطالب بـ”إعادة تموضع” من المعارضة، وذلك بتصعيد مواقفها ومطالبها مقابل محاولات الاحتواء من القصر الملكي الذي يأمل في أن تمر شهور الصيف على الأقل بأجواء معتدلة.
بيد أن الموقع الأهم في خريطة المنطقة السياسية سيكون مصر التي تدخل مرحلة الحسم الرئاسي.
ويرى متابعون أن هناك عدة اتجاهات أساسية يجب مراقبتها عبر مصر، “ثم في جميع أنحاء الشرق الأوسط”.
ويشكل صعود جماعة «الإخوان» والسلفيين إلى السلطة في مصر ومعاهدة السلام مع “إسرائيل” وعودة “المجلس الأعلى للقوات المسلحة” الوشيكة إلى ثكناته وضعف الأمن ووجود الفوضى في سيناء واستمرار الأزمة في الاقتصاد المصري بعض الاتجاهات التي ستعمل على تشكيل مصر خلال الأشهر والسنوات القادمة.
ويرى مدير برنامج السياسات العربية في معهد واشنطن ديفيد شينكر -خلال رصده أوضاع مصر بعد الثورة- أن سقوط حسني مبارك هو التطور الأبرز في المنطقة -حتى الآن- بالنسبة للولايات المتحدة؛ “فمصر منذ عام 1977 حليف إستراتيجي لأمريكا، فهي توفر الدعم السياسي الجوهري للسياسات الأمريكية في الشرق الأوسط، وهي شريك مهم لصنع السلام مع (إسرائيل) في منطقة معادية”.
ويبدو أن الأيام القليلة القادمة ستكشف عن موقع مصر الجديد بعد أن تمر العملية الانتخابية بسلام في ظل الأجواء الساخنة، وبعد أن تتضح معالم الرئاسة المصرية, وعندئذ سنشعر بأجواء صيف تأثر برياح الربيع العربي وعواصف التهديد (الإسرائيلي) بشن حرب في المنطقة.
(الرسالة)