أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في JO1R FORUM | منتديات شباب و صبايا الأردن، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

الثقافة الدفاعية / تنكر الحقائق ولا تعترف بالاخطاء!!

محمد البدارين / ، الثقافة الدفاعية هي نتاج عقلية دوغمائية جامدة تحيط نفسها بسياج معتقداتي خاص بها يمنعها من اعادة النظر بما هو داخل سياجها الذي تحت



21-05-2012 10:21 صباحاً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 22-12-2011
رقم العضوية : 48,213
المشاركات : 8,783
الجنس :
قوة السمعة : 429,526,866
محمد البدارين /
،

548الثقافة الدفاعية هي نتاج عقلية دوغمائية جامدة تحيط نفسها بسياج معتقداتي خاص بها يمنعها من اعادة النظر بما هو داخل سياجها الذي تحتمي به من شدة الخوف ، وتشتغل هذه الثقافة باستمرار وفق نظام التقليد والامتثال و التكرار والاجترار ، فينتج عنها تفكير نمطي مسطح معروفة نتائجه مسبقا ، وفي ظلها يمتنع العقل تلقائيا عن الاشتغال في اية مساحات تقع خارج مجاله المحدد سلفا ، ويتحاشى اجراء اية عمليات تدقيق او مراجعة لبياناته ومدخلاته وأحكامه التي تتحول بمرور الزمن الى ما يشبه مقدسات لا يمكن مناقشتها او اختبارها ، وتنعكس هذه الثقافة بشكل واضح على ،تفكير ،افراد مجتمعها وسلوكهم ونشاطاتهم عموما.

،والدوغمائية حسب مكتشفها (ميلتون روكش) تعني عدم قدرة الشخص على تغيير جهازه الفكري عندما تستدعي، الشروط الموضوعية ذلك ، اي انها لا تسمح لصاحبها باجراء اي تعديل في افكاره وارائه ومواقفه ، فالعقل الدوغمائي ،ينكر الحقائق إلا إذا جاءت في خدمة أفكاره المسبقة و أحكامه المقررة سلفا ، وهو يحذف كل ما قد يتسبب بتحريك قناعاته او زحزحتها ، لانه يعتقد أنه يملك اليقين التام وأن ما لديه من أحكام هي أحكام صحيحة و نهائية .

وفي ظل سيادة هذا العقل تتوسع مساحة ما يسمى اللامفكر فيه ، فكل ما هو خارج السياج ،يقع خارج نطاق عمل هذا العقل الذي ينشغل كليا بتكريس محتوياته وتثبيتها والدفاع عنها ، وهنا ينشأ التحيز والتعصب والتطرف ، مما يؤدي للغطرسة والتكبر والجهل ، وتنسد الطرق امام الافكار الجديدة التي يمكن ان تنتج عن الحركة الجارية بدون توقف في واقع الحياة الفعلي.

،وبفعل هذا العقل المحاصر تنتعش (المقولبات) في حياة الناس و تصدر الأحكام وتتشكل الصور الذهنية بسرعة ، حيث يقوم العقل الدفاعي بتصنيف الامور واصدار الاحكام فورا تبعا لمحتوياته هو لا تبعا للعوامل الموضوعية ، وهو يستعمل لهذه الغاية أحكاما تعميمية مستعملة مرارا وتكرارا ، ولا تراعي اية فروقات بين الحالات والموضوعات المختلفة ، وعادة ما تفتقر مثل هذه الاحكام للروح العلمية الموضوعية المستقلة ، لانها تصدر بالجملة وبشكل فوري ومباشر . والمقولبات عبارة عن افكار جاهزة وفق قوالب ثابتة مثل قوالب المعامل التي تنتج سلعا موحدة ، ويتم استعمالها للتعامل مع كل القضايا السابقة والقائمة والمستجدة على اختلافها بنفس المقياس ، بدون حاجة للتعرف اوالبحث اوالتشخيص والقياس .

وتحتل المقولبات مساحات واسعة في ثقافات المجتمعات غير المتقدمة خصوصا ، وهي تقولب افكار الافراد ومواقفهم وسلوكهم بشكل لا يسمح بعمليات التعديل التي تتيحها طبيعة الحياة المملوءة بالمستجدات والمتغيرات ، وكلما تغلغلت المقولبات واستحكمت في ثقافة المجتمع ، كلما انحصر الناس في معازل فكرية ونفسية واجتماعية ، وتشوشت الاتصالات فيما بينهم واضطربت ، حيث ينحبس عقل الفرد طوعا داخل قالب محدد ويعجزعن توسيع مجال انشطته ويظل يستهلك ذات الافكار الجاهزة والاحكام المسبقة.

و يعرّف الحكم المسبق بأنه يقين تبسيطي أخّاذ لا يخضع لاي تفسير علمي ويصمد بوجه الالغاء والتعديل ، وهو سلبي واستبعادي ، ولا يصدر الا عن معرفة تعميمية وثقافة حشوية متوقفة ، ولذلك فانه يؤدي الى الغاء الوقائع المعاكسة له والنتائج المتعارضة معه ، ويعبث بالحقيقة ويخلطها بالوهم لارغامها على التوافق معه بدلا من ان يتوافق هو معها ، لكي يضمن استمرار انتشاره وفاعليته.

وتعاني المجتمعات غير المتقدمة من تفشي الأحكام المسبقة في ثقافاتها ، وتترافق هذه الاحكام عادة مع التمجيد المفرط للذات والتقليل من شأن الاخر ، فالذات المحكومة بالعقل الدوغمائي تقدس نفسها بنفسها وتستعلي على غيرها ، لكنها تشعر بالتهديد وتخشى النقد والمساءلة ، ولذلك تبالغ بتقوية الجانب الظاهر منها لحماية داخلها الهش وتغطيته.

ويرى (كريس ارجيرس ) ان الافراد في ظل سيادة هذه الانماط الثقافية ، يحملون في رؤوسهم برامج تشتغل وفق روتين دفاعي تلقائي ، مهمته تجاوز الارتباك والتهديد والتصرف دون التفكير بعملية التجاوز هذه اثناء حدوثها ، والامتناع عن مناقشة عدم امكانية مناقشة كل هذه العملية وهي تجري ، ومن النتائج الرائجة لعمل مثل هذه البرامج الدفاعية ، التركيز على العمل الفردي وعدم الاهتمام بالعمل الجماعي ، وتوجيه اللوم للعدو او الطرف الخارجي عند وقوع الاخطاء او الخسائر ، تحاشيا للنقد والمساءلة وبما يسمح بانكار الخسارة او حتى توهم الربح.

ولذلك يسود التفكير اللاعلمي واللاموضوعي بشكل سافر في المجتمعات التي تخضع لسيطرة الثقافات الدفاعية ، ،ويكون الأمر أكثر خطورة عندما يكون هذا الفكر متغلغلاً في المراكز المهمة في المجتمع ، حيث تشكل هذه المراكز سداً منيعاً في مواجهة قوى التغيير والتصحيح ، و تمنع بما تملك من سيطرة ونفوذ انبثاق الطاقات الكامنة في المجتمع ، التي قد يحبسها اصحابها طوعا خشية الاصطدام مع الثقافة المسيطرة القادرة على الاخضاع والتطويع.

،وإذا كانت المجتمعات المتقدمة قد حسمت امرها منذ زمن بعيد ، لمصلحة العقل العلمي المتحرر ، فأن هذه المسألة ما زالت غير محسومة في المجتمعات غير المتقدمة التي لا تزال تعيش فعليا في مرحلة ما قبل العلم ، حيث لا يزال العقل الدوغمائي الدفاعي يحكم سيطرته في كل المجالات ، بل أن كثيراً من أصحاب الفكر العلمي الحديث في هذه المجتمعات يضطرون للتخلي عن حداثتهم ويضعون أنفسهم في خدمة العقل المسيطر تحت إغراء المطامع المادية.

وما لم تحسم هذه المجتمعات امرها لمصلحة عقل الحداثة بمعطياته الجوهرية و ليس الشكلانية ، فأنها ستظل في حالة انفصال عن المنتجات المتلاحقة للفكر الانساني المتقدم ، وتكتفي بعمليات التحديث السطحية التي مهما اتسع نطاقها لن تغني عن عمليات التحديث الحقيقي ، فالحداثة لا تتحقق من خلال استخدام ابداعاتها المادية مهما عظمت ، بل ان التحديث المادي قد يكون ضارا ان لم يكن مسبوقا او مصحوبا بتحديث فكري وثقافي.

فالتقدم و الحداثة ، ليست مسائل شكلانية مظهرية إدعائية ، بل هي عمليات فعلية تجري في العمق الثقافي للمجتمع ، ويجب ان تصيب مجالات التفكير والتعليم والعمل وعلاقات الناس واتصالاتهم وقراراتهم وسلوكاتهم ،، فالتحضر الذي لا يصيب المجتمع في داخله يظل تحضراً شكلانيا مستعارا لا قيمة له ، وهو قد يثير السخرية اكثر مما يبعث على الاحترام.

،

،


تواصل اضخم صحيفة الكترونية على الانترنت


http://tw-mm.org/group

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
لا يوجد كلمات دلالية ..









الساعة الآن 03:50 PM