الخطيب : التزوير في الإنتخابات السابقة كان سيئا وطائشا !

/ لا يعكس فشل مجلس النواب الأردني أمس الأول يإكمال جلسة مشاورات تشريعية تنتهي بإقرار المحكمة الدستورية الجديدة إهتماما بالبقاء فعلا في دائرة الإنجاز السريع عندما يتعلق الأمر بتشريعات الإصلاح التي تضغط زمنيا على جميع الأطراف لإعتبارات إقليمية وسياسية.
والأهم أيضا لإعتبارات إقتصادية ومالية فوزير المالية سليمان الحافظ يعلن بأن قرار رفع الأسعار إتخذ فعلا وما لم يتقرر فقط هو التوقيت لان وزارة الرئيس فايز الطراونه ستتقدم للحصول على ثقة برلمان متحفز وغير منضبط صباح الأحد المقبل.
وفي الجلسة الأخيرة للنواب كان الإنطباع يشير لإن مؤسسة القصر الملكي قالت للنواب بكل اللغات واللهجات بأنها تريد منهم التسريع في إنجاز تشـــريعات الإصـــلاح حتى يتـــم التفرغ للتشريع الأهم وهو قانون الإنتخاب الذي ينبغي إنجازه وفقا للأجندة الزمنية الملكية قبل منتصف الشهر المقبل.
وما حصل أن نصاب التصويت على قانون المحكمة الدستورية التي تعتبر من أهم مؤسسات الإصلاح في حال إنجازها أفلت تماما في مؤشر على أن النواب تعاملوا مع المسألة بتثاقل وبدون جدية ولم يتمكنوا من إرسال إشارة إيجابية تفيد بأنهم جادون عندما يتعلق الأمر بالترتيبات التشريعية الإصلاحية على الأقل من باب الدفاع عن هيبتهم لدى الشارع والناس.
أفلت النصاب بشكل مقلق حينما خرج عشرات النواب من تحت قبة التشريع وتوزع بعضهم في الأروقة أو خرج من المكان وبشكل يوحي بما يمكن أن يلاقيه مصير قانون الإنتخاب من برلمان يعرف الأعضاء فيه بأنهم راحلون لا محالة في النهاية بعد إنجاز حزمة تشريعات الإصلاح.
والأهم يعرف بعضهم أنهم لا يستطيعون العودة لمقاعد البرلمان إذا ما كانت إنتخابات 2012 نزيهة فعلا والإصلاح حقيقي قولا وفعلا فقد إعترف رئيس الهيئة المستقلة لإدارة الإنتخابات عبد الإله الخطيب بان التزوير في الإنتخابات السابقة كان سيئا وطائشا في تصريح الهدف منه بناء مسافة مصداقية بين مؤسسة الهيئة الوليدة وبين الجمهور الذي لم يعد يثق بالإنتخابات.
حتى داخل اللجنة القانونية التي تبحث بصخب وتسارع ملف قانون الإنتخاب فوجئت أوساط القرار بأن ممثلي العشائر الذين إلتقتهم اللجنة بالعشرات للتحاور طرحوا خطابات ضد قانون ‘الصوت الواحد’ معتبرين أنه شكل علامة فارقة في تمزيق المجتمع.
تلك كانت مفارقة مهمة بالنسبة للنائب محمد الحجوج عضو اللجنة الذي قال لـ’القدس العربي’ بأن أبناء العشائر يرفضون الصوت الواحد متسائلا: من الذي كان يؤيده إذا؟
والفكرة أن قانون الصوت الواحد سرب في أوساط الناس على أنه وصفة تشريعية ترضي مراكز الثقل العشائري لكن رموز هذا الثقل قالوا مباشرة وأمام اللجنة المعنية بأنهم ضد الصوت الواحد مظهرين تطورا في تفكيرهم السياسي يتجاوز المؤسسة البيروقراطية، الأمر الذي إضطر جبهة العمل الإسلامي لإصدار بيان يرحب بموقف أبناء العشائر من الذين تم تسويق قانون الصوت الواحد أصلا بإسمهم.رغم ذلك أعلن النائب اليساري المخضرم بسام حدادين بأن 80 نائبا من أصل 120 يؤيدون ضمنيا الصوت الواحد في إشارة لأفكار مستنبتة زرعت في إذهان النواب على أساس ان الصوت الواحد كفيل بعودتهم للبرلمان.
بكل الأحوال شكل عدم وجود تصورات واضحة حتى الآن بخصوص قانون الإنتخاب وتهريب النصاب لتأخير إقرار المحكمة الدستورية خطوة للوراء بالنسبة لمجلس نيابي فقد فرصته تماما في إستعادة ثقة الناس ويفقد عمليا ثقة القيادة السياسية فحتى التعديلات الدستورية التي قررها المجلس حفلت بالأخطاء المنهجية والإتجاهات التي يندم عليها النظام السياسي في الواقع.
ومع وجود إحساس بأن جرعة ديمقراطية قوية أصبحت ضرورية لتمرير إرتفاع الأسعار على الأقل يوحي المشهد السياسي الداخلي عموما بأن مؤسسات الدولة لا تسير بنفس السرعة ولا على نفس الخطوط كما ينبغي أن تفعل في بلد يواجه تحديات أساسية ومفصلية وحرجة جدا وهو وضع يتوقع أن لا يمكن رئيس الوزراء الحالي ولا الهيئة المستقلة لإدارة الإنتخابات من العمل.



بسام بدارين – القدس العربي