الاصلاح نيوز- بقلم: ناصر قمش/
كثيرة هي التسريبات والأخبار والإشاعات التي رشّحت رئيس الوزراء الأسبق عبدالرؤوف الروابدة رئيساً للديوان الملكي، وقالت إنّه يرى ضرورة لتحقيق ذلك وجوده رئيساً حقيقياً لمؤسسة القصر الملكي، يستعيد من هناك الدور الكلاسيكي لذلك الموقع.
اللويبدة كانت التقت الروابدة في حوار تاريخي لا ينسى، تحدث فيه عن كلّ شيئ، وينبغي الملاحظة أنّ الحوار أجرى قبل قليل من السنوات، لهذا فهنام أسئلة وأجوبة تتعلق بتلك المرحلة، ولكن حتى هذه فلها مغاز مهمة، إقرأوا اللقاء:
-اجرى اللقاء الأستاذ ناصر قمش
- أشدّ ظلم يمكن أن يقع عليه إختزال شخصية، بأنه صاحب نكتة لاذعة، ذلك أن القدرة التي تحصّلت لديه في إلتقاط اللحظة، وإعادة إنتاجها “بسخرية“، هو حاصل جمع موهبة فذة، ومعرفة، وثقافة شمولية، ووعي غريزي بتصاريف الدهر، ونواميس الحياة.فالمكتبة، في منزل أول رئيس وزراء في عهد عبدالله الثاني، لم تكن جزءاً من إكسسوارات منزل “فخم“، بل كانت ضرورة موضوعية لصاحبه، أمّا فخامة المكان، ومع الذوق الرفيع في تصميمه، إلا أن صاحبه يفخر بانه يربّي الأغنام والدجاج البلدي في حديقته، إلى درجة أن اللبن المخيض، الذي تمّ إستهلال ضيافتنا: “الاستاذ باسم سكجها، و ابراهيم باسم سكجها، وكاتب هذه السطور، به، فتمّ تحضيره في تلك اللحظة، من حواضر البيت.
عبد الرؤوف الروابدة، الذي رزقه الله بإبن وحيد هو عصام، وثماني بنات، هو أيضاً وحيد والده من الذكور، إلا أن هذه “الوحدة” لم تنعكس عليه فيضاً من الدلال، بل أغرقته في مسؤوليات كبيرة، لا تبدأ في معاونة والده بالدكان، ولا تنتهي في قطع عشرات الكيلومترات طلبا للعلم والدراسة.[/p] وما بين الوظائف الرسمية، بين صيدلي الحكومة، ورئيس وزراء، كان الروابدة يحفر بصماته، ويثير العواصف على أي منصب يشغله، فلا يأبه بالشائعات، ولايكترث للنقد، يحب القراءة، وينظم الشعر. يؤلّف كتباً في الصيدلة، ويعد موسوعة عن العشائر الاردنية، ويبيّض وجه علاقته التاريخية مع الأخوان المسلمين، بكتاب عن علاقته مع “حماس”، وهو كتاب كما يقول: لم يحن أوان نشره بعد، لأنّه لن يكون خنجراً في ظهر التنظيم الذي يحترم ويحبّ.
فرح بأحفاده الذين تجاوزوا الثلاثين، بإثنين، محبّ لرفيقة عمره، وإبنة عمه أم عصام، ويعتبر أزواج بناته أولاداً له، له رأي في موضوع الهوية الوطنية، متحفظ على ما جرى من مهاترات برلمانية بحق الدكتور باسم عوض الله، وصرخ في وجهها: أسكتي!
بريء من دم حكومة طاهر المصري، ويتحفّظ على الكثير من الأسرار، ولكنّ الروابدة يجلس على كرسي إعتراف “اللويبدة”، في حديث إمتد لساعات، وفرد نفسه على عدة صفحات إستثنائية.
س: فلنتحدث عن البدايات، عن الظروف الإجتماعية والإقتصادية التي عشتها في طفولتك في الصريح؟
ج: لا أستطيع أن أدعي بأن طفولتي كانت معذبة، كنت أبن صاحب دكّان، وبالتالي لم يكن عندنا نقص في الإحتياجات الأساسية، أنا إبن فلاحين عاديين، . أنا من مواليد الصريح بالقرب من إربد في العام 1939 . الصريح قرية لم يكن فيها مدارس، فدرست في “الكتّاب”. القرآن الكريم هو الذي ثبّت لغتي العربية، فقد فأنا حفظته وعمري 6 سنوات، وكما تعرف فقد كان إهتمام “الكتّاب” في تلك الأيام: القراءة والخط والحساب، المدرسة كانت في الحصن القرية المجاورة، وسجلت فيها بعدها بالصدفة، فوالدي لم يكن يريد أن أدرس، وأبقى معه في الدكان لأني الذكر الوحيد بين 6 أخوات. أحد جيراننا وكان من أصدقاء جدّي، رآني ألعب أمام البيت، وقال له: لماذا لم تسجله في المدرسة، فردّ عليه: سنسجله: وذهبوا وسجلوني. درست في الحصن 8 سنوات، وأنت تعلم أن على هذا الطفل أن يمشي 5 كم يومياً ذهاباً وأياباً، تحت الظروف الصعبة. وهناك درّسني الأستاذ فهد الفانك في الصف السادس الإبتدائي. كان يدرّس الرياضيات، ومن أذكى الأساتذة.س – والدكتور فهد الفانك يشهد لك أيضاً بأنك كنت متفوقاً؟
ج – أنا عشقت الرياضيات بسبب أستاذ أسمه علي زايد، ثم درّسني فهد الفانك. بعدها إنتقلت إلى ثانوية إربد، ونحن كنا أبناء مدارس القرى في إربد وكان يوجد أبناء من مدارس إربد، ففصلوا بيننا: ثلاثة صفوف للقرويين وثلاثة للإربديين، ومع ذلك تفوّق أبناء القرى وكانوا من الأوائل،
[/p]
س – تحدّث لنا أكثرعن ذكرياتك في الصريح عن العائلة؟
ج : كنّا مثل أية عائلة قروية أخرى، لكن كان عندنا دلال أكثر في بيتنا لسبب الدكان، وتوفّر كلّ شئ تقريباً. عدد سكان الصريح في تلك الأيام كان يقترب من الـ 1000 ، وكانت من أكبر القرى، والآن هي من أضخم قرى الشمال.
الصريح لم تكن تهتم بالتعليم، لذلك إعتمدنا على المدارس المجاورة، ولذلك فالتعليم بدأ في القرى الأخرى وليس في الصريح. تصور أنني تخرجت سنة 62 ، وكنت رقم 6 من أبناء الصريح الجامعيين، وأول خريج منها كان سنة 1951 ، في حين أن الخريجين من القرى الأخرى كان في بداية القرن.
كان إهتمام الناس حينها بالزراعة، وإشتروا أراضي قرى مجاورة لأغراض زراعية، وعندما إرتفعت أسعار الأرض إستفادوا. النمط الإقتصادي كان زراعياً بشكل كامل: الحبوب، القمح والشعير والعدس والكرسنة. أمّا الزراعة الصيفية فلم تُعرف إلا بعد الهجرة الفلسطينية،
والدي عمل في حيفا، وتعلم التجارة هناك. نحن لسنا من كبار الملاك في القرية، ونسبة الملكية لم تكن تكفي للحياة، وحدثني عن قصتين تعلّمت منها الكثير، قال: سنة 1931 أصيبت المنطقة بقحط مرعب، فذهب مع أخيه إلى حيفا للعمل في الميناء، بتعبئة البرتقال في البواخر، كان صندوق البرتقال يزن نحو 50 كغم. هو كان في بدايات شبابه، أمّا أخوه فكان عمره 10 سنوات، وفي البداية كان الخوف من قطع الأغوار كبيراً، لسبب خطر السرقة والقتل، فكان يحمل أخاه على ظهره ويمشي مع قوافل الجمال التي تحمل القمح لطوباس، ثم وصل إلى حيفا، وعمل في الميناء ليحمل صناديق البرتقال إلى البواخر. كان أجره قرشين ونصف القرش الفلسطيني في اليوم، ولم يستطع أخوه العمل لسبب صغر سنه، وكان يدفع للغرفة قرش، والتعريفة للأكل، ويوفر قرشاً واحداً في اليوم. وفي إحد أيام العيد، كان يمشي هو وأخوه فوجد السغير أسوارة على الأرض، أخذها ووضعها في جيبه، كانت تسوى 10 دنانير. أنت تتكلم عن 1000 يوم عمل، ولكنهم وخلال سيرهم فإذا بإمرآة تصيح وتقول إنها فقدت إسوارة، وإنّها أرملة أتت إلى حيفا من أجل أن تُعيّد على أولادها، وفقدت الإسوارة، وعرضت وهي في هذه الحالة جنيهاً فلسطينياً. ذهب إليها والدي وقال لها: هذه الإسوارة، فإذا هي تبكي، وكانت تريد أن تعطيه الجنيه، ولم يرض، وذهب الناس، وإذا هناك “دكانجي” ينادي عليهم، ويعرض عليها العمل عنده مقابل 7 قروش ونصف في اليوم، ومع الأكل والشرب والنوم، فأصبح توفيرهم اليومي 7 قروش ونصف القرى. أخبرني والدي بهذه القصّة ليعلّمني أهمية الأمانة.
من هنا، تعلم التجارة، فكانت تجارته في الصريح مميزة ومختلفة عن غيره، فكان يُحضر الكاز من حيفا، ويبيع الحبوب والغنم والجمال، والفحم والحطب والحلويات، وكان يصنع بوابير الكاز، ويعالج في العطارة، فكنت معه في الدكان ويجب أن أعرف عن كل هذه الأعمال، لأنه لا يوجد لديه إبن ثان غيري، وهكذا كانت نوعية المعيشة في طفولتي، وكان عليّ أن أركب الفرس وأن أحضر البضاعة من إربد، وأن أعمل الكثير من الأمور وأنا ما أزال طفلاً.
مرة ذهبت مع والدي إلى القدس في العام 1946 من أجل أن يشتري أبي بضاعة، وليس هنا المهم، بل المهم في أنه قام بشراء دفتر وقلم لي، فجلست إلى جانبه في الشاحنة، وبدأ يعطيني درساً في الجغرافيا، وحين وصلت القدس كنت قد حفظت كل قرية على الطريق، وكل المسافات، وكل المدن، ذهبنا وقتها في شاحنة من أجل أن يشتري قُطّين، وكان علينا أن نذهب إلى المفرق، ثم إلى الزرقاء فعمان فالسلط ووادي شعيب وأريحا والعيزرية والقدس ثم سلوان، كلّ هذه الطريق تفتح أفاقك على الحياة. كانوا يربوننا على إننا رجال منذ أن نكون صغاراً.
ولا أنسى كيف أنّني خطبت خطبة الجمعة وأنا في الصف الثامن، كنتُ موجوداً في المسجد، وغاب الإمام، فقال أحدهم: أطلع يا عبد الرؤوف، وألبسني أحدهم الشماغ، فخطبت أمام المصلين، وهذه ذكريات لا يمكن أن أنساها.
س – ماذا عن والدتك؟
ج – والدتي ليست من الصريح، هي من قرية أخرى، من سوم غرب إربد، ومن عشيرة أخرى هي عشيرة القديسات، وأصلهم عجارمة من المناطق القريبة لعمان.
س- المرحلة التالية هي الجامعية؟
ج – أملي كان بأن أدرس الأدب العربي، وأصبح أستاذاً، لأننا كنا نعشق الأساتذة، كُنت من الأوائل، وطلبنا للبعثات وقرروا أن يأخذوا من كل محافظة واحداً لندرس الصيدلة، فأخذوا واحداً من البلقاء، والثاني من إربد وهو أنا، وثالث من الجنوب، ورابع من الخليل، وخامس من القدس وسادس من نابلس، وأوفدنا إلى الجامعة الأميركية في بيروت لدراسة الصيدلة، فقد كان هناك نقص في الباد لهذه المادة.
في بيروت كانت النقلة الحضارية الغريبة المرعبة: من قرية مفرطة في محافظتها، إلى مدينة صغيرة إسمها إربد، لتذهب إلى مدينة منفتحة على الدنيا كلها.
قبل ذلك بسنتين كنت قد أصبحت عضواً في الإخوان المسلمين، لسبب إعجابي بأستاذ كان يُدرّسني في الصريح إسمه محمد عبد الحفيظ، عشقناه وأحببناه، وكذلك فنحن كنا في مجتمع متدين، ولم يكن في ذلك الوقت مناقشة لعملية حزبية، أو أنّ هناك قضية سياسية مطروحة، ذهبنا إلى الجامعة الأميركية وإنقسمنا هناك إلى ثلاثة أنواع: قسم دخل هناك في المجتمع المنفتح دخولاً كاملاً، وإنغمس فيه، وقسم سدّ على نفسه الباب، وعاش في تقوقعه بعيداً عن المجتمع، وقسم ثالث، وأنا منه، تعامل مع المجتمع، دون الخروج عن قيمه. فقد كان عند الإخوان المسلمين تركيز على أهمية المحافظة على خلقنا وقيمنا الدينية، ومسألة أن تكون شاباً منفتحاً متديناً لم تكن سهلة في تلك الأيام.
س – هل كنت تنظيميا مع الإخوان؟
ج- نعم، والدكتور إسحق الفرحان كان شيخنا، ودرّسني المختبر في السنة الأولى في الجامعة الأميركية. كان يُكمل الماجستير حينها، ومعيداً في الجامعة.
س – هل كنت في سكن داخلي؟
ج – في السنة الأولى فقط، بعد ذلك سكنت في الخارج، وكان هذا هو نظام الجامعة، الحمدلله أنّني كنت الأول في كل دراستي، من أول يوم لآخر يوم.
س – صارت أحداث 58 وأنت في لبنان؟
ج- نعم صحيح، كانت 58 ثورة لبنانية ضد شمعون، والتي أغلقت لبنان، لكن الجامعة الأميركية كانت الوحيدة التي لم تغلق أبوابها، أمّا المشكلة فكانت معنا في الأردن: كيف يوصلوننا إلى هناك، وبالتالي كيف يمكن المحافظة على عدم إنضمامنا للأحزاب الشيوعية والبعثية، وأذكر أنّ الشيخ الشنقيطي إجتمع بنا وقال لنا: إذا أصبحتم شيوعيين سأكسّر رؤوسكم!
س- نعرف أنّك تزوّجت وكنت ما زالت على مقعد الدراسة الجامعية؟
ج – في تلك المرحلة، كان والدي يحاول أن يزوجني، لأنني وحيده، ويريد أولاداً وكنت أرفض. وفي السنة الثالثة ذهبت عنده في الصريح، فقال لي: هل تتزوج؟ قلت: نعم، فخطب لي إبنة عمتي. أبوها إبن عمنا. خطبها لي، وفي نفس السنة تزوّجت وأخذتها إلى الجامعة الأميركية وعاشت معي، وكانت معي إبنتي حين تخرجت من الجامعة، وكان عمرها 3 سنوات.
س – هل عشيرة الروابدة أصلاً من الصريح ؟
ج – نحن أصلنا صرايرة من الكرك ،أمّا كعشيرة من الصريح فرقمها 6 ، ولكن أصلنا من الكرك.
س- وبعد تخرجك من الجامعة، كيف بدأت حياتك العملية؟
ج- صدر قرار تعييني في الكرك. عينوا خريجاً مادبا في عمان، وأنا إبن الصريح في الكرك، ولم يكن لي مرجعية ولا واسطة ولا أعرف أحداً، فمشيت في أروقة الوزارة وأخذت أصيح: الله أكبر… إبن إربد في الكرك يمشي 250 كم وإبن مادبا إلى عمان 30 كم، وإذا بشخص يلبس بدلة يسألني: لماذا تصيح يا ولد، فشرحت له قصّتي. قال: إمش معي، وإذا هو وكيل الوزارة. قال: والله إنك تتكلم بشكل منطقي، وغيّر قرار التعيين لأصبح صيدلي الحكومة في عمّان. هكذا كان إسم الوظيفة “صيدلي الحكومة”. ليس له علاقة بممارسة الصيدلة اليومية، فقد كنا مسؤولين عن تسجيل الأدوية والتفتيش على الصيدليات. وأن لا تدخل مادة كيماوية الاردن إلا أن يوقعها “صيدلي الحكومة”، وكان هناك أحد قدامى الموظفين حافظاً الدرس عن ظهر قلب، وعنده دفتراً مخفياً عن الانظار، وكان هو يكتب القرار وأنا أوقع. وفي وقت قصير أحضرت التعرفة الجمركية من بروكسل وسجّلتها بطريقة عصرية، وبعد ذلك إستغنيت عن خدماته. أقول هذا لكم لأن طريقة صناعات القرارات في بلدنا كانت في التعلم على أيدي من تعلموا سابقاً، ولم يكن هناك تطور إداري. كانت تنتقل المعلومة من الصغير للكبير، دون إعتبار التطور على أساس مقولة: هكذا تعوّدنا أن نفعل، وهذا أحد الأسباب لعدم تطوير العملية الإدارية،
س – ماذا تذكر من العام 1967؟
ج – قبل الإحتلال بيوم واحد، كنت أفتّش في القدس، فقد كان جزءاً من وظيفتي أن أتجوّل في أنحاء الضفة الغربية، وأفتش على الصيدليات، من جنين إلى الخليل. فتّشت القدس قبل سقوطها بيوم واحد. ما لا أنساه هو كانت جمال الضفة. كانت هناك متعة لنا أن نزور رام الله، ولا يمكن أن تدخل نابلس دون أن تأكل كنافة من العكر، وأن تذهب للقدس دون أن تصلي في الحرم القدسي.
س – في إحدى المقابلات السابقةمعنا، قبل عشرين عاماً، سئلت ما هو حلمك: فقلت أن أكون أميناً للقدس؟
ج : نعم صحيح…
س – واضح أن للقدس مكانة في قلبك؟
ج : لا شك في ذلك، فنحن تربينا وأنشئنا والقدس لها مكانة خاصة. بالنسبة لي، القدس ليست مدينة فلسطينية وحسب، القدس كلّها لنا، لسبب مجموعة من العوامل، أولاً: لأنها القبلة الأولى، والثانية: لأنّها محتلة، أمّا الثالثة: فعندما سئلت حينها كنت أمين العاصمة، وكانت كلّ أسئلتي: لماذا يمنع القانون إرتفاع المباني على إثني عشر متراً. فقط ثلاثة طوابق وروف على السطح، وتبين لي من خلال الدراسة، أن هناك مهندساً بريطانياً جاء للقدس في عهد الإنتداب، وعندما رأى قبة الصخرة وكنيسة القيامة، قرر أن لا يرتفع بناء فوقها، فوجد الإرتفاع 12 م ، فأخذ القرار، وفي الأردن إتّخذ القرار كذلك، ولهذا السبب فهناك إرتباط روحي بين عمّان والقدس، وأعتقد أن هذا الشعور عند كل مسلم متدين.
س – سؤالي كان سياسياً؟
ج: أنا دائما أقول لأخواني، إنّ علاقة الإنسان الأردني بفلسطين ليست علاقة دولتين مجاورتين، ولا تشبه علاقة أية دولة عربية بفلسطين، من المغرب العربي وحتى المشرق العربي، من شمال العالم العربي إلى جنوبه، علاقة فلسطين عند الآخرين علاقة قومية ودين وتاريخ، أما علاقة الأردنيين فعلاقة التاريخ. كانتا بلد الوحدة على مدى التاريخ، أمّا الإنفصال بينهما فكان فقط لثلاثين عاماً. الوحدة بقيت إلى 1921 وعادت للوحدة 1950، لسوء الحظ أن الكثيرين بنو على الثلاثين سنة مواقف، ونسوا التاريخ كاملاً، بالإضافة إلى صراع الهويات، العلاقة بين الأردن وفلسطين لا يمكن أن يفهمها أي عربي آخر.
س: نعود إلى تدرّجك المهني؟
ج : بعد ذلك بسنتين أصبحت مدير صيدلة، ثمّ رئيس قسم، ثم مديراً إلى سنة 1976 حيث نقلني أحد الوزراء إلى مدير علاقات دولية. في تلك الأيام، كانت تنشأ جامعة اليرموك، وكان رئيس الجامعة المعين عدنان بدران، وكان رئيس اللجنة الملكية لإنشائها مضر بدران، فعرض علي أن أصبح أميناً عاماً للجامعة، لأنني لم أكن مرتاحاً في الوظيفة فقبلت، وعملت فيها ثلاثة أشهر إلا ثلاثة أيام. في هذه الفترة كُلف مضر بدران بأن يصبح رئيس للوزراء، وجئت معه وزيراً في 13/7/1976.
س – كيف عينت وزيرا؟
ج : لا أعرف، فقد طلبني مضر بدران الذي كان رئيساً للديوان الملكي لزيارته، فذهبت إلى هناك لأجده يعرض عليّ واحدة من ثلاث وزارات: الداخلية، الكواصلات، والتموين. كان طموحي منذ البدايات أن أكون نائباً ووزيراً، ولكنّ الوزارة جاءت مبكرة. كان عمري 36 سنة، وكدت أرفض لأنّه كان إعتقادي أنّ الوزراء يتغّيرون بعد سنة، ويتقاعدون، فتصوّر أنّني سأتقاعد وعمري 37 سنة؟
س – لماذا لم تختر الداخلية؟ج : في تلك المرحلة، كان يهمني الإنجاز الوظيفي، وليس الإنجاز الأمني السياسي، وأيضاً فتجربتي ؛انت قليلة، وأيضاً لم أختر الداخلية لسبب صورة تلك الوزارة في ذهن الناس في تلك الأيام، خصوصاً وأنني كنت عضواً في الأخوان المسلمين، وإستقلت في العام 1969 بعد سبع سنوات من العمل المنظمّ، إخترت وزارة الاتصالات ولم أكن أعرف أين يقع مقرها، فسألت سيارة سرفيس وكان في جبل اللويبدة.
في شهر شباط من العام التالي إستشهدالمرحوم محمد البشير وزير الصحة مع جلالة الملكة المرحومة الملكة علياء، فأصبحت وزير صحة بالوكالة، وهي أطول مرحلة بالوكالة في تاريخ العالم، لأنني بقيت سنتين في هذا المنصب. في تلك المرحلة كنت أيضاً عضواً في المجلس الوطني الإستشاري، منذ بداية 1978 بسبب غياب الديمقراطية، وأصبحت أيضاً نائباً لرئيسه.
س: نصل إلى مرحلة أمانة عمان؟
ج : في العام 83 كُلفت بهذه المهمّة. كان رئيس الوزراء مضر بدران، ورفع للملك خمسة أسماء، واختار جلالته أحد هذه الأسماء، وعندما طلبني كنت قد عرفت قبلها أنني سوف أصبح أمين عاصمة بطريق غير مباشر، وعندما قال لي مضر بدران أنه يريد أن يكلّفني بعمل، قلت له: أنت تريدني أمين عاصمة! قال: كيف عرفت؟ قلت: فلان قال لي. عندها قال بصوت مرتفع إنّ هذا كان سراً بيني وبين جلالة سيدنا، فكيف وصلك هذا القرار؟
وإعتذرت، لسبب معرفتي مسبقاً بصعوبة المهمة، ورعباً من المسؤولية، وليس تكبراً عليها. فهي تتعلّق بموضوع لم أتعامل معه من قبل، ولا أعرف ما هو، وكان هناك وقتها نقص في تمويل الأمانة، وكانت تعاني من الطرق غير الصالحة، وكانت الجرائد تنتقد عمل الأمانة على الدوام، ولهذا إعتذرت، ولكنّ مضر بدران قال وقتها: إعتذر لصاحب القرار وليس لي. إستدعاني جلالة الملك الحسين يرحمه الله، وعندما وصلت فاجئني بقوله: بعدين معك! ولكنّني خرجت من الموقف بقولي: يا سيدي، أنا أردت أن أصل إلى هنا، لأقول لك ثلاثة أشياء: أولاً: أنا لا أملك سوى دونم واحد من الأرض في عمان، وَعَدت الحسين رحمه الله بأن أخرج من المنصب وليس عندي إلا هذا الدونم، وقلت له: لأنه بعد ذلك سوف تنقل الأخبار أن أمين العاصمة فاسد. أمّا الأمر الثاني، فرؤساء الحكومات يريدون أمين العاصمة تحت إمرتهم، وأنا عيّنت في زمن صديقي مضر بدران، وسوف يتغيّر، وأنا أريد الاستقلالية، والأمر الثالث: ياسيدنا، أرجوك، فقط، بأنّ تعطيني سنتين وأن لا تسمع “المسبّات والشتائم” التي ستصلك من الآخرين عنّي. قال: لماذا؟ قلت: لأنّ صوت الذين سوف أخدمهم في هاتين السنتين لا يصل لك فهم سكان شرق عمان، أمّا سكان عمان الغربية فسوف يقدمون الشتائم! قال: هل تختصرها؟ قلت: يا سيدي سنة واحدة، وهكذا كان التعامل المباشر مع جلالة الملك، وقد حمى الأمانة والأمين من تدخل الآخرين، وخاصة من مراكز القوى، وكان أول تكليف من جلالته رؤيته لعمان الكبرى، فكان طلبي ورجائي أن الريف المحيط لعمان أجمل من عمان، وأحسن خدمات، وحرام أن نوحّد عمان معهم من أجل رفع خدمات المدينة. أولا وبعد ذلك وفي العام 1987 أعلنا عن عمان الكبرى، التي كنا قد خططنا لها منذ 1985 ، وكانت أول خطة من نوعها في المنطقة.
المهمّ في الأمر أن المرحوم عصام العجلوني كان قد كلّفني بأن أضع تنظيماً إدارياً لأمانة العاصمة، فطلبت الأجرة، وقال لي: الأجرة تأخذها بعد أن تسلمني النظام، ودارت الأيام، وإذا هو يتوفى، وأنا قد طبقت القرار مجاناً لأنني أصبحت أميناً للعاصمة.
س – الأمانة، حينها، كانت على خلافات الحكومة؟
ج- نعم! كانت هناك خلافات جذرية مع بعض الحكومات، لكن أعاننا الله عليها. أنا في أمانة عمان كنت أعمل على خلفية دعم جلالة الملك، وقد بدأت فيها في التطوير الإداري، وبالتنفيذ المباشر. لم يكن هناك قسم طوارئ، كان طاقم الدفاع المدني هو من نستنجد به، وبالأشغال، والمتعهدين، فأصبح لدينا طوارئ على مدار الساعة، وحاولنا نقل الجهد إلى العمل السنوي، أي في كل سنة نطلق شعاراً لنعمل به. كان أحد الشعارات أن نحولّ كل الألوان الصارخة إلى لون واحد هو اللون الأبيض، ليتفق مع الحجر.
ثم عمان الخضراء، عمان التي كلنت تشكو من نقص في الخضرة، والحدائق، فلسوء الحظ في السابق وعند إنشاء المدينة لم تنشأ كمية كافية من الحدائق، وفي زمن المرحوم وصفي التل عملوا خطة من أجل حزام أخضر حول عمان لكن المشروع ألغي، فكنا نزرع عمّان، كانت تزرع في كل منطقة 100 شجرة يومياً، وأنت تتكلم عن 36 ألف في كل منطقة لوحدها، ونزرع الأرض، أي الشارع والحديقة والأرض الخلاء، ثمّ شعار عمان المضيئة، وبعدها النظيفة، وأنا كانت قناعتي أن لا أعاقب على النظافة إلا الذين يضرون البيئة، فكانت مقولة للمرحوم محمد عودة القرعان قال: والله ياعبد الرؤوف تحولت جيوبنا لسلة النفايات، لأننا لا نستطيع أن نرمي ورقة فنضعها في جيوبنا حتى وصولنا للبيت.وأصبحت عمان إحدى أنظف عشر مدن في العالم،
في الأردن أمين العاصمة هو رئيس بلدية، والبلدية في بلادنا، مؤسسة أهلية وليست حكومية، وليس لها رئيس إلا رئيس البلدية، ونسميه في القانون سلطة الوصاية، وسلطة الوصاية عنده مجلسهفهو الذي يحكم، وهذا المجلس منتخب من الشعب، ووزير البلديات ورئيس الحكومةهو سلطة الوصاية وهي وصاية مشروعة، بمعنى آخر إذا قام بعمل موافق لأحكام القانون لا يمكن لأحد إيقافة، العمل الذي توقفه العمل المخالف للقانون.
س- كثيرون ممتنّون لك بقرار المنتزه الوطني؟
ج : المنتزه الوطني، وهو عبارة عن غابة زرعت في الثلاثينيات من قبل رجالات هذا البلد، والذي بناه نصوح الطاهر رحمه الله، وفي وأنا ذاهب للمطار، وجدت غابة جميلة، وهي خارج حدود الأمانة، فدخلت في سيارتي مع سائقي، وإذا هي أجمل غابات البلد، لكن الشجر على الأرض، وأي حريق يمكن أن ينهي هذه الغابة، ورجعت من المطار لأزور رئيس الوزراء مضر بدران الله يسهل عليه، قلت له: أريد هذه الغابة منتزهاً لعمان، قال: الآن إذهب لمكتبك، وأكتب لي، الليلة تأخذ القرار. قلت: لماذا؟ قال: مجموعة مراكز قوى تريد أخذها سكناً، فأصدر مجلس الوزراء قرار بتخصيصها للأمانة، كانت حوالي 2200 دونم، إستملكنا حوالي 1800 دونم من أجل التعرجات، وبدأنا عملية تنظيفها، وإنشاء خدمات بسيطة لها مثل حمامات المياه، ومقاعد وأمكنة للشوي، فأصبح المكان إنجازاً في قناعتي، وسمي المنتزة الوطني.
س – بعد عشرين عاما من هذه الفترة كيف تقيم العمل في عمّان؟
ج – أنا أعتقد أنّ هناك عملاً دؤوباً في عمان، وأرى أن هناك إجراءات لا أتفق معها، ولا أرتاح لها، أنت تحوّل مدينة أفقية إلى 1700كم، أنا لا أعتقد أنّ هناك في مدينة في العالم تشبه ذلك.
س – ولكن دائماً المجتمع العمّاني يسبق الخطة الموضوعة مسبقاً؟
ج- الذي تتكلم عنه صحيح، وأنا أطمح للإستثمار، وأسعى له، ولكن ليس المستثمر الذي يقرر مدينتي أين تكبر؟
س – دولة الرئيس على أذكر كان هناك خطة للعبدلي منذ زمن، حتى قبل المشروع الذي ينفّذ الآن؟
ج- صحيح، هي بدأت من أيام المرحوم وصفي التل. أنا من واجبي أن أعترف لصاحب الفضل، كانت الفكرة في منطقة العبدلي أن تُصبح مجمعاً للدوائر الحكومية التي ليس لها أبنية، وكان معروفاً في الخطة كل مبنى لأيّ وزارة، وهذا مكتوب. الأصل كان عندما تبدأ تكتظ مدينتك أن تمدّها إلى الخارج.
س – نأتي للمرحلة النيابية، لماذا كان هذا القرار؟؟
ج: عليك أن تقيم كل موضوع وفقاً لظروف المرحلة. نحن كنا في مرحلة نتعدى فيها على الديمقراطية، لا أريد أن أدخل في الأسباب، مثل أسباب إحتلال الضفة الغربية، وعدم إمكانية إجراء إنتخابات، تلك قصة طويلة، المهمّ أنّه تقرر العودة إلى الديمقراطية، وإجراء إنتخابات نيابية، أنا كان عندي قناعة أنّ صناعة القرار السياسي تكون لمجلس النواب، صحيح أنّ منصب أمين العاصمة أكبر من منصب نائب من حيث الشكل الإداري، لكن من حيث الموقع السياسي، وتأثيره أكبر بكثير، وكذلك أنا قضيت مدة 6 سنوات ونصف السنة أمين عاصمة، وأنا عندي قناعة أن الإداري من 5 إلى 7 سنوات يكون أعطى قمة ما عنده، وعليه أن يخلي المكان لدم جديد. إذا كان مبدعاً فليذهب لموقع آخر لينقل الإبداع، وعندما إستقلت من الأمانة كتبت إستقالتي في 9/9/1989 بموجب قانون البلديات، إذ سجلت الإستقالة في ديوان البلدية. يعني أنّه لا رجوع عنها. أنا لم أكن ألزم نفسي كنت أريد أن ألزم الدولة، كنت خائفاً لأنني لم أشاور أحداً، فرحمه الله الملك الحسين، ومن كرم أخلاقه جاءني إلى الأمانة، وإستعمل عبارة: لمن تترك الأمانة، فأنا أصبح لي مدينة أعتز بها أمام الآخرين. أنا أعتقد أن هذا مدح أكبر من كل ما فعلت، وقلت لسيدنا رحمه الله: لا يوجد عندي أكثر من ذلك، وفي المرحلة القادمة نريد نواباً يحملون الحمل، فلتسمح لي أن أحمل جزءاً من مجلس النواب. قال: على بركة الله. وفي تصريحه الصحفي وقتها، جلالته قال: وافقناه على ما إختار.
وكانت المسألة لي عبارة عن تحد. أولاً لأنني قد توليت مسؤولية، وكل مسؤول كان مسؤولاً في تلك الفترة عند الناس عن كل أخطاء الدولة. والشائعات في مرحلة كانت مسيطة، لانه لا توجد فيها ديمقراطية، وكانت صالونات النميمة وبيانات المناشير التي بحيث لم تبق نظيفا في الوطن، والكلّ يقول إنّ الكل حرامية. كانت معركة صعبة.
س – لماذا إخترت محافظة إربد، وقد كنت لعدد من السنوات أمين عاصمة في عمان؟
ج – توجد مفاهيم عن المراكز التي نسميها المفاهيم التجميعية، مثل إربد المدينة، مثل عمان، والزرقاء، ففيها أبناء عشائر، وهناك أبناء جاءوا إليها، وبنوا فيها، هؤلاء لهم ممثلوهم، أنا بالنسبة لي لا يمكن أن يصوّت لي لا من عشائر عمان، ولا من الذين جاءوا إليها غصباً عنهم، مع أنه كان لي “جوّي” في أمانة عمان، كان “جواً جيداً، ولكني ذهبت للقاعدة، حتى لا يقول أحد لي: لماذا جئت للترشيح هنا؟ ذهبت إلى هناك، إلى الصريح، وكانت معركة صعبة، وكانت لأول مرة هكذا. في تاريخ الأردن، منذ سنة 1929، منذ بدأت الانتخابات في الأردن، ولا مرة أخذوا نائب من الصريح، يعني 60 عاماً، ولا عمرهم أخذوا نائباً من هناك.
س – هل كنت أثناء فترة توليك للأمانة قدمت خدمات لأهل منطقتك؟
ج : عندما تقرر أن تصبح نائباً، يجب أن تبحث على مجموعة عوامل لتجعلك نائباً، منها الإرتكاز على عشيرة كبيرة، أو الإرتكاز على مال لا حدود له، وهذه الأشياء ليست موجودة لدي، وكذلك الإستناد لمركز قوة. كان فقط الإستناد على شخصي، وما سوف أقدمه للناس، وعلاقتي بهم، وأنا بيتي كان مفتوحاً لهم منذ سنة 1962 إلى 1989 27 سنة ولم أنقطع عنهم يوماً واحداً، لا في جنازة ولا في عرس، في قضية أبن أو بنت فقط أعطوني حقي.
س – من خلال متابعتنا للحياة السياسية في التاريخ المعاصر للأردن كله، كان برلمان 89 هو الأهمّ، وكنت أنت متفوقاً؟
ج- أولاً، عمرك “ما تشوف جوعان وقف على منسف، وتلومه لأنّ المنسف وصل لملابسه ولحيته وشواربه. كان ذلك البرلمان كعلاقة جائع على جوع، كانت كل قلوب الناس متجه إليه، ثانياً: هذا المجلس هو من فجر الدوامة علناً، بما يقوله الناس في بيوتهم. إذا تذكر جلسات الثقة، ثلاثة أيام والرابع أيضاً، يعني أنّ رؤوسنا أصبحت تتصبب عرقاً من شواربنا، والجانب الثالث هو حجم المعارضة في المجلس، كان حجماً جيداً، وعندما يكون حجم المعارضة جيداً، فالضد يظهر حسنه الضدّ يعني أنّ الأطراف الآخرى مضطرة أن تظهر أحسن ما عندها، من أجل أن تتصدى.
س- دولتك، أنت ترى منذ 1993 وما بعده من طغيان العشائرية على مجلس النواب، وعلى غير مجلس النواب، في الأداء السياسي؟
ج- العشائرية في الأردن أضعف عشائرية في العالم العربي، بعد 50 سنة من حكم البعث في العراق، ماذا تغيّر في القاعدةالتي أساسها عشائرية؟ كل العالم العربي عشائري، على فكرة هناك بعض الدول العربية لا تضع أسم العشيرة، فقط إسم أبوه وإسم جده وإسم العشيرة لا نعرفها، أنا نقاشي أن الأحزاب ما زالت الأحزاب غائبة، وأصبحت غير مقنعة للناس، فلجأت الأغلبية للعلاقة التقليدية، وما هي العلاقة التقليدية عند الإنسان؟ هي التي بدأ فيها، في الأسرة، والعشيرة،هناك في الأردن فيها هويات أقوى من العشائرية، هناك طائفية، وكذلك عرقية، يجب أن ننتبه لهذه الظواهر، وأنا أقول إن مشكلتنا في الأردن أن السياسي في هذا الوقت “لا يسترجي أن يتكلم” وحتى هذه اللحظة هو يخاف من أساءة التفسير. لماذا لا توجد عشائرية في عمان مثل الصريح؟ مع أنّ العشائرية في عمان أقوى من الصريح، لكن شكلها مختلف. أنت في الدائرة الأولى، في عمان، إذا لم من اللد لا تنجح، وفي الضفة الشرقية بقيت العشيرة حوالي بعضها، حول القرية، أو القرى المجاورة، وعند الهجرة الفلسطينية لم تهاجر العشيرة إلى نقطة واحدة، فأصبح تجمع الأردنيين تجمعاً عشائرياً وتجمع الفلسطينيين جهوياً، لذلك لا يوجد مضافات عشائرية في عمان، إلا ما ندر. عندك مضافة نابلس، ومضافة يعبد، ومضافة الخليل، لكن إذا ذهبت إلى إربد لا تجد هكذا، تجد مضافة الروابدة، مضافة ملكاوي، وغيرها. هذه الأمور هي لا تُدرك من خلال الحلقات السياسية، ونحن عندنا مشكلة حلّ القضية الفلسطينية. في هذه الدوامة، تم إنشاء هويات فردية، وهويات مركبة، وكيف تتعامل معاها. أنا إذا أغضبني باسم سكجها، لا سمح الله، أقول: طبعا أني شرق أردني فكيف سوف يقف بجانبي؟ إذا أرضاني أقول: ما أروع باسم سكجها. سأعود إلى محاضرتي المشهورة في جامعة الزيتونة، قلت لهم: هناك شي إسمه “شيزوفرينا- إنفصام الشخصية”، دكتور جيكل مستر هايد، الشيزو تعني شخصيتين في اللغة اللاتينية، قلت: “إلا الأردنيين فعندهم تريزو فرينيا”، عندهم ثلاثية، إذا إلتقى شرق الأردنيين لوحدهم يقولون: البلد بلدنا، وجاؤوا وأكلونا وإشتروا المعطيات الإقتصادية، ونحن حراس على الأرض، ومن يعلم أين سوف يصبح مصيرنا؟ وإذا إلتقى غرب الأردنيين لوحدهم يقولون: رعيان، وحراثين، جئنا ونجّرناهم، وعلّمناهم وثقّفناهم، وبعد ذلك نصبح مواطنين بالدرجة الثانية، ندفع رواتبهم ولا نُعيّن في بعض الأجهزة، وإذا جمعت الإثنين مع بعض، تظهر الشخصية الثالثة: أي مجتمع المهاجرين والأنصار، والأخوة، والوحدة، ورمز الأسرة الواحدة المتحابة على الخير.
التحدي الذي أمام الذين يفهمون من السياسيين والإعلاميين والمفكرين أن لا تعيش على أرض أي وطن إلاّ هوية واحدة، أي الهوية الوطنية، والهوية الظاهرة على الوطن هي الهوية الأردنية، وهوية المواطن الأردني، هوية جمعية، وليست هوية تعصبية، وهذه لا تُفرق بين أصل أو منبت أو دين و أو عرق و أو جنس، وثانيا هي مبنية على الهوية الأكبر، التي هي الهوية القومية: في قضايا الأمة على الأردن أن يكون فلسطينياً عند التعامل مع قضية فلسطين، والفلسطيني أن يكون أردنياً إذا العملية هي بناء هذا الوطن.
ونحن لا نجد الأجهزة الرسمية، ولا القوى ولا الفعاليات الوطنية، التي تخاطب الناس بصراحة في هذا الموضوع، وسوف تحول جميع المواطنين إلى إقليميين، وبمجرد أن تتكلم، يسألون مثلاً: من أين أصله، وفصله، ويقررون موقفهم منك.
س – توليك لرئاسة الحكومة سنة 1999كيف كانت؟
ج : أنا فوجئت في 1999 بجلالة سيدنا يطلبني لمقابلته. كانت جلسة سياسية، ولم نتحدث في أي موضوع أخر، ولم يرد إلى ذهني أنه يوجد شئ، ثم طلبني في اليوم التالي، وتوسع النقاش، ساعتها فهمت أنني سأكلف، وفي نهاية الجلسة، قال لي جلالته: أكلفك أن تشكل حكومة، فذهبت إلى بيتي، وكتبت كتاب الرد على التكليف وتشكيل حكومة.
س – إنت الذي شكلت الحكومة؟
ج : أنا شكلتها ولم يفرض علي جلالة الملك علي وزيراً واحداً، أنا أعترف له بهذا الفضل، وشكلتها ووضعت أوراقي مسودات دون طباعة تحت كرسي السيارة، إلى أن طلبني جلالته، ولم ير الكتاب ولا التشكيل أحد غير جلالته.
أصبحت رئيس الوزراء في جو فريد، نحن كنا نعيش في عهد الملك حسين رحمه الله، ورغم إيماننا في القضاء والقدر، ولكن لم يكن عندنا قناعة في إمكانية موت جلالة الملك قبلنا، وفوجئنا بوفاته، والناس كانت تضع يدها على قلبها: ماذا ستأتي به الأيام، وفي قناعتي أن جلالة الملك عبد الله الثاني وخلال أشهر، إستطاع أن يغير الصورة كاملة، وأقنع الجميع، في الداخل والخارج، بأن هذا الشبل من ذلك الأسد، وأن القدرات الموجودة عند أبيه هي موجودة لديه، فكنا في تلك المرحلة نعمل على هذه الأجواء، وكان الأمر الثاني لدينا أن نعرض أنفسنا على الناس، فكانت زيارتنا للمحافظات، ولكنها كانت بأسلوب مختلف. يذهب رئيس الوزراء ووزراؤه إلى المحافظة، ويجلس ويأخذ طلباتهم ويكون الحوار، إلى أن تحدد ما هي حاجات الناس، ثمّ يأتي جلالة الملك في آخر الجلسة، فيتطلع إلى حاجاتهم، ويقول ماهو الجزء الذي يوافق عليه، وكان جهداً رائعاً من جلالة سيدنا ،
س: ما هي أكبر المشاكل التي واجهتك حينها؟
ج – أنا أعتقد أن أكبر تحد كان في مواجهتي هو الخصخصة، وكانت الأفكار عن بيع شركة الإتصالات، وأن الأرقام التي كانت تتداول بين الناس بين 125 إلى 150 مليون دولار سعر كل المؤسسة. كان إصرارنا في تلك الأيام على ثلاثة شروط للخصخصة، أولا: التقييم الحقيقي لكلفة ما أريد خصخصته، وأن تجري ذلك مؤسسة متخصصة والأمر الثاني شفافية البيع بأن يعلن البيع للجميع، والثالث: كيفية إستثمار أموال وعوائد التخاصية، وأن يكون الأساس سداد مديونية الجزء المخصص والجزء الثاني لسداد مديونية الدولة، والثالث لإستخدامها لمشاريع تستطيع إستيعاب أيد عاملة جديدة. بيع 40% من شركة الإتصالات ب 500 مليون دولار.
س- كرئيس وزراء كم عندك هامش لمقاومة موضوع الخصخصة مع البنك الدولي؟
أنا قناعتي أن هامش المناورة لأي حكومة أكثر من أن يتصوره أي إنسان. لا أحد يفرض عليك شيئاً. وأكبر عون لنا في ذلك الوقت كان جلالة الملك. على فكرة،
س – هل تعتقد أن سبباً من أسباب عدم إستمرار حكومتك عدم تعاون بين الحكومة والمجلس الإقتصادي الإستشاري؟
ج : لا بتاتاً، كان هناك مراكز قوى رافضة أن تستمر حكومتي، لأنه ليس عندهم القدرة للسيطرة على القرار.
س – كان هناك عبد الكريم الكباريتي في الديوان الملكي وسميح البطيخي في المخابرات؟ هل كان هناك إنسجام مع حكومتك؟
ج -إنسجام ضعيف.
- ومع مدير المخابرات، تحديداً، كيف كانت علاقتك؟
ج : ضعيفة، بعد ذلك تبين البطيخي جمع النواب الذين كانوا يوقعون معه على عريضة ضدّي؟
س – ولكنك في يوم من الأيام كنت قائد في عملية جمع توقيعات لشطب حكومة طاهر المصري؟
ج : أبداً، وأتحدى من يقول ذلك، والمشكلة أنها صارت من التاريخ، نحن كنا كتلة، وأنا أتحدى الإخوان المسلمين يقولوا أنني تفاوضت معهم، طاهر المصري شكل حكومته من طرف واحد، وإستثنى مجموعة من الناس من الوجود، فشُكلت كتلة من ثلاثة عشر نائباً بقيادة ذوقان الهنداوي رحمه الله، ولم أكن رئيس الكتلة، وقررت الكتلة كاملة حجب الثقة عن طاهر المصري، وإختفيت أنا عن المسرح “حتى لا أحد يبلش” لدرجة أنه يوجد ضابط، زوج إبنتي، جعلوه يبحث عني حتى وجدني، وذهبنا إلى جلالة سيدنا، وجلسنا، والذي صار صار في حينها.
وأعطينا ثقة، وبعد مدة إجتمع فينا، قلنا خذ منا وزيرين بشرط أن لا يكونوا وزراء سابقين، يعني لا عبد الرؤوف الروابدة ولا معالي ذوقان مشمول، ولأن هذه الكتل مثل الرمال المتحركة، فوجئنا فيه بعد مدة أنه يريد أن معالي ذوقان معه وذوقان إعتذر، وعندما إعتذر، وأجرى هو تعديلاً وزارياً وأدخل وزيراً واحداً معه، هنا الكتلة فجّرت غضبها، ووقعت، وكان الإخوان المسلمين صدفة عاملين ورقة، ورفضوا أن يجمعوها مع الورقة الثانية، قالوا أننا نقدم الورقة لوحدنا، ولا أحد يعرف هذا الكلام، عبداللطيف عربيات موجود ويثبت هذا الكلام، وقالوا لنا: نحن أسبابنا مختلفة عن أسبابكم، وصار بعضهم يفسرها إقليمياً.
س- نرجع لموضوع الحكومة، وموضوع حماس، ما هي الدوافع التي جعلتك تأخذ هذا القرار؟
ج : منذ أن فك الإرتباط أصبحت قضيتنا الإعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، وأن تكون الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، وبعد دخول السلطة الوطنية وقيامها في رام الله أصبحت مرجعيتنا دعم هذه السلطة. لا دخل لنا في الخلافات الفلسطينية. في الداخل تنظيمات شعبية وديمقراطية وجبهة وحماس، هذا حق من حقوقهم. هذا الموقف المبدأ الأول، والثاني: ليس من حق الأردني أن يكون في تنظيم غير أردني وفقاً لأحكام القانون، يعني أنت لا تقدر أن تكون عضوا في حزب البعث السوري وأنت أردني. هولاء الناس سُمح لهم بأن يعملوا إعلامياً، ووجهت لهم قبل حكومتي العديد من القضايا، و”أنكم أنتم تصدرون بيانات عسكرية من عمان”، وأنا عندي كتاب إسمه “هذا بيان للناس، قصتي مع حركة حماس” لن أصدره إلا وحماس مرتاحة،
[/p] - ما الذي يمنع صدور الكتاب؟
ج : لا أنا لا أقوم “بأذية حماس في مواجهة إسرائيل”، حماس عندنا حركة نضالية شريفة على الأرض الفلسطينية في مواجهة الإحتلال البغيض.
س – كيف تم الخروج من الحكومة؟
ج – نشرت مندوبة وكالة الصحافة الفرنسية خبراً قالت فيه إن هناك تعديلاً وزارياً، فإتّصلت بجلالة سيدنا، قلت له مكتوب كذا كذا، قال: أبداً إنفه، وليس على لساني، وأنا أعرف رندا، لا تكتب هكذا، وقد قدمت إستقالتي ولم يطلب أحد مني ذلك.
س – تتكلم عن موضوع العقبة، يوجد أناس يقولون إن من أهم المسائل التي عجّلت برحيل الحكومة هو موضوع العقبة الإقتصادية؟
ج – لا يستطيع أن يجيبك على هذا القرار إلا صاحب القرار، أنا في موضوع منطقة العقبة الإقتصادية كان لي مأخذ واحد فقط، أن لا يكون ميناؤنا الوحيد في الأردن، وأن يدخل الشعب الأردني إلى هذا الميناء كأنه يذهب لدولة أخرى، ويُفتش وكأنّه قادم من الخارج. نحن دولة ليس لنا على الشاطئ إلا هذه المدينة. عندنا كان 18 كم فارغة بيننا وبين السعودية، فلتنشأ المنطقة الحرة في ذلك المكان. قناعة ثانية لدي: لم أكن قادراً أن أمنع التهريب، فهناك 35كم محيط المنطقة، لا يمكن أن نمنع التهريب. 6 أمتار في الرمثا الدولة عاجزة عن إغلاقها. 6 أمتار التي هي مدخل السيارات، أنا قناعتي أن العقبة منطقة سياحية وخدمات لن تتحول ألى منظقة صناعية مهما أنفقت عليها، لظروف تتعلق بالدولة الأردنية، وبالدول المجاورة، ولذلك لم تنشأ ولا صناعة واحدة في العقبة حتى اليوم، في حين أن العملية عملية سياحية، والعملية السياحية لا تحتاج إلى هذه الضجة، وكل القوانين، و لا تحتاج إلى أرقام سيارات مختلفة عن أرقام سيارات الأردنيين، ولا لون سيارات السرفيس مختلف، ولا تفتيش على الحدود للمواطن الأردني، أما فكرة العقبة الإقتصادية ففكرة رائعة، لكن بعدما صارت بعد عهدي أصبح وظيفة كل واحد منا أن يقف مؤيداً، لأنه “إذا المرآة تزوجت، هل من حق إبن عمها أن يقول إنه يريدها،
س – المجتمع الأردني مشغول بأكمله الآن حول مسألة بيع الممتلكات العامة؟ والمواقف منها؟
ج : أحترم رئيس الوزراء، لكن القول: لم يتم بيع حتى الآن، فهذا ليس صحيح، نعم كان هناك مشاورات ومفاوضات للبيع، الدولة تجترح حلولاً غير تقليدية في المنعطفات، صحيح لكن فلنتفق على مجموعة مبادئ: هل يجوز بيع ذاكرة الوطن وتراث الوطن، مثلاً قلعة الربض، وهي قليل من الحجارة والتاريخ التي تجمعه هل نبيعها؟ هذه تسمى ذاكرة الوطن وتراث الأمة ولكل الأجيال، هناك أراض فارغة للدولة الأردنية كثيرة، 90% من الأرض الأردنية ملك للدولة نقدر أن نأخذ إجراء معها، ونبيعها. ولا يقدر المستثمر أن يملي علي ماذا أبيعه. الجامعة الأردنية أليست ذاكرة الوطن؟ أول جامعة تؤسس في الأردن، وإذا بيعت وأنشأ فيها 20 جامعة ولا عمرها سوف يكون إسمها الجامعة الأردنية، مستشفيات بريطانيا، لم يبع مستشفى عمره 3 قرون، فقط يعملون له إعادة إنشاء. المدينة الطبية هي غير قابلة للتوسع؟ صحيح. ولا نقدر أن تبني عليها 10 طوابق؟ نعم، لكن هناك أراض أخرى تبيعها وإبني مدناً طبية. لا يوجد إنجاز طبي أفضل منه في تاريخ الوطن. أرض القيادة العامةللقوات المسلحة لا دخل لي بها، وإذا أقدر أن أخذ ثمن الأرض والبنية لا يوجد عندي قضية لها، فهي لم تشكل ذاكرة وطن، والجانب الثاني من قيم الأملاك؟ الجانب الثالث: هي هل طرحت في عطاء عالمي فتقدم لها كل المستثمرين ونأخذ السعر الأفضل، وكيف ستستخدم هذه الأموال؟ هذه هي الأساسيات، أنا لا يوجد عندي مانع، وكذلك عملية الإختفاء وراء قوى الشد العكسي، والحرس القديم، أنا أعتقد أنها أصبحت معيبة، لأن الجالس على الكرسي في المرة القادمة سيصبح حرساً قديماً.
س – في الجلسة الأخيرة، بين النواب والحكومة، وجدنا أنّ النقاش حول المسألة وصل إلى مستوى غريب؟
ج : أريد أن أقول شيئاً، وأرجو أن لا يُساء الفهم: ما الفارق بين مجلس النواب ومجلس الوزراء؟ مجلس الوزراء مسؤوليته تضامنية، كل وزير مسؤول عن الوزير الآخر، من حيث العمل، ومجلس الوزراء مسؤول عنهم جميعاً. أمّا مجلس النواب فكل شخص مسؤول عن رأيه، ولا تستطيع أن تحاكمني على ما جرى في مجلس النواب، و”كلّ شاة معلقة بعرقوبها”!
س- لكنّك من النواب المخضرمين، 5 مجالس، وحضرت تقريباً كل المنعطفات السياسية، فما رأيك في مستوى التجريح والتوصيفات؟
ج – أنا ضد تجريح الأشخاص، وحتى لو كان هناك يحاكم في المحكمة ولو يصدر عليه قرار أنا ضد نقد كل أعمال الشخص، أي شخص. ولا يوجد عندي شخص غير خاضع للنقاش، سوى من منحه الدستور هذا، وهو جلالة سيدنا، وكل ما عدا ذلك عمل خاضع للنقد، أنا أملك قوة القول إنّ الذي قام به فلان عمل خاطئ لا يجوز، لأنه ظلم للشعب وللأمة ولمستقبلنا، ولكن أنا ضد التعرض للأشخاص من حيث المبدأ لأنه يضيع الفكرة الرئيسية ويجعل الناس تقف مع وضد، ثم أن مبدأ التجريح مرفوض، نحن كنا تقول لأخواننا إن التخوين والتكفير مرفوضان، لأن هذا لا يجوز الدخول بهما إلا على قرار محاكم.
لا نسمح لأحد أن يقول أن هذا العمل كفر أو خيانة، وهناك من ظنّ أنّني موافق على ما جرى في تلك الجلسة، وهذا غير صحيح، لأنني أنا حاولت إسكات هذا الصوت، ولم أقدر. وهناك ناس يحبون أن يظهروا ويركبوا على أكتاف الكبار حتى يراهم الناس. أنا لست عاجزاً عن أن أقول ما اؤمن به صراحة، لأنني لا أخاف إلا من الله، فأنا لا أكلف ناساً بأنّ يتكلموا نيابة عني. “ما فشر أي واحد، أن يتكلم نيابة عني”.
س – هناك سياسيون يحبون لأولادهم أن يكملوا مسيرتهم السياسية؟
س : هناك أمور طالعين فيها موضة. إبراهيم سكجها رحمه الله طلع إبنه صحفي يطول عمره، هل نأخذ على إبراهيم سكجها أن خرج إبنه صحفي، هناك قواعد طبيعية: أن الشخص يحبّ أن أحد الأبناء أن يكبر ويصبح مثله، أولاد الأطباء أطباء، وأولاد المهندسين مهندسون، هذا إبن السياسي الجالس طوال الفكر يتكلم في السياسة، علينا أن نغضب إذا الذي خرج إلى السياسة لا يستحق ذلك.
لماذا ليس من حقّ إبن عبد الرؤوف الروابدة أن يصبح سياسياً، فهذا حق من حقوقه، مثلا ناصر قمش أصبح وزيراً، هل إبن ناصر ممنوع يصير؟ إبن التاجر تاجر، مثلا إبن صبيح المصري تاجر، هذا حقه. لماذا هذه الموضة الطالعة في الأردن، أنا والله، أنا أقسم بالله، لا أحب لعصام أن يكون سياسياً، وهو كذلك لا يريد أن يترشح لنيابة، فتح مكتب محاماة، هل أحد يعلم أن إبني عمل في القطاع الخاص 18 سنة كمحام. أبني دخل للقطاع منذ 4 سنوات فقط، وأإرض أنه في سنوات القادمة ترشح للإنتخابات، هل تأخذ عليه أنها وراثة.
س – كيف هي علاقتك مع عبد الرؤوف الصغير؟
ج- الصلاة على النبي عليه، لماذا الفلاحون يقولوا أن ليس أغلى من الولد إلا ولد الولد؟ تعرف ما سببها الآن، إبنك يأتي للدنيا وأنت طفل، أما حفيدك يفأتي وأنت واع، فتتمتع به، أنا لا أذكر في عمري حملت عصام وأعطيته حنان.
س – أزواج بناتك مثل أولادك؟
ج – نعم أولادي، أنا عندي والحمد لله الآن 9 ذكور أولاد.
س – عدد أحفادك؟
ج – 32 والحمدلله
س – هل يجتمعون مع بعض؟
ج- نحن عندنا كل خميس يوم مفتوح، يأتي هو وزوجته وأولاده ويبقون حتى العشاء