بيروت – أ.ف.ب-،يرى خبراء ان النزاع السوري يساهم في بروز مجموعات اسلامية متشددة تتبنى اعتداءات دامية, وتنطلق في عملياتها من تلقاء ذاتها او بايعاز من النظام بهدف تشويه صورة المعارضة.
ويقول الخبير في شؤون العالم العربي والإسلامي ماتيو غيدار, الذي يتخذ من فرنسا مقراً, لوكالة فرانس برس “تنظيم القاعدة غير موجود في سورية. إلا أن هناك بعض المجموعات الجهادية التي تعتمد اسلوب عمل” تنظيم القاعدة المتطرف.
ويضيف “المعروف أن اعضاء هذه المجموعات سوريون وليسوا اجانب, وأن عددهم قليل جداً, وأن لا أحداً ،يعرفهم حتى الآن, لا القاعدة ولا المتمردين” في سورية.
وتسبب انفجاران وقعا في دمشق في العاشر من أيار بمقتل 55 شخصاً. وتبادل النظام والمعارضة الإتهامات بالوقوف وراء الانفجارين اللذين تبنتهما “جبهة النصرة” وهي مجموعة اسلامية لم تكن معروفة قبل احداث سورية.
كما تبنت هذه المجموعة انفجارات أخرى سابقة في دمشق ومناطق أخرى.
ويرجح الخبير في شؤون الشرق الأوسط جوشوا لانديس “ظهور مجموعات متطرفة بشكل مضطرد” كلما غرقت الأزمة في الفوضى والتعقيد.
ويقول غيدار الذي وضع كتباً ودراسات عدة حول القاعدة, ان منفذي هذه الاعتداءات, مهما كانت هويتهم, “يوقعون عملياتهم باسم القاعدة. ان الاعتداءات المتزامنة مع احداث معينة تطبع” هذا التنظيم الذي اسسه اسامة بن لادن والذي يعمل على شكل خلايا سرية لا تعرف بعضها.
وتذكر التفجيرات الدموية التي تقول السلطات السورية انها من تنفيذ انتحاريين بالاعتداءات التي أدمت العراق والتي تبنتها مجموعات مرتبطة بتنظيم القاعدة.
الا انه في غياب اي دليل او معلومة أكيدة, يشير غيدار الى احتمالين: “اما انها مجموعات تشبه شباب الصومال تسعى للحصول على اعتراف بها كأحد مكونات تنظيم القاعدة”, واما انها “مجموعات يتم دفعها الى تنفيذ اعتداءات بهدف محدد هو نسب هذ الاعتداءات الى القاعدة”.
ويرجح صدقية الاحتمال الثاني.
ويرى الخبراء ان انتشار الفوضى في سورية يخدم بالدرجة الاولى النظام السوري.
ويقول غيدار “هذا الغموض يصب في خانة النظام وحده الذي ينتهج منذ اكثر من سنة سياسة تقوم على الدمج بين الارهابيين والمناهضين له”.
ولا تقر السلطات السورية بوجود حركة احتجاج, بل تتحدث عن “مؤامرة” مدعومة من الخارج, لا سيما من الغرب ودول الخليج, تنفذها “مجموعات ارهابية مسلحة” تعيث فسادا وتخريبا في البلاد.
واعتبرت روسيا, حليفة النظام السوري, امس ان القاعدة ومجموعات متحالفة معها تقف “وراء الاعتداءات” التي وقعت في الايام الماضية في سورية.
وبحسب تقرير لمجموعة الازمات الدولية (انترناشونال كرايزيس غروب), ان هذه الاعتداءات اداة في يد النظام “ليشوه صورة اعدائه (..) ويزيد من تحفظات الغرب على التورط في نزاع يغرق في الفوضى”.
ويقول مدير مركز بروكينغز للابحاث في الدوحة سلمان شيخ “بشار الاسد قال اذا تحديتم سلطتي ستحصل فوضى, ويبدو ان نبوءته تتحقق. لقد اوجد النظام هذا الجو من اللااستقرار عبر اعتماد الحل الامني”.
ويشير الى ان المعارضين “يناضلون ويجدون صعوبة بالغة للحصول على الذخيرة ولتهريب السلاح الخفيف ووسائل الاتصال عبر الحدود”, بينما التفجيرات تحتاج الى اطنان من المتفجرات يصعب الحصول عليها.
ويضيف ان عمليات التفجير تنفذ “باسلوب متطور” يدل على ان مجموعة مثل “جبهة النصرة” لا يمكن ان تعمل من دون مساعدة “قوى محترفة”.
وتتهم المعارضة النظام بانشاء هذه المجموعات من اجل الاساءة الى حركة الاحتجاج السلمية. واتخذت الانتفاضة الشعبية السورية التي بدأت في منتصف آذار 2011 طابعا عسكريا متصاعدا مع حملة القمع العنيف التي قامت بها السلطات ثم توسع حركة الانشقاق في صفوف الجيش السوري, ثم مع بدء القوات النظامية عمليات قصف واقتحامات عسكرية لعدد من المناطق التي يتجمع فيها المنشقون, الى جانب التفجيرات المتنقلة.
ويقول غيدار “لا يمكن ان يستفيد الثوار من هذه الاعتداءات, ولا مصلحة لهم في ان تلصق بهم صفة القاعدة”.
ويشير الى ان المعارضة السورية رفضت “تدخل” مسؤول تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في الشؤون السورية يوم أعلن دعمه للثورة.
ويرى المحللون ان لا علاقة بين تنظيم القاعدة وتيار الاخوان المسلمين الذي نما بشكل سري في سورية بسبب القمع الذي تعرض له على مدى السنين.
ويقول شيخ “انهما كالزيت والماء لا يمكن ان يتم مزجهما”.
أكثر...