قرأت لك...
من أخذ يقرأ هذه الكلمات وله أم فليتدراك مابقي من أيامها، لئلا يصبح يوماً فلا يجدها ولا يجد مايعوضه عنها، وإن كانت عجوزاً،أو كانت مريضة،أوكانت مزعجة بكثرة طلباتها ،فاذكر أنها إن احتاجت إليك اليوم فلقد كنت يوماً أحوج إليها، وأن طالبتك أن تقدم لها من مالك فقد قدمت لك نفسها ومن جسدها،وأنها حملتك في بطنك فكنت عضواً من أعضائها يتغذى من دمها ،ثم وضعتك كرهاً عنها ،وأنتزعت منها انتزاع روحها.
أما ابصرت يوماً حاملاً في شهرها التاسع بطنها إلى حلقها ، لا تستطيع أن تمشي من ثقل حملها ولاتستطيع أن تنام.
وإن لم تر بعينك امرأة تلد،أما سمعت صراخاً من ألمها؟؟ألم يبلغك ماتقاسي وما تتعذب ؟؟ لو سبب لك انسان عشر هذا العذاب لأعرضت عنه ولهجرته، ولكن الأم تنسى بعد لحظات من خروج الولد ألمها وتلقمه ثديا ليمتص حياتها فيقوى بضعفها ويسمن بهزالها، وأن ضيقت بطول حياة أمك ، فعليك أن تخفي ذلك في أعماق نفسك وتنكره بلسانك فقد كانت ترى فيك حياتها إن تبسمت أحست أن الدنيا تبتسم لها ، وأن بكيت بكى قلبها، وأسود نهارها وأن مرضت هجرت نومها ونسيت طعامها تعاك ساهرة حتى تصبح.
وأن كان لك أب شيخ كبير محتاج إليك ، فأذكر أنه طالما تعب لتستريح أنت ، وشقى لتسعد، ما جمع المال إلا ليضمن مستقبلك، وأنه كان يعود
من عمله محطماً مكدوداً، وتثب إلى حجره وتقول له :بابا وتمد يدك الصغيرتين لتعانقه فينسى بك التعب والنصب ويرى المسرات كلها قد جمعت له ، والمتاعب كلها قد نأت عنه وأعلم أنه ما بلغت شبابك حتى ذهب شبابهما ولا نلت هذه القوة حتى نالها الضعف : أفئن بلغت مبلغ الرجال كان جزاؤهما منك الصدود والنكران؟
إن الإنسان يربي كلباً فيفي له، وحماراً فلا يرفسه ، ويطعم القط فلا تعضه، بل إن من الناس من يتألف صغار الأسود والنمور فتأنس به وتأوي إليه ويفني الوالدان نفسيهما في الولد فيتسى فضلهما، ويجحد يدهما ، يـــــــــــا عجبـــــــــــــــــــــــــاً.
أيكون الكلب والحمار والقط والنمر أوفى من الإنسان ،فمن كانت له أم أو كان له أب فقد فتح له باب من الجنة فمن الذي يمر بباب الجنة مفتوحاً فلا يدخلها
من أقوال الشيخ :علي الطنطاوي ..
من أخذ يقرأ هذه الكلمات وله أم فليتدراك مابقي من أيامها، لئلا يصبح يوماً فلا يجدها ولا يجد مايعوضه عنها، وإن كانت عجوزاً،أو كانت مريضة،أوكانت مزعجة بكثرة طلباتها ،فاذكر أنها إن احتاجت إليك اليوم فلقد كنت يوماً أحوج إليها، وأن طالبتك أن تقدم لها من مالك فقد قدمت لك نفسها ومن جسدها،وأنها حملتك في بطنك فكنت عضواً من أعضائها يتغذى من دمها ،ثم وضعتك كرهاً عنها ،وأنتزعت منها انتزاع روحها.
أما ابصرت يوماً حاملاً في شهرها التاسع بطنها إلى حلقها ، لا تستطيع أن تمشي من ثقل حملها ولاتستطيع أن تنام.
وإن لم تر بعينك امرأة تلد،أما سمعت صراخاً من ألمها؟؟ألم يبلغك ماتقاسي وما تتعذب ؟؟ لو سبب لك انسان عشر هذا العذاب لأعرضت عنه ولهجرته، ولكن الأم تنسى بعد لحظات من خروج الولد ألمها وتلقمه ثديا ليمتص حياتها فيقوى بضعفها ويسمن بهزالها، وأن ضيقت بطول حياة أمك ، فعليك أن تخفي ذلك في أعماق نفسك وتنكره بلسانك فقد كانت ترى فيك حياتها إن تبسمت أحست أن الدنيا تبتسم لها ، وأن بكيت بكى قلبها، وأسود نهارها وأن مرضت هجرت نومها ونسيت طعامها تعاك ساهرة حتى تصبح.
وأن كان لك أب شيخ كبير محتاج إليك ، فأذكر أنه طالما تعب لتستريح أنت ، وشقى لتسعد، ما جمع المال إلا ليضمن مستقبلك، وأنه كان يعود
من عمله محطماً مكدوداً، وتثب إلى حجره وتقول له :بابا وتمد يدك الصغيرتين لتعانقه فينسى بك التعب والنصب ويرى المسرات كلها قد جمعت له ، والمتاعب كلها قد نأت عنه وأعلم أنه ما بلغت شبابك حتى ذهب شبابهما ولا نلت هذه القوة حتى نالها الضعف : أفئن بلغت مبلغ الرجال كان جزاؤهما منك الصدود والنكران؟
إن الإنسان يربي كلباً فيفي له، وحماراً فلا يرفسه ، ويطعم القط فلا تعضه، بل إن من الناس من يتألف صغار الأسود والنمور فتأنس به وتأوي إليه ويفني الوالدان نفسيهما في الولد فيتسى فضلهما، ويجحد يدهما ، يـــــــــــا عجبـــــــــــــــــــــــــاً.
أيكون الكلب والحمار والقط والنمر أوفى من الإنسان ،فمن كانت له أم أو كان له أب فقد فتح له باب من الجنة فمن الذي يمر بباب الجنة مفتوحاً فلا يدخلها
من أقوال الشيخ :علي الطنطاوي ..