على مدى سنوات طويلة، لم يتم في كثير من الحالات اختيار الشخص المناسب للمكان المناسب.
وهذا جزء رئيس في حالة المراوحة في مكاننا في كافة قطاعات المجتمع والدولة، وهنا كانت الرهانات التي تتم على المضي إلى الأمام تمنى بالفشل.
لذلك، حسم المواطن خياراته وبدأ يحكم مسبقا على المستقبل، انطلاقا من الحاضر الذي يعتبره دورانا في حلقة مفرغة.
الديمقراطية لم تعد خياراً فقط، بل أصبحت ضرورة لا يمكن القفز عنها وتجاهلها. وضمن هذا السياق وجب التفكير أن مستقبل الأردن محكوم بهذه الضرورة، رغم كل محاولات تعطيل الديمقراطية والعودة بعقارب الساعة إلى الوراء.
ولا يخفى على أي مراقب أن الإعلان عن تشكيل الهيئة المستقلة للانتخابات يشكل خطوة في الاتجاه الصحيح، خصوصا أن رئيس الهيئة، عبدالإله الخطيب، يتمتع بخبرة في طبيعة الأوساط الاجتماعية على امتداد الوطن، ويحمل إرثا وسمعة طيبتين في النزاهة، بالإضافة إلى انفتاحه على مختلف أطياف المجتمع وتياراته السياسية، مما يعطي مصداقية أكبر لمستقبل عمل الهيئة.
ولا ننسى أن أعضاء الهيئة الأربعة هم أيضا ممن يمتلكون الخبرة الكافية في المجال القانوني والقضائي لإدارة دفة الهيئة بطريقة تنسجم ومطالب الشارع بانتخابات نزيهة وشفافة تكون عنوان المرحلة المقبلة.لكن أيضا ثمة تخوفات يبديها الشارع من مستقبل عمل الهيئة.
وهذه التخوفات والمحاذير لا تتعلق بشخص رئيس الهيئة والأعضاء والتشكيك في قدرتهم على إدارتها، بل تتعلق بالخوف من تدخل جهات وقوى أخرى تحاول عرقلة مسير عمل الهيئة، رغم أن رسالة الملك إلى رئيس الهيئة عبدالإله الخطيب واضحة وقوية، وتفيد بأن المستقبل لا يحتمل أن تتكرر فيه سيناريوهات التزوير في الانتخابات المقبلة، لأن الكلف التي سوف نتحملها ستكون باهظة. وهذه الكلف الباهظة لا يمكن معها المغامرة بمستقبل البلد.
لذلك، فإن وجود هيئة تتسم بالنزاهة، ممثلة برئيسها وأعضائها، يعطي مصداقية أكبر لعملها، ويساهم في إعادة الثقة بالعملية الانتخابية التي فقدت مصداقيتها في الشارع.
المهمة التي أمام الهيئة ليست بالمهمة السهلة، وتتطلب من القائمين عليها المسير في حقل من الأشواك؛ فالطريق ليست معبدة تماما لعمل الهيئة المستقلة للانتخابات.
ومن هذه الزاوية الحرجة نفهم أن الهيئة في صورتها الحالية ستكون خطوة إلى الأمام، لاستعادة ثقة الشارع بأن الانتخابات النزيهة والشفافة ستكون معيار التقدم والحكم على مستقبل الديمقراطية في البلد.
وهذا المعيار سيكون “الباروميتر” الحقيقي لمعرفة إلى أين يتجه مستقبل الأردن، وهذه بحد ذاتها تشكل الاختبار الحقيقي إلى ما نحن ذاهبون إليه.عمل الهيئة ليس بالمهمة السهلة، ولكنه أيضا ليس بالمهمة المستحيلة.
ونحن نعول الكثير على عملها وعلى مستقبل الديمقراطية ومسيرة الإصلاح في الأردن
الغد