قديما لم يكن هناك (كورلن فليكس ) ولم يكن (السيريلاك ) قد اكتشف بعد .. فكان ” زر ” البندورة ” هو الوجبة الغذائية المثلى لاطفال الاردن في ذلك الوقت .
فكلما جاع ” الطفل ” كان يتم إعطاؤه زر ” بندورة ” ليقوم ” بفغمه ” .. و” الفغم ” هي طريقة متوحشة جدا لأكل البندورة فيها نوع من الانتقام .. لان ” الطفل ” ان ضحك او بكى او جاع كان لا يتم إعطاؤه الا زر ” بندورة ” فكان يعبر عن غضبه من هذه المسألة بأن يأكل (البندورة ) عن طريق ” الفغم ” !
اجيال امضت سنوات طفولتها وهي ” تفغم ” البندورة حيث لم يكن امامها أي خيار اخر .. وهذه (الاجيال ) التي مارست ” الفغم ” لم يفرقها صراع (الطبقات ) وكان الجميع حقيقة ينعم (بالعدالة الاجتماعية ) .. لان الشعب الاردني بجميع فئاته كان يعيش في ذلك الوقت فقط على (الخبز والبندورة ) !
في الاردن تعد” البندورة ” مؤشرا مهماعلى الاوضاع الاقتصادية في البلد .. فقبل ان تدخل الحكومات في ميمعة الخصخصة والتحول الاقتصادي كان اغلب ابناء الشعب الاردني ” لاقي بندورة ” .. وبعد ان تمت الخصخصة ونفذت برامج التحول الاقتصادي كثيرون هم الان ممن يقال عنهم : ” مش لاقي بندورة ” .. ففي بلدنا لانصدق كثيرا معدلات الفقر ومعدلات النمو ومعدلات البطالة .. نحن نصدق شيئا واحدا فقط : لاقي (البندورة ) ولا مش (لاقي ) .. فالبندورة لديها شفافية عالية اكثر من شفافية الحكومات لذلك نعتبرها مؤشرا حقيقيا على الوضع الاقتصادي .
لا توجد ” طبخة ” في الاردن الا وتكون البندورة احدى مكوناتها الرئيسية .. ومنذ أسبوعين وكيلو البندورة بحدود (الدينار ) ..
في الاسبوع الذي نفتح به التصدير يصبح كيلو البندورة بدينار وهنا تصبح العائلة الاردنية تعاقب كل من يمارس ” الفغم ” .. وفي الاسبوع الذي نغلق فيه التصدير يصبح الكيلو بعشرة قروش وهنا تصبح العائلة الاردنية تجبر الابناء على ” الفغم ” !
السياسات الزراعية في الاردن من الوضح انها ليست من صالح المزارع ولا التاجر ولا المستهلك .. هي فقط من صالح الاولاد فهي تريحهم من ” الفغم ” لحين اغلاق باب التصدير!.
صالح عربيات – العرب اليوم