إعلان تشكيل الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات هو أول تطبيق عملي لمسار الإصلاح في الأردن؛ فللمرة الأولى ستجرى الانتخابات النيابية تحت إشراف جهة غير الحكومة وأجهزتها التنفيذية.
لكن تعيين مفوضي مجلس الهيئة يظل خطوة أولى على طريق طويلة وصعبة.
وكان واضحا من رسالة الملك إلى رئيس الهيئة بأن رأس الدولة يعول كثيرا على دور الهيئة في إنقاذ سمعة الانتخابات المتدهورة، واستعادة المصداقية المفقودة، كأساس لا يمكن لعملية الإصلاح أن تحقق أهدافها بدونه.
رئيس الهيئة عبدالإله الخطيب يتمتع بسمعة طيبة محليا ودوليا، وفي كل المواقع التي تولاها كان منحازا لقيم النزاهة والاستقامة، وحرص في كل المنعطفات على أن لا يلوث اسمه بشبهات فساد.
وفي مناسبتين على الأقل، رفض الخطيب التوقيع على قرار بيع حصة الحكومة في شركة الفوسفات، وقرار إقامة كازينو في البحر الميت.
وهو يرتبط بعلاقات حسنة مع مختلف أطراف المعادلة الوطنية؛ من الإسلاميين إلى أقصى اليسار.
ومثل العديد من رجال الحكم، يدرك الآثار المدمرة لتزوير الانتخابات على الأردن ومكانة النظام السياسي في أعين شعبه.
أعضاء الهيئة الأربعة ينحدر معظمهم من أصول قضائية، ويملكون خبرات طويلة. وما من ميزة للقاضي غير تطبيق القانون بعدالة ونزاهة.
في المحطة الأولى من تجربتها، اجتازت الهيئة بنجاح امتحان التشكيل. بيد أن الأصعب قادم في الطريق.أمام الهيئة ثلاث مهمات متداخلة ومركبة، يتعين إنجازها في نفس الوقت. وهذا بلا شك تحد غير مسبوق.
أولا: على الهيئة أن تشرع في تأسيس بنيتها الإدارية من نقطة الصفر، وأن تختار الكوادر العاملة بسرعة، ومن ثم تأهيلها للقيام بواجباتها على أكمل وجه، خاصة وأننا بصدد إنشاء مؤسسة دائمة للمستقبل.
ثانيا: وبالتزامن مع المهمة الأولى، على الهيئة أن تأخذ بعين الاعتبار أنها مطالبة بإجراء الانتخابات والإشراف عليها في غضون أشهر قليلة مقبلة.ثالثا: وهي المهمة الأصعب والأخطر، وتتمثل في استعادة الثقة الشعبية بنزاهة الانتخابات.
فبعد سلسلة التجارب الانتخابية السابقة، وما اعتراها من تزوير فاضح لإرادة الناخبين، سيكون من الصعب على الهيئة إقناع الأردنيين بأنها مستقلة حقا، ولا تخضع لأوامر الحكومة، وأن العملية الانتخابية تحت إشرافها محصنة من التدخلات الحكومية والأمنية.
ينبغي على الهيئة أن تتفهم شكوك الناس وهواجسهم؛ فقد عانوا مرات من تزوير إرادتهم، وتشكيل هيئة مستقلة من الناحية الشكلية ليس كافيا لإقناعهم بانقضاء عهد التزوير.
لذلك، فإن التحدي الأكبر هو استعادة مصداقية العملية الانتخابية؛ فما تم هدره في جولتين سابقتين سيحتاج جولات لاستعادته.
وفي كل الأحوال، تظل نزاهة الانتخابات أهم من قانون الانتخاب بكثير.
الغد