إذا ماكنا نضحك حتى انقطاع النفس ونحن نشاهد حكايات التحدي والتخويف والهجمات والهجمات المضادة بين “توم وجيري” عندما كنا أطفالاً نتابع أفلام الصور المتحركة على شاشات تلفازاتنا التي كانت جديدة الدخول في منازلنا عبر العالم العربي في خمسينيات القرن الزائل، فاننا نميل إلى البكاء، وليس الضحك، إذ نرقب قصص الكر والفر، التحدي والحيلة التي تجري اليوم على قدم وساق في الشرق الأوسط بقدر تعلق الأمر في صراعات التخويف والتلويح بالعصا الغليظة والحروب بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية، وكأننا نتابع “إعادة عرض” لأفلام “توم آند جيري”، ولكن على نحو واقعي على مسرح الشرق الأوسط الملتهب.
المبكي في هذا السياق يتجسد في أن أغلب دول هذا الإقليم، خاصة في تشعبه الخليجي، هي من الدول الغنية، ومنها إيران؛ أي أنها ينبغي أن تتمتع بثرواتها بدلاً من أن تبددها ومعها تهدر وتستهلك أعصاب أبنائها، من خلال تأدية حكايات استعراضات توم وجيري في أماكن قابلة للاشتعال والإلتهاب بسرعة خاطفة.
للمرء أن يلاحظ أن استعراضات القوة والعضلات التي تقوم بها طهران وواشنطن من آن لآخر غالباً ما تمر على نحو يزيد من توتر الأجواء، ويستدعي أنواع الردود من خلال استعراضات عضلات مقابلة أو معاكسة كان ينبغي أن نتجنب إشكالاتها من الأصل كي نكفي المنطقة شرور الحروب والخصومات والنزاعات التي لا تستهلك سوى ثروات أبنائها بدلاً عن إتاحة هذه الثروات للمخطط الاقتصادي والتنموي على سبيل النهوض باقتصادياتنا وتحسين المستوى المعاشي للفرد وللمجتمع عامة.
إن مايكمن في الشرق الأوسط، والخليج العربي خاصة، من موارد ينبغي أن يوجه الوجهة الصحيحة، بعيداً عن الاعيب الكر والفر والمناورات التي لا تجلب سوى التوترات والتسليح والتدخلات الأجنبية. لذا يكون من الحكمة إحترام سيادات جميع دول الخليج العربي اليوم وعدم العبث باستقرار شعوبه على طريق توفير الأمن والاستقرار ليس للمنطقة فحسب بل للعالم الصناعي المتواشجة مصالحه مع ضمان تواصل تدفق البترول منه إلى أقصى حد.