تتنوع أسباب التوزير في الأردن, وأشهرها ثلاثة: الجغرافيا والديمغرافيا والكفاءة, وهناك سبب رابع لا يتم الاعتراف به علناً وهو عندما يكون الوزير من جماعة المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد أو وكالة التنمية الأمريكية, حيث تكون للوزير مهام محددة لا علاقة لها بمجريات التشكيل والتعديل, ومن اللافت أن هذا السبب الرابع يكفل التوزير لصاحبه بالاسم, بينما يمكن ضمن الجغرافيا أو الديمغرافيا الواحدة, المفاضلة بين أكثر من خيار. وفي الواقع من الصعب أن تكون هناك خيارات أخرى في حالة الوزير المحسوب على إحدى المؤسسات الدولية الفاعلة..”.
لكن الظاهرة تحتاج إلى المزيد من التفصيل لكي نفهمها جيداً, فالتوزير ضمن الجغرافيا يشمل المواقع أو الجهات الثلاث الرئيسية, الجنوب والشمال والوسط, ولكن مع استثناء عشائر البدو والعشائر الأخرى الكبيرة العابرة للجغرافيا, غير أن هاتين الحالتين الأخيرتين مستثنيتان كذلك من الديمغرافيا, حيث ان مفهوم الديمغرافيا في الكلام السياسي الأردني يشير في العادة الى الأردنيين من أصول فلسطينية, وذلك مع ضرورة الانتباه الى أن هذه الديمغرافيا تحتوي هي أيضاً على قدر من الجغرافيا التي لا يجرى الحديث فيها علناً, ولكن الجهات المعنية بالترشيح لوزراء الديمغرافيا تعرفها.
غير أن تعقيد الظاهرة لا يتوقف هنا, ففي العادة يجري شعبياً إعادة تصنيف لوزراء الكفاءة وزملائهم وزراء المؤسسات الدولية بحسب الجغرافيا والديمغرافيا, لكن الفرق أن وزراء الكفاءة قد يجدون انفسهم أسرى لهذا التصنيف تحت طائلة السؤال الاتهامي: “ما في حدا كفاءة غيرك?”, بينما وحدهم وزراء المؤسسات الدولية الذين يتمكن الواحد منهم من أن يصيح بوجه مراجعيه من أقاربه: “أنا صرت وزير خاوة”, وهي هنا في الواقع “خاوة دولية”, وهذا بحد ذاته يشكل إضافة “مفاهيمية” وطنية الى علم السياسة.
العرب اليوم