السؤال الأول الذي يجب أن تجيب عليه الحكومة الجديدة, أو أي حكومة ذاهبة أو قادمة, ما هو شكل الإصلاح الذي تدعو إليه? وما هي رؤيتها الإصلاحية بشكلٍ واضحٍ ودقيق? وما هي صورة الأردن التي تريدها بعد تحقيق الإصلاح?.
المشكلة أنّ الحكومات كلّها أو الأغلبية الساحقة منها, تختبئ خلف كتاب التكليف, ولا تستطيع أن تشتق رؤيتها منه بكلمات الرئيس وألفاظه; ولذلك دائماً يشعر مجمل الرؤساء بالراحة وعدم المسؤولية في هذا الجانب, والذي يشكّل نقطة البداية في عمل الحكومة, ومحل الحوار والمراقبة والمحاسبة, ولذلك يصدق في حق حكوماتنا قول الشاعر العربي:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها
واقعد فأنت الطاعم الكاسي
فلسان رؤساء الحكومات نحن لا نفكر, فهناك من يفكر عنا, ونحن لا نملك رؤية سياسية; لأنّ هناك من يملك هذه الرؤية, ونحن لا علاقة لنا ببرنامج سياسي واضح, فالبرنامج مسؤولية جهة أعلى, ولذلك أصبح المواطنون غارقين في الملل وانطفأ الأمل و”دمدمة” القلب حول هذه النقطة بالتحديد, مع أنّ الدستور يحمل الحكومة المسؤولية الكاملة عن جميع شؤون إدارة الدولة السياسية والاقتصادية والعسكرية, والداخلية والخارجية, بلا استثناء, كما ينص الدستور على الأوامر الشفوية والمكتوبة من الملك لا تعفي الرئيس ووزرائه من تحمّل المسؤولية.
نحن أمام قضية كبيرة ومهمة تتعلق بصلب الدستور وجوهره قبل الإصلاح, وقبل ثورة الربيع العربي, ومنذ وجد دستور عام 1952م. تتمثل بهذه الولاية الكاملة والحق الدستوري الكامل بالتصرف وفقاً للسياسات والموازنة التي يوافق عليها البرلمان ورئيس الحكومة هو الذي ينسب للحصول على الإرادة الملكية, بمعنى أن التنسيب يسبق الإرادة; لأنّ رؤساء الحكومات تخلّوا عن ولايتهم الدستورية وحقهم في الولاية العامة رويداً رويداً أصبح عرفاً غير مكتوب, ممّا يشكل تنازلاً غير صحيح عن تنفيذ نص دستوري واضح لا يحتمل اللبس, ومن الضروري العلم أنّ الرؤساء لا يملكون هذا الحق بالتنازل عن الولاية; لأنّ هذا ليس حقاً شخصياً بل هو حقٌ عام لا يقبل التصرف الشخصي والتنازل لأي جهة.
من حق الشعب الأردني ومن حق القوى السياسية أن تتوجه إلى الرئيس بالسؤال المباشر عن رؤية الحكومة السياسية, وعن برنامجها الشامل لإدارة الدولة ولكلّ أردني حق السؤال عن رسالة الدولة ومهمة الحكومة, التي تعد هي شعار المرحلة وعنوانها الرئيسي.
من حق الشعب الأردني أن يعرف إلى أين يسير وفقاً لجدول زمني محدد ودقيق.
العرب اليوم