ناشد مركز حماية وحرية الصحفيين الملك بالتدخل الفوري لإطلاق سراح الزميل جمال المحتسب والموقوف في سجن البلقاء منذ 23 أبريل 2012.
وقال المركز في رسالة بعث بها الى الملك صباح اليوم الإثنين أن قرار إحالة الزميل المحتسب للمحاكمة أمام محكمة أمن الدولة مخالف للدستور والقانون.
وأكد الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين الزميل نضال منصور في رسالته للملك أن إحالة الصحفيين لمحكمة أمن الدولة لا يشكل مخالفة للمبادئ الدستورية والقانونية فقط، بل عدم التزام بتوجيهاتكم الملكية بأن “التوقيف بحق الصحفيين خط أحمر يجب أن لا يتكرر”.
ووصف منصور في رسالته الممارسات التي ترتكبها السلطة التنفيذية وأجهزتها بأنها تسيء لصورة الأردن وتضر بسمعته، مشيراً إلى أن هذه الأخطاء أدت إلى تراجع مكانة الأردن في مؤشرات حرية الصحافة الدولية.
وأرفق مركز حماية وحرية الصحفيين مع الرسالة التي أرسلها للملك مطالعة دستورية وقانونية للتجاوزات التي يشكلها قرار توقيف الزميل المحتسب.
وبينت المطالعة أن الصحفيون أشخاص مدنيون وجرائم النشر هي من اختصاص القضاء المدني وليس القضاء العسكري سنداً لأحكام المادة 101 من الدستور الأردني، حيث نصت المادة 101/2 من الدستور الأردني ووفقا لتعديل الدستور الأخير على أنه “لا يجوز محاكمة أي شخص مدني في قضية جزائية لا يكون جميع قضاتها مدنيين، ويستثنى من ذلك جرائم الخيانة والتجسس والإرهاب وجرائم المخدرات وتزييف العملة”.
وأكدت المطالعة أن ما يظهر المخالفة الدستورية جليةً وواضحة هو نوع الجرم المسند له من قبل نيابة أمن الدولة وهي جناية مناهضة الحكم السياسي في الأردن، فهذا الجرم ليس من ضمن الأعمال الإرهابية التي عرفتها وعددتها المادة 148 عقوبات وليست من ضمن أعمال الخيانة التي عرفتها وعددتها المادة 110 عقوبات كما أنها ليست من ضمن أعمال التجسس المعددة والمعرفة في نص المادة 124 الملغى أصلاً من قانون العقوبات. وهي بالطبع ليست جريمة مخدرات ولا تزييف العملة الأردنية.
وأظهرت المطالعة أن توقيف الصحفيين في قضايا المطبوعات والنشر إنما يخالف أحكام الدستور الأردني حيث نصت المادة (8) منه على أنه لا يجوز أن يقبض على أحد أو يوقف أو يحبس أو تقيد حريته إلا وفق أحكام القانون.
ووجدت المطالعة بالرجوع إلى الأحكام القانونية التي عرضتها أن توقيف الصحفي جمال المحتسب مخالف لأحكام القانون التي تضع شروطاً معينة للتوقيف وبالتالي يكون توقيف الصحفيين كإجراء مخالف للدستور، كما أنه قد تم توقيفه وتقييد حريته من جهة غير مختصة ولا تملك الصلاحية في ذلك وبالتالي فإن ذلك يوجب المساءلة القانونية الجزائية للمدعي العام الذي أوقفه ويوجب المسؤولية المدنية للقضاء العسكري ككل.
وفيما يلي نص المطالعة الدستورية والقانونية:
محاكمة الصحفي جمال المحتسب أمام محكمة أمن الدولة وتوقيفه على قضية مطبوعات ونشر غير دستوري ويخالف نصوص القانون
أولاً: محاكمة الصحفيين أمام محكمة أمن الدولة:
إن محاكمة الصحفيين أمام محكمة أمن الدولة لهو اختراق واضح للدستور ولقانون المطبوعات والنشر ويظهر هذا الأمر من جانبين:
الجانب الأول: الصحفيون أشخاص مدنيون وجرائم النشر هي من اختصاص القضاء المدني وليس القضاء العسكري سنداً لأحكام المادة 101 من الدستور الأردني.
حيث نصت المادة 101/2 من الدستور الأردني ووفقا للتعديل الدستور الأخير على الآتي:
* لا يجوز محاكمة أي شخص مدني في قضية جزائية لا يكون جميع قضاتها مدنيين، ويستثنى من ذلك جرائم الخيانة والتجسس والإرهاب وجرائم المخدرات وتزييف العملة.
وعليه فإن محاكمة الصحفي جمال المحتسب أمام محكمة أمن الدولة والتحقيق معه من قبل نيابة محكمة أمن الدولة هو خرق لنص المادة 101 من الدستور الأردني.
وما يظهر المخالفة الدستورية جليةً وواضحة هو نوع الجرم المسند له من قبل نيابة أمن الدولة وهي جناية مناهضة الحكم السياسي في الأردن، فهذا الجرم ليس من ضمن الأعمال الإرهابية التي عرفتها وعددتها المادة 148 عقوبات وليست من ضمن أعمال الخيانة التي عرفتها وعددتها المادة 110 عقوبات كما أنها ليست من ضمن أعمال التجسس المعددة والمعرفة في نص المادة 124 الملغى أصلاً من قانون العقوبات. وهي بالطبع ليست جريمة مخدرات ولا تزييف العملة الأردنية.
الجانب الثاني: قانون المطبوعات والنشر رقم 8 لسنة 1998 هو قانون خاص بقضايا المطبوعات والنشر وهو القانون الأولى بالتطبيق على قضايا النشر سواء من حيث الجرائم أم من حيث المحكمة المختصة. وذلك سنداً لأحكام المادة 42/ ب من قانون المطبوعات والنشر والتي نصت على أنه:
(على الرغم مما ورد في أي قانون آخر:
ويختص قاضي قضايا المطبوعات والنشر لدى محكمة بداية عمان دون سواها بالنظر في الجرائم التالية:
1. الجرائم المشار إليها في الفقرة (أ) من هذه المادة والواقعة في محافظة العاصمة.
2. الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي والخارجي المنصوص عليها في قانون العقوبات النافذ إذا تم ارتكابها بواسطة مطبوعة أو إحدى وسائل الإعلام المرئي والمسموع المرخص بها).
وعليه وحيث أن الجريمة المسندة للصحفي جمال المحتسب تندرج ضمن الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي وفقاً لما في جاء قانون العقوبات الأردني الساري فيكون قيام نيابة محكمة أمن الدولة بالتحقيق معه لهو أمر يخالف أحكام المادة 42 من قانون المطبوعات والنشر وهو الواجب التطبيق على المواقع الإلكترونية الإخبارية سنداً للقرار الصادر عن الديوان الخاص بتفسير القوانين الصادر بتاريخ 9/4/2012.
ثانياً: توقيف الصحفيين يخالف الدستور والقانون:
نظراً لما في التوقيف من مساس بحرية المشتكى عليه فإن القانون قد أحاط إصدار الأمر به ببعض الشروط. ويمكن إجمالها بالآتي: هذه الشروط ينظر إليها مجتمعة ولا يكفي تحقق شرط دون الآخر.
* وجوب استجواب المشتكى عليه قبل إصدار الأمر بالحبس الاحتياطي، وعلة استلزام إجراء الاستجواب قبل إصدار مذكرة التوقيف ضرورة واجبة لإعطاء الفرصة للمشتكى عليه لمناقشة التهمة المنسوبة إليه علّه يتمكن من إقناع المحقق بعدم وجود وجه لإصدار مثل هذا الأمر. فهذا الأمر كما قلنا أمر تقديري للمحقق ومن ثم يتعين عليه أن يستمع إلى المشتكى عليه كي تتجمع لديه عناصر تقدير ملائمة هذا الأمر.
* توافر دلائل كافية تربط المشتكى عليه بالجرم، حيث لا بد من توافر دلائل على وقوع الجريمة وعلى نسبتها إلى المشتكى عليه ويتعين أن يستخلص منها ملائمة الحبس الاحتياطي ويعود تقدير هذه الدلائل وكفايتها للمحقق (المدعي العام) يمارسه تحت رقابة محكمة الموضوع.
* أن يصدر الأمر بالحبس الاحتياطي ضمن المجال الذي حدده القانون، فمجال الحبس الاحتياطي يكون عادة في الجنايات والجنح المشددة، وتختلف التشريعات العربية في تحديد ذلك فمثلا القانون المصري جعل مجال الحبس الاحتياطي في الجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة شهور. والعلة من هذا التحديد هو خطورة الحبس الاحتياطي باعتباره يتضمن سلباً للحرية، فأراد الشارع حصره في جرائم ذات خطورة خاصة، والعبرة في ذلك بالعقوبة التي يقررها القانون للحرية، وعليه فإنه لا يجوز الحبس الاحتياطي في المخالفات والجنح المعاقب عليها بالغرامة أو الجنح المخففة.
* وجود مبررات لإصدار الأمر بالحبس الاحتياطي. قدمنا أن المحقق غير ملزم بإصدار مذكرة توقيف في حالات معينة، ومهما كانت الجريمة جسيمة، فالأمر راجع لاختياره، من هنا كان لا بد من قيام مبررات لذلك وتتمثل هذه المبررات في ضرورة إظهار الحقيقة كأن يخشى ضياع الأدلة أو تحريفها أو الضغط على الشهود أو التأثير على الأمن العام. وأن يكون هناك خطر جسيم من الفعل والفاعل على المجتمع.
وقد أجمع الفقه القانوني، إلى أن العلة من الحبس الاحتياطي وأسبابه تتمثل بالمصلحة العامة لإجراءات الاحتياط تجاه المشتكى عليه. فعلته تتمثل بالاحتياط لاحتمال فرار المتهم، والاحتياط لاحتمال قيام المشتكى عليه بتشويه أدلة الاتهام.
هذا عن التوقيف بشكل عام، أما عن التوقيف في قضايا المطبوعات والنشر فلابد من التذكير بالآتي:
1. إن الحبس الاحتياطي يناقض قرينة البراءة باعتباره ينزل بالصحفي إيلاماً في وقت لم تثبت فيه إدانته. خاصة مع تأثر سمعة الموقوف سلباً في المجتمعات العربية التي لا تأخذ بأسباب التوقيف وتكتفي بإطلاق الأحكام المسبقة على الموقوفين.
2. إن الحبس الاحتياطي يفصم صلة الصحفي بعائلته ويوقف نشاطه الصحفي ويعرضه من الوجهتين لأضرار قد يستحيل أو يصعب فيما بعد إصلاحها، خاصة وأن العديد من الصحفيين يعتمدون في دخلهم الشهري على ما يعدونه من تقارير صحفية ونحن نعلم مدى سوء الحالة المادية للعديد من الصحفيين وبذلك سينقطع المعيل الوحيد عن عائلته. بالإضافة إلى أننا نعلم أن فرص نجاح العمل الصحفي في سبق صحفي قد لا تتكرر كثيراً وهذا ما يدفع الصحف لتعيين صحفيين بدلاً عن الصحفيين الموقوفين للاستمرار بعمل الجريدة.
3. إن الحبس الاحتياطي هو عقوبة مسبقة للصحفي سيكون أثرها ليس على سلب حريته فقط وإنما قيد على حرية الرأي والتعبير لما سيمثله من سور رادع يخافه الصحفيون ويقيدهم أثناء عملهم.
4. قد يلجأ المحقق للحبس الاحتياطي للضغط على إرادة الصحفي والحصول على اعترافات. ومن أوجه ذلك الضغط منع اتصال الصحفي بمحام يحضر معه التحقيق. إذ كثيرا ما نرى في الواقع العملي انه نتيجة لوجود الصحفي داخل السجن أثناء توقيفه لن يستطيع الاتصال بمحام متخصص في جرائم الصحافة والنشر وهذا له الأثر السلبي بحقه بالدفاع.
5. له تأثير سيئ على استعمال القاضي لسلطته في تقدير العقوبة إذ يميل إلى جعل العقوبة التي يحكم بها معادلة لمدة الحبس الاحتياطي.
6.أثبتت الكثير من التجارب أن العديد من الصحفيين تثبت براءتهم أو عدم مسئوليتهم عما يسند إليهم من جرائم ترتكب بواسطة الصحف. فما هو الحال للأضرار التي لحقت بهم أثناء مدة توقيفهم؟، ونحن نعلم أن النيابة العامة غير مسؤولة عن الأضرار الناشئة عن ذلك التوقيف.
ومن هنا يمكننا القول أن توقيف الصحفيين في قضايا المطبوعات والنشر إنما يخالف أحكام الدستور الأردني حيث نصت المادة (8) منه على أنه:
(لا يجوز أن يقبض على أحد أو يوقف أو يحبس أو تقيد حريته إلا وفق أحكام القانون) ..
وهذا يعني أن التوقيف لا بد أن يكون وفق أحكام القانون.
وبالرجوع إلى الأحكام القانونية التي تم شرحها سلفا نجد أن توقيف الصحفي جمال المحتسب مخالف لأحكام القانون التي تضع شروطاً معينة للتوقيف وبالتالي يكون توقيف الصحفيين كإجراء مخالف للدستور.
كما أنه قد تم توقيفه وتقييد حريته من جهة غير مختصة ولا تملك الصلاحية في ذلك وبالتالي فإن ذلك يوجب المساءلة القانونية الجزائية للمدعي العام الذي أوقفه ويوجب المسؤولية المدنية للقضاء العسكري ككل.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه يمكن الاستعاضة عن الحبس الاحتياطي ووضع ضمانات أخرى مثل الكفالة المالية، مراقبة الشرطة، منع السفر، تضمن مثول الصحفي أمام التحقيق والمحاكمة. وهي أفضل من توقيفه دون مسوغ قانوني لذلك.
وبمقارنة ما يتعرض له الصحفيون من توقيف مع طبيعة الجريمة التي ترتكب بواسطة الصحف ومع توفير الضمانات للصحفي أثناء ممارسته لوظيفته دون عوائق نجد أنه لا يوجد أي مبرر قانوني لتوقيف الصحفيين خاصة وأن التوقيف عقوبة مسبقة فيها من الأسى والألم النفسي للصحفيين ما يكفي دون الحكم بالعقوبة الأصلية كما أنه سلاح بيد رجال السلطة لتصفية الحسابات مع الصحفيين في بعض الأحيان.
كما أن توقيف الصحفي جمال المحتسب يخالف أحكام المادة 42/ح والتي نصت على الآتي:
1. لا يجوز التوقيف نتيجة إبداء الرأي بالقول والكتابة وغيرها من وسائل التعبير.
2. كما لا يجوز التوقيف في الجرائم المشار إليها في الفقرتين (أ) و(ب) من هذه المادة، وأن المقصود في الجرائم المشار إليها في الفقرتين (أ) و(ب) هي الجرائم الواقعة ضمن محافظة العاصمة والجرائم الواقعة امن الدولة الداخلي والخارجي والتي ضمنها الجريمة الموجهة لجمال المحتسب.
وهذا يؤكد المخالفة الدستورية بأن توقيفه لم يتم وفقاً لأحكام القانون بل تم خلافاً لأحكام القانون.