ودخلت القاعدة إلى سورية..
عندما كانت الولايات المتحدة الأمريكية تعدُّ العدة مع بعض العرب لغزو العراق في العام 2003، كانت سورية وفي إطار موقفها الرافض للغزو تؤكد أن الخطوة الأمريكية ستجلب ويلات الإرهاب والدمار وعدم الاستقرار إلى المنطقة، وذلك بالنظر إلى تاريخ واشنطن وتجاربها الموغلة في الإرهاب ودعمه، وإلى احتضان بعض الدول العربية له فكراً وتمويلاً…
وللأسف هذا ما حدث تماماً، فالعراق يعاني منذ عدة سنوات من إرهاب تحالفت معه واشنطن وسكتت عنه لاستخدامه في مواجهة حركات المقاومة الشعبية، وكذلك فعلت دول عربية رغبت بتسخيره لتحقيق مآربها في إنهاء أي أمل بعراق قوي مستقل وموحد…
وهذا هو حال سورية واليمن وما يتعرضان له هذه الأيام من إرهاب ينفذه تنظيم القاعدة، وتموله دول عربية، ويحتضنه الغرب…
وبنظرة بسيطة إلى محور الدول العربية والإقليمية التي تعاني اليوم من إرهاب تنظيم القاعدة، فإنه سيتضح لنا ماهية الدول التي تدعي في العلن محاربته وتحتل دولاً بأكملها بحجة القضاء عليه وتزج في السجون آلاف المعارضين بذريعة الانتماء إليه، بينما هي في السر تصفق لعملياته وتدعمه مالياً ولوجستياً..
لم تكن التفجيرات الإرهابية الانتحارية التي تعرضت لها عدة مناطق سورية خلال الفترة الماضية أولى المؤشرات على دخول تنظيم القاعدة ميدان الأحداث في سورية، وإنما كانت في طريقة تنفيذها واختيارها للأهداف ترجمة فعلية مباشرة لوجود هذا التنظيم في البلاد، أما المؤشرات الأولية فيمكن أن يحدد بعضها بالتالي:
- قيام سلطات الاحتلال الأمريكي وقبل خروجها المذل من العراق بإطلاق سراح المئات من عناصر القاعدة وتهريبهم إلى سورية، وهذا ما أكده لاحقاً أكثر من مسؤول عراقي عندما كشفوا عن تسلل عناصر من تنظيمات إرهابية مختلفة إلى سورية.
- نشر بعض وسائل الإعلام العربية والعالمية أخباراً تتحدث عن قيام مسؤول سعودي بإطلاق بعض معتقلي القاعدة من سجون بلاده شريطة توجههم لـ»الجهاد« في سورية.
- تحريض زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري ودعوته منتسبي التنظيم إلى القيام بعمليات على الأراضي السورية، وهي دعوة تلاقت في مضمونها وعدوانيتها مع فتاوى شيوخ الفتنة والضلال في قطر والسعودية التي استباحت الدم السوري وحللت سفكه.
- إعلان مواقع إلكترونية ناطقة باسم تنظيم القاعدة وبالصور عن مقتل عدد من منتسبيه وقادته خلال عمليات إرهابية لهم على الأراضي السورية، وكذلك ما تردد من أخبار تتعلق بقيام التنظيم في عدة دول عربية وأجنبية كليبيا وغيرها بمحاولات تهريب مسلحين إلى سورية.
- تزايد العمليات الانتحارية بسيارات مفخخة تستهدف مناطق سكانية وحواجز لقوات الجيش وحفظ النظام، والمتعارف عليه أن القاعدة أبرع من ينفذ هذا الأسلوب ويخطط له ويعد منفذه فكرياً ونفسياً وعسكرياً.
وعليه فإن ما تواجهه سورية يتجاوز مجموعات مسلحة تكونت من مجرمين فارين من وجه العدالة أو ممن غررت بهم بعض الدول والجهات، ليصل إلى إرهاب تقوده القاعدة في عمليات ويستفيد مسلحون آخرون من تجاربها وطريقتها وأسلوبها في عمليات أخرى، الأمر الذي يعطي الدولة السورية الحق كاملاً في حماية مواطنيها وصيانة أمنهم واستقرارهم.
