- الخصاونة في استقالته: الحكومة عملت على محاربة الفساد واسترداد الولاية العامة…
أكد الملك عبد الله الثاني في رسالة لرئيس الوزراء المستقيل عون الخصاونة، أن سمة التباطؤ والمراوحة ظلت هي السائدة طيلة الأشهر الماضية مساء الخميس، إضافة إلى إعطاء الأولوية لبعض القوانين على حساب قوانين الإصلاح الرئيسية التي ينبغي أن تكون لها الأولوية، وذلك خلال متابعته لأعمال الحكومة في شتى المجالات.
وأضاف الملك في رسالته، أنه فوجئ بإصرار الخصاونة على رأيه بعدم وجود ضرورة لتمديد الدورة العادية وتأجيل إنعقاد الدورة الاستثنائية لمدة شهر، وإضافة مجموعة مشاريع قوانين أخرى ليست ذات أولوية في هذه المرحلة، مما يعني أن تظل القوانين الرئيسية قيد المراوحة، وبلا إنجاز.
وهذا يعني بالتالي، بحسب الرسالة، “أن لا نتمكن من إجراء الانتخابات النيابية في هذا العام كما التزمنا بذلك من قبل، بسبب عدم إقرار قانونها واتخاذ الإجراءات والترتيبات اللازمة لإجرائها، ومن ضمنها تشكيل الهيئة المستقلة للإشراف على الإنتخابات وإداراتها وبناء قدراتها، وحتى الانتخابات البلدية، والتي كان ينبغي أن تكون قد أجريت، لم يحسم أمرها بعد”.
فيما أكد الخصاونة في استقالته المقدمة للملك، أن حكومته التي اختار أعضاءها على أسس النزاهة والكفاءة، عملت على مكافحة الفساد ضمن قواعد القانون، وعملت كذلك على استرداد الولاية العامة لمجلس الوزراء والتي هي أحد الأسس الرئيسية التي يقوم عليها الدستور الأردني.
كما أتمت الحكومة، بحسب رسالة الخصاونة، رزمة التشريعات المطلوبة بكفاءة عالية وضمن فترة زمنية معلنة ومحدودة، وكان آخر هذه التشريعات مشروع قانون الانتخاب، والذي وإن لم يرق إلى ما كنت أطمح إليه، إلا أنه يلائم هذه الفترة الانتقالية.
وأضاف “ورغم الأزمة الاقتصادية الخانقة والتراكمات الموروثة، فقد نفذت الحكومة برنامج إعادة هيكلة رواتب موظفي القطاع العام وسعت، على قلة من الإمكانيات، إلى إنصاف ذوي الدخل المحدود ما أمكنها ذلك”.
“واليوم وبعد أن أصبحت مشاريع القوانين ملكاً لمجلس الأمة، وبعد أن استقرت أمور البلد بشكل كبير، فإنني أتقدم باستقالة حكومتي إلى مقام جلالتكم آملاً أن تتلطفوا، وأنتم من لا يعوزه اللطف بقبولها”، وفقا لما جاء في الاستقالة.
وتاليا نص رسالة الملك لرئيس الوزراء المستقيل:
بسم الله الرحمن الرحيم دولة الأخ عون الخصاونة، حفظه الله، أبعث إليك بأطيب تحياتي وأمنياتي بدوام الصحة والتوفيق، فقد تلقيت كتاب استقالة حكومتك بعد ستة أشهر من تشكيلها، وإضطلاعها بحمل أمانة المسؤولية، وكنت قد أكدت في كتاب التكليف الذي وجهته إليك ضرورة إنجاز التشريعات والقوانين التي تجسد رؤيتنا الإصلاحية، وتمكننا من ترجمتها على أرض الواقع، في أسرع وقت ممكن تلبية لتطلعات شعبنا الوفي ورغبته في تحقيق الإصلاح السياسي المنشود، وكان لا بد من إنجاز القوانين التي ترتبت على التعديلات الدستورية التي أقرت قبل تشكيل حكومتك، وفي مقدمتها الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات وإدارتها، وقانون الانتخاب وقانون البلديات حتى نتمكن من إجراء الانتخابات البلدية والنيابية قبل نهاية هذا العام، إضافة إلى قانون الأحزاب وقانون المحكمة الدستورية.
كما أكدت على ضرورة أن تكون العلاقة بين الحكومة ومجلس الأمة في أعلى مستويات التعاون والتنسيق والحرص الحقيقي على إنجاز هذه القوانين والتشريعات التي تشكل أساس مسيرتنا الإصلاحية. وقد تضمن كتاب التكليف أيضاً التأكيد على ضرورة محاربة واجتثاث كل أشكال الفساد، وتقديم كل شبهة فساد إلى القضاء لتأخذ العدالة مجراها، ويطبق القانون على الجميع دون محاباة أو مراعاة لأي اعتبارات أخرى فلا أحد فوق القانون و لا أحد فوق المساءلة، إضافة إلى ضرورة أن يسير الإصلاح الاقتصادي جنباً إلى جنب مع الإصلاح السياسي لتحسين مستوى معيشة المواطن وتجاوز التحديات الاقتصادية التي نواجهها.
دولة الأخ، لقد منحتك وحكومتك كل الصلاحيات والثقة والحرية التي تمكنكم من النهوض بالمسؤولية، على أمل أن يكون الإنجاز على قدر هذه الصلاحيات.
وقد تابعت طيلة الشهور الماضية أعمال الحكومة في شتى المجالات، وكنت آمل أن تكون الحكومة أكثر فاعلية ونشاطاً في إنجاز تلك القوانين بالتعاون مع مجلس الأمة، لكن سمة التباطؤ والمراوحة ظلت هي السائدة على الأداء طيلة الشهور الماضية، وقد نبهت إلى خطورة ذلك في لقاءاتي المختلفة على مسيرتنا الإصلاحية، ولكن مع الأسف كانت تعطى الأولوية لبعض القوانين على حساب قوانين الإصلاح الرئيسية التي ينبغي أن تكون لها الأولوية، ثم فوجئت مؤخراً بإصرارك على رأيك بعدم وجود ضرورة لتمديد الدورة العادية وتأجيل إنعقاد الدورة الاستثنائية لمدة شهر، وإضافة مجموعة مشاريع قوانين أخرى ليست ذات أولوية في هذه المرحلة، مما يعني أن تظل القوانين الرئيسية قيد المراوحة، وبلا إنجاز، وهذا يعني بالتالي أن لا نتمكن من إجراء الانتخابات النيابية في هذا العام كما التزمنا بذلك من قبل، بسبب عدم إقرار قانونها واتخاذ الإجراءات والترتيبات اللازمة لإجرائها، ومن ضمنها تشكيل الهيئة المستقلة للإشراف على الإنتخابات وإداراتها وبناء قدراتها، وحتى الانتخابات البلدية، والتي كان ينبغي أن تكون قد أجريت، لم يحسم أمرها بعد.
لقد أكدت لك يا دولة الأخ في غير مرة أننا نمر بمرحلة دقيقة، وأننا ملتزمون أمام شعبنا والعالم بتحقيق الإصلاح المنشود الذي لا تراجع عنه، وأننا لا نملك ترف الوقت ولا إمكانية التأجيل أو التأخير لما التزمنا به ووعدنا شعبنا الكريم أن يرى الإنجاز على أرض الواقع، ولكن ما تحقق حتى الأن هو أقل مما يجب وأقل مما كنا نؤمل.
إن الأردن ،والحمد لله، كان ولا زال وسيبقى دائماً في الطليعة بجهود أبنائه المخلصين، وأن ما حققه الأردن بكل سلطاته الدستورية ومؤسساته الوطنية من إنجازات على مختلف الصعد كان تراكماً عبر سنوات طويلة من العمل والتواصل بيننا وبين أبناء شعبنا الكريم، وتلمس همومهم ومشاكلهم والعمل على تلبية طموحاتهم وتطلعاتهم، ولم تكن هذه الانجازات حكراً على فترة زمنية بعينها.
أما وقد تقدمت إلي بكتاب استقالة حكومتك لتأخذ نصيبك من الراحة، فإنني أقبل استقالة حكومتك، مؤكداً على شكري وتقديري لك ولزملائك الوزراء على ما قدمتم وأعطيتم لوطنكم، فجزاكم الله كل الخير، وبارك الله فيكم جميعاً، وستبقى يا دولة الأخ موضع الثقة والاحترام والتقدير.
وأسال المولى عز وجل أن يحفظك ويرعاك ويديم عليك نعمة الصحة والعافية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عبدالله الثاني ابن الحسين عمان في 4 جمادى الآخرة 1433 هجرية الموافق 26 نيسان 2012 ميلادية