أعلن ناشر صحيفة “آرام” الإلكترونية ،نصر المجالي عن “إجازة آرام الطوعية الاضطرارية” ،إلى حين من الوقت، دون تحديد لسقف زمني لذلك التوقف الطوعي.
وأشار المجالي في مقال له على موقع الصحيفة يوم الاثنين، والذي تناول خلاله مسيرة “آرام” منذ انطلاقها عام 2006، إلى ما يعانيه الإعلام الأردني بشقيه الرسمي والخاص من قصور، إضافة إلى ما هناك منجزات، “لكنها لم تكن ترقى إلى حد الرضى وخدمة طموحات الأردن وقيادة الأردن وشعب الأردن”.
وأضاف بأن “الصحافة المحلية إذا ما قورنت بنظيراتها العربيات فإنها تتقدم عليها بمساحات واسعة، ولكن علتها كانت وما تزال وستظل إلى حين من الزمن قاصرة، إن تقدم الأردن إلى العالم عبر ما هو متاح لها من إمكانيات بشرية وتقنية وهي كثيرة وتحتاج لمن يحرك ماكيناتها وآلياتها”.
وتاليا نص مقال المجالي:
كنّا وعدنا أن نروي حكاية رحلة (آرام) إلى الأردن،، وهي رحلة شاقة لم تكن طريقها مزروعة بالورود والرياحين كما يظن كثيرون،، كان الأردن بالنسبة لنا “على صعيد شخصي ومهني” هدفاً كبيراً وطموحاً وحلماً منذ الغربة الأولى قبل أكثر من ثلاثين عاماً حين يممنا شطر دولة الإمارات العربية المتحدة،، ثم بعدها الغربة الثانية صوب الديار البريطانية التي أصبحت وطناً.
لم تكن رحلة الاغتراب الطويلة الشاقة بحلوها ومرّها عن الأردن الغالي هينة أوسهلة، وهي سواء بسواء لم تكن ذات أهداف مادية أو السعي وراء سراب عزّ أو جاه أو ترف وبذخ،، مثل هذه الأهداف كانت متحققة وكنا نباهي بها الدنيا في ديرتنا الأردنية التي نحب ونعشق،،
ولكنها كانت مسيرة من أجل التغيير، التغيير وحده “فقط لا غير” كان الطموح نحو عالم أرحب في الإعلام والصحافة على امتداد العالم بكل منتجاته وأدواته ووسائله،، كنا نرى العالم ولازلنا وحدة واحدة رغم تعدد أجناسه وأصوله وثقافاته. كان السعي نحو عالم متحد لا حدود فيه همّاً ومسعىً عبر تقنيات التطور ووسائل الاتصال نستطيع القول اننا حققنا بعضاً منه أن لم نقل كله.
خلال ثلاثين عام ونيف من الاغتراب لم نعد غرباء عن العالم .. صرنا ننتمي إليه كله،، فلا فرق عندنا بين لندن وعمان أو الشارقة أو الكرك التي هي مسقط رأسي او لوس أنجليس وباريس والقاهرة ودمشق والرباط وطرابلس وبغداد وبرلين والكويت والرياض والبحرين وابو ظبي ودبي .. الخ من عشرات المدن التي زرناها وشاركنا على اراضيها بمهمات وندوات ومنتديات ومؤتمرات.
ومع هذا وذاك، كان الأردن هو الطموح الكبير الذي حملناه في خافقينا وفي حدقات العيون،، لم يكن هذا الوطن الغالي بعيداً عنّا لقد رافقنا في حلنا وترحالنا وفرحنا وحزننا ومعاناتنا وفي السراء والضراء، فهو لم يبتعد عنّا ولم نبتعد عنه بقضاياه وهمومه وتضحياته ومعاركه في البقاء، ولا نحمّله جميلاً أو نمن عليه بشيء مما قدمناه وسيظل كثير منه مخفياً رغم أنه منشور في كل وسيلة إعلامية زاولنا فيها مهمات صحافية في بلاد الغربة. ولازلنا نشعر بالتقصير ونقف امام هيبته الكبيرة وقامته العالية صاغرين مستغفرين عن أخطاء ربما كنا ارتكبناها بحقه حيث نحس أننا لم نقدم له كما أعطانا منذ كانت لحظة الميلاد الأولى وعبر السنين.
اشارة العودة الى حضن الوطن،
وإذ ذاك، سنكون صادقين شفافين مكاشفين في روايتنا ولن نحيد عن الحقيقة فيما يروي فالكلمة الصادقة مسؤولية أمام الله والضمير والناس الذين رضاهم غاية لا تدرك:
.. لا أحد يمكن له أن يحس بما أحسسناه حين تلقينا إول إشارة في العودة إلى حضنه نخدمه من غربتنا بما أوتينا من عزم وتجربة وما تحصلنا عليه عبر السنين،، لا أحد يمكن له أن يتخيل لحظة فرحنا الذي انطلق مصحوبا بغصة ممزوجة بالدموع على أننا أخفيناها حينها .. لقد كانت تلك الإشارة تشكل منعطفاً جديداً في المسار،، وخطوة متقدمة إلى الأمام واختطفناها بلا تردد وقلنا لمن كلفنا بها .. نعم نحن جاهزون وعلى الله الاتكال.
في بدء صيف العام 2006 كنت في طريقي من البحرين “بعد انجاز مهمة امتدت لستة اشهر” إلى لندن عبر عمان التي مررت بها للاطمئنان على أحوال الأهل والديرة .. وقتها كان هناك اتصال هاتفي مع مدير الإعلام والاتصال في الديوان الملكي الهاشمي الزميل الأستاذ أمجد العضايلة، ومن بعده كان لنا لقاء،، وفيه تم عرض حال الإعلام الأردني وتجاذبنا الآراء فيما يمكن عمله لتغطية اية قصور هنا أو هناك،،
لنعترف أنه كان هناك ولا يزال قصور في الإعلام الأردني بشقيه الرسمي والخاص، وهناك منجزات،، لكنها لم تكن ترقى الى حد الرضى وخدمة طموحات الأردن وقيادة الأردن وشعب الأردن،،، وهنا استطيع القول ان الصحافة المحلية اذا ما قورنت بنظيراتها العربيات فانها تتقدم عليها بمساحات واسعة،، ولكن علتها كانت وما تزال وستظل الى حين من الزمن قاصرة ن ان تقدم الأردن الى العالم عبر ما هو متاح لها من امكانيات بشرية وتقنية وهي كثيرة وتحتاج لمن يحرك ماكيناتها وآلياتها.
رغبة ملكية،
كان كلام الزميل العضايلة منصبّ على رغبة ملكية بإعلام يقتنص تكنولوجيات العصر للارتقاء بالبعد المهني للعمل الاعلامي والعمل بمهنية عالية لتتماشى نع سياسة الانفتاح الاقتصادي الاجتماعي والثقافي التي ينتهجها الأردن ويواكب التطورات الحديثة التي يشهدها العالم.
ولمح الزميل العضايلة وقتها الى الرؤية الملكية التي كانت صدرت قبل لقائنا بأكثر من عام لتطوير رؤية جديدة للإعلام الأردني تأخذ بعين الاعتبار روح العصر وتخدم أهداف الدولة الأردنية وتعبر عن ضمير الوطن وهويته بكافة فئاته وأطيافه وتعكس إرادته وتطلعاته وتتيح لوسائل الإعلام الأردنية القدرة على التنافس مع وسائل الإعلام الأخرى.
وقتها كان الكلام عن الصحافة الالكترونية التي بدأت تشق طريقها عبر شبكة الانترنت، وحيث،كانت لي تجربة في هذا المجال من خلال العمل في أول صحيفة عربية الكترونية وهي (إيلاف) لناشرها الزميل عثمان العمير التي حققت نجاحات رائدة منذ اطلاقها 2001 ، فان الزميل العضايلة سأل ما إذا كان باستطاعتي إطلاق صحيفة كـ “إيلاف” تحمل هموم الأردن وقضاياه عبر العالم،وتكون هذه الصحيفة دولية الأبعاد والسمات والهوية.
كانت الإجابة بـ “نعم”،، كانت هذه ألـ “نعم” مسؤولية وتبعة لا متعة بالنسبة لنا، فرضت علينا مسؤولية وطنية أولاً ومهنية ثانياً، ونقول وطنية أردنية خالصة، هي اننا شعرنا انه آن الأوان لكي نخدم الوطن ومباشرة لا عند الآخرين وعبر وسائلهم الاعلامية المغتربة مثلنا سواء كانت إماراتية سعودية او كويتية أو عراقية أو بحرينية أو بريطانية،، وفي كل هذه الوسائل كان للأردن من خلالنا دور ونصيب ومساحات واسعة حققناها باعتراف قادة واصحاب تلك الوسائل الإعلامية والصحافية.
حتى أن احد رؤساء تحرير احدى الصحف التي عملت بها في لندن واجهني في احدى المرات بالقول: اراك “أردنت” الصحيفة .. أي جعلتها أردنية الهوى !،، وأردف قائلاً: صدقني .. انا احسد الأردن أن يكون صحافي مثلك ينتمي اليه ويدافع عنه كما تدافع وتقدمه كما تقدم بالاخبار والتحليلات والتقارير .. لك يا نصر وللأردن كل مساحات صحيفتنا ،، فالأردن يستحق وانت كذلك. “نرجو المعذرة لإيراد حكاية كهذه” والأمثلة كثيرة لا مجال لسردها.
شعور بالتحدي،
حينا قبلنا المهمة، كنا نشعر بالتحدي،، وعظم المهمة والمسؤولية،، لكن ما كان يخفف عنا ذلك ويدفعنا للعمل بسرعة واتقان لإنجازها هو أننا نخدم وطنا غاليا وملكا أغلى تبوأ عرش أجداده وكنا تابعناه في كل خطاباته ومواقفه منذ اعتلى العرش في العام 1999 .
لقد اختط الملك عبدالله الثاني ابن الحسين نهجاً غير مسبوق في التعاطي مع ظروف الحكم وتولي المسؤوليات في بلد ظل على الدوام يعيش مع الخطر وعلى فوهة براكين وزلازل عاتيات في أقليم متفجر.
وكان للإعلام هاجس كبير عنده، ولذلك حين أطلق شعار “حرية سقفها السماء” ودعا إلى إعلام يواكب العصر ويستلهم منجزاته في خطابات بمناسبات كثيرة، فإنه كان يستنهض ابناء اعلام مملكته ويدفعهم الى اقتحام التجربة والإقدام عليها بلا خوف أو وجل،، فإنه كان وما يزال يدرك أن الأهداف الكبار لإعلام متقدم لا يمكن أن تتحقق إلا بالجرأة والتسلح بالمتغيرات التقنية والفنية التي يشهدها العصر.
وفي الوقت الذي كان الملك عبدالله الثاني يتحمل ويتكفل بالعديد من القضايا والمهمات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية لتسيير دفة الحكم في المملكة الهاشمية الرابعة، وترسيخ مناهج جديدة تستشرف آفاق القرن الواحد والعشرين بكل تحدياته، فإنه أفرد مساحات واسعة للإعلام كسلاح مهم ومثير في مسيرة الإصلاح.
رؤية عبدالله الثاني،
كانت رؤية الملك عبدالله الثاني الاستشرافية السباقة لغيرها بطموحها تحلم ببناء منظومة إعلام أردني حديث يشكل ركيزة لتحقيق التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي نريد يتماشى وسياسة الانفتاح الاقتصادي الاجتماعي والثقافي التي ينتهجها الأردن ويواكب التطورات الحديثة التي يشهدها العالم.
ولذلك، كان يركز على تطوير رؤية جديدة للإعلام الأردني تأخذ بعين الاعتبار روح العصر وتخدم أهداف الدولة الأردنية وتعبر عن ضمير الوطن وهويته بكافة فئاته وأطيافه وتعكس إرادته وتطلعاته وتتيح لوسائل الإعلام الأردنية القدرة على التنافس مع وسائل الإعلام الأخرى.
لقد دعا العاهل الهاشمي وظل على الدوام يدعو الى تشجيع التعددية واحترام الراي والراي الاخر وذلك من خلال عرض وجهات النظر المختلفة في مناخ من الاستقلالية والحرية المسؤولة والتعبير عن الوطن بكافة فئاته واطيافه وعكس ارادته وتطلعاته. ممارسة اداء اعلامي يقوم على المهنية والتميز والابداع والحرية المسؤولة.
وفي رؤيته لدعم استقلالية مؤسسات الاعلام واداراتها فانه دعا الى استقلالية ادارات المؤسسات الاعلامية واستقلالية القرارات الاعلامية المؤسسية وفتح المجال امام القطاع الخاص للمشاركة في ملكية وسائل الاعلام وتمكين هذه المؤسسات من لعب دورها الرقابي في المجتمع في مناخ من الحرية المسؤولة والاستقلالية والمهنية المتطورة.
ثم انه كان ولازال يركز على الارتقاء بالبعد المهني للعمل الاعلامي والعمل بمهنية عالية وذلك من خلال: تطوير مواثيق الشرف الاعلامي وتوجيه تطور العمل المهني من خلال التدريب والتاهيل والتخصص ومراجعة القوانين الاعلامية والصحفية والاستثمارية الخاصة بالصحافة والاعلام والاخذ بالمتغيرات التقنية والفنية التي يشهدهاالعصر.
ولذلك، فإنه في رؤيته الاستشرافية للإعلام رأى أن لهذا المحور المهم في حياة الأمم دور كبير في ترتيب اولويات المجتمع واهتماماته وبناء المعرفة وتشكيل الاتجاهات والممارسات وبناء ثقافة مجتمعية تساعد على تنظيم حياة الناس.،وكذلك التفاعل المجتمعي بالشأن العام والدفاع عن حقوق الانسان وتشكيل صورة الوطن داخليا وخارجيا والقيام بالدور الرقابي في اطار من الحرية المسؤولة والمهنية العالية والمصداقية.
قصور مؤلم،
مثل هذه الرؤية التي تنظر الى ما وراء الأفق، هل تحققت على أرض الواقع رغم أن صوت الملك “بُحّ” في الدعوة إليها ؟؟ .. نشك في ذلك بالتأكيد.. فلا زال الوضع على حاله ولم يتزحزح أماماً .. اللهم إلا في تغيير الوجوه “والطواقي” الإعلامية في مؤسسات الدولة الإعلامية ورئاسات وإدارات التحرير ومجالس الإدارة حسب رغبات رؤساء الحكومات المتعاقبين في السنوات ألـ 12 الماضية وهم عديدون.
ومع هذا القصور الواضح المؤلم .. فإن الأردن شهد في السنوات الأربع الأخير طوفانا في اطلاق عشرات المواقع الالكترونية التي صارت تلبس لبوس الصحافة لا بل انها بهذا ألـ “تسونامي” المنفلت وغير المنضبط الفظيع طردت الصحافة الحقيقية وصارت هي الوحيدة التي تعلن عن نفسها بلا مسؤولية تجاه الوطن والقراء سواء بسواء، فاوغلت تفتيتا وتصعيدا بالعصبيات والقبليات بمقالات وتقارير لا رادع لها وفي غياب من القوانين الضابطة تحت شعار “حرية سقفها السماء” مع اغفال “مسؤولية” بعد كلمة “حرية”.
والحديث شاق في هذا المجال لا داعي للاستطراد فيه،، فالجميع في عمّان يعرف مكامن الخطأ ولكن لا أحد يعلق الجرس، بل أن كثيراً من المسؤولين صار يهاب من الزج بنفسه وبمنصبه من “عش دبابير المواقع الالكترونية” .. هذه العملة الرديئة التي طردت العملة الجيدة من السوق جهاراً نهاراً وانفلتت كانفلات اشياء كثيرة على الساحة الأردنية .. لمزيد الأسف .. وهنا لا نعمم في الكلام .. فهناك مواقع الكترونية لها احترامها ومهنيتها وابلت بلاء حسناً فيمهمتها إلى اللحظة ولكن نخشى عليها الضياع اذا استمر الحال.
نعود لتنفيذ مهمة إطلاق (آرام)،
اتفقت مع الزميل أمجد العضايلة على كثير من تفاصيل مهمة إطلاق الصحيفة الالكترونية لتشكل نواة لإعلام متفرد يستوعب معطيات العصر وتقنياته ولتكون خطوة نحو مشاريع إعلامية أوسع، أردنية الهوى عربية الابعاد دولية الانطلاق والرؤية والاستيعاب، هذا كله تم وبمعرفة مباشرة من رئيس الديوان الملكي آنذاك الدكتور باسم عوض الله ، وحين كما قالا لي وقتها حازا على موافقة الرجل الكبير (The Big Boss) وهو تعبير يعني الملك الذي تشرفت بالسلام عليه وقتها في منطقة البحر الميت على هامش لقاء (كلنا الأردن).
حتى أن اسم الصحيفة الالكترونية الوليدة المقترحة الذي في النهاية كان (آرام) اثير في النقاشات والاتصالات اياها فضلا عن أهدافها وترتيب اطلاقها ونفقات اصدارها، وهنا لا بد من الاشارة الى ان ما قدمته كاقتراح كنفقات للاصدار كان يعد بـ”الملاليم” مقارنة بالطموح الكبير لمشروع اعلامي ضخم.
لستة من الأشهر بأيامها ولياليها، كان العمل موصولاً لإنجاز مهمة إطلاق (آرام) من حيث تحديد مكان الانطلاق بعد استصدار رخصتها البريطانية،، كنا عازمين ان يكون المكان من عاصمة عربية فكان الخيار بين بيروت ودبي والقاهرة وعمان فضلا عن مكان رخصتها لندن.
وتم الاتفاق على ان تكون عمّان هي المكتب الرئيسي الاقليمي للانطلاق،، ليتنا لم نفعل !.
بعد الانتهاء من كل الترتيبات وتعيين المحررين والمراسلين في عدد من العواصم والاداريين والاتفاق مع العديد من الكتاب العرب ،والفنيين وتصميم الشكل النهائي للصحيفة، كان الاتفاق على موعد الانطلاق وهو ليل الخامس عشر من ديسمبر/ كانون الأول 2006 …
وفعلا انطلقت (آرام) وظهرت على الشاشة منتصف تلك الليلة بالتمام والكمال كما كنا تعهدنا وعدنا. وصار لها في ايام معدودات صوتا واسما وصيتا ذائعا بين مختلف وسائل الاعلام وفي عواصم القرار التي صارت تتابعها وترصد انفاسها ومواقفها وكتاباتها وتقاريرها… بعضها رحب بنا وبعضها رفضنا وحظر ظهور (آرام) أمام القراء على شبكة الانترنت في وطنه لان سياستها،لم تكن تتفق مع توجهات بعض الانظمة في تلك العواصم.
جبهات كثيرة احتشدت ضد (آرام) من داخل الأردن وخارجه، سياسية تخشى على مصالحها وفسادها وتخبطها وضبابية قرارتها ودينية متطرفة تخشى من مبادئ آرام،الليبرالية وحربها الضروس على الترهيب والتكفير والتشدد واهلهما.
وفي أسابيع قليلة ومحدودة من الانطلاق بدأنا نواجه مرحلة جديدة شاقة ليس من انظمة تلك العواصم وليس في عملية ممارساتنا لمهماتنا المهنية وهي لم تكن هينة في بدايات اي مشروع علامي صاحب رسالة استشرافية مستقبلية بعيدة، مع ما يرافق ذلك من سهر وداب وحرص ومتابعة وجهد ووووو الخ .. الخ.
مجابهة أردنية،
احدى مراحل،المجابهة،كانت محض أردنية ومن الحضن الذي كنا تواقين للعودة اليه والعمل في ظلاله نتفيأ تحتها،، جوبهنا بتدخلات وشكاو ومؤامرات تحاك في العلن والخفاء من جانب مسؤولين وشخصيات تناكف مسؤولي الديوان الملكي الكبار الذين كان لهم جهة القرار بتوجيه من صاحب الجلالة الملك في إطلاق (آرام).
كان لمدير المخابرات الأسبق السجين راهناً بتهم فساد وغسيل أموال محمد الذهبي وعدد من أركانه ممن أحيلوا للتقاعد بعد طرده من منصبه اصابع خفية في عرقلة مشروع (آرام). منذ الأسبوع الأول بدأنا نواجه الصعاب والعراقيل والتدخلات !.
مرة يشتكون علينا اننا نتواصل مع انظمة مناهضة للأردن .. وهذا ليس صحيحا بالتأكيد،، ومرة أننا نبالغ في صور الفنانات وعريهن .. وهنا صاروا دعاة فضيلة وشرف ! واخرى يتهموننا اننا نتدخل في التعيينات والتغييرات الامنية في المملكة .. ومرة يؤلبون علينا كتبة المواقع الالكترونية الطارئة ليهاجموننا بشكل مدفوع ،،!!.
وهكذا استمرأوا مهاجمتنا بمناسبة او أخرى وفي زمن قياسي قصير جدا في عمر مطبوعة فتية ناشئة !!؟
نعترف وبكل مكاشفة وعلانية انه لعام واحد “فقط لا غير” ظلت (آرام) ممولة من عمّان التي كنا نتخيل أنها الأم الرؤوم، والصدر الحنون لا القطة التي تأكل أولادها وتنهشهم،، لقد حول نفر من الناس،عمّان الى نمرة لا ترحم .. فكاد اهل هذه العاصمة،يخسروها او انهم كذلك ،، لقد ارادها البعض عاصمة طائرة بلا هوية ولا انتماء ولا إحساس تجاه شعب يلتف حول عرشها القائم في قلبها الرغداني العتيق الجميل.
كانت المماحكة على اشدها بين محمد الذهبي ورئيس الديوان الملكي باسم عوض الله على أشدها،، وكل كان يحشد انصاره لاغتيال الآخر وإطاحته،،، فمرحلة اغتيال الشخصية والحروب لم تكن بين الرجلين وحسب، بل انها ويا للفجيعة ـ كما اكتشفنا بعد عودتنا لحضن الوطن ـ انها سمة عامة لعقد الألفية الجديد بين رجالات الوطن.
كان ممن يعتبرون انفسهم رجالات وطن .. يتشاحنون لذبح الوطن !! ليس فقط الذهبي وعوض الله وحسب .. بل غالبيتهم،كانوا كذلك من وزراء ومدراء ونواب ووووو سابقين او لاحقين ،، لم تكن لهؤلاء جفون ترفّ خشية على الوطن من الضياع أو انهيار ما بناه الآباء والأجداد ولا قلوب تخشع ولا دماء تسري في عروقهم للحفاظ على المكتسبات الوطنية ،، لا بل انه كما قيل .. عرضوها للبيع !.
رائحة الفساد،
لقد اشتمّت (آرام) رائحة الفساد منذ لحظة حلولها بين ظهراني متخذي القرار في عمان !! حتى الشاب الذي اختير ليكون صلة وصل بيننا وبين الديوان الملكي وشبه مستشار لبعض فنيات العمل واحتياجاته كان مصابا بـ “لوثة الفساد”، فورطنا معه بمبالغ مالية كان بامكاننا تجاوزها في أول تصميم فني للصحيفة، كما ورطنا معه باستشارة قانونية لجهة ترخيص المكتب في عمان دفعنا مقابلها مبلغا شبه خرافي ..
عدنا الى حضن عمان ولم نكن نعرفها فهي لبست جلدا جديدا ووجها جديدا وهوية جديدة وصارت قراراتها في زمن أغبر بيد غير الناس الذين كنا نعرفهم قبل غربة الثلاثين عاماً…
لأننا لم ننحاز لأجنداتهم وقراراتهم التي كانوا يتععذومها في “المواخير” والصالونات التي ابتدعوها بدأت المؤامرات تنهال،علينا من حيث لا نحتسب .وبدأ مسلسل نهش لحمنا وعظمنا..
فقد امتشق الذين كان بيدهم القرار سيوف الغدر وخناجرهم المسمومة لضرب (آرام) في مقتل بخاصرتها،، كانوا بداوا التعاطي مع هذا المشروع الطموح الوليد كواحدة من المؤسسات التي كانوا انهكوها تخريبا وعبثا بتعيينات زمر المحاسيب والاقارب والأصهار، وتغييرات عبثية وهو ما كان طاول حتى المؤسسات الإعلامية كوكالة الانباء والتلفزيون وصحيفة (الراي) ودائرة المطبوعات ودوائر كثيرة كان لها دورها وبريقها كدرر في التاريخ الاردني.. حتى أن التهديد وصل الى مسامعنا وكأننا واحدة من ممتلكاتهم الخاصة وكان تهديدهم لنا: “ما دمنا نحن ندفع ميزانية آرام ،، فبيدنا قرار تعيين ناشرها ورئيس تحريرها وكادرها” !
كان جوابنا لهم: فشرتو .. فـ “زيتون برما ليس داشرا .. وتعيّشو يا همل” كما كان شاعر الأردن الكبير الراحل مصطفى وهبي التل (عرار) يرد على مناهضيه والمزايدين عليه وحاسديه ومشوهيي مواقفه امام صاحب التاج ومؤسس المملكة الراحل عبدالله الأول طيب الله ثراه.
الملك لا يعلم،
كان يحدونا في مسيرتنا في (آرام) التي تعطلت وانتفت علاقتها مع “أهل عمّان”،بسبب قرارتهم الهوجاء لاحقا الأمل والطموح والثقة بأنفسنا وعزيمتنا والثقة بقائد الأردن الشاب المقدام عبدالله الثاني.
عبدالله الثاني،، بالتأكيد لم يعلم الى اللحظة رغم مرور سنوات خمس على انقطاع علاقتنا “الاقتصادية التمويلية” بفظائع مستشارية مع (آرام) هذا المشروع الإعلامي الوليد الناهض الطموح. لقد حاولنا مقابلته واستنجدنا بعديدين ان نلتقي جلالته ليس فقط لغايات الابقاء على علاقات وارتباطات (آرام) مع الأردن بقدر ما كانت الكشف عن حقائق مثيرة كانت ربما خافية عن جلالته عن كيف تدار المؤسسات الإعلامية.. بالطبع هناك من،حال بيننا وبين مقابلة الملك !.
مع هذا الانقطاع والقطيعة التي ارادوها إياهم في عمّان، بدأت (آرام) مسيرتها الذاتية كمشروع عائلي لا غير وبتمويل من جيب ناشرها وما يملك ابناؤه الشباب في مقتبل عمرهم وابتدائهم لوظائفهم الفتية بعد تخرجهم من الجامعات البريطانية،، وهم أمام ما حصل وقفوا وقفة عز ورجولة وكبرياء وفتدوا (آرام)،بالغالي والنفيس،ومن جيوبهم.
حروب ومعارك ومهاترات،
حروب ومعارك ومهاترات وفساد،، كلّ يحشد ضد الآخرفي عمّان،، فكل امة تاتي تلعن اختها مع تكاثر الحكومات، مرحلة كثر فيها اللغو واللغط حتى غاب الوطن عن البال، وظل الملك وحده ينادي في واد ورجال مملكته “يتهاوشون ويتقاتلون ويتذابحون” في واد آخر.. ولقد اسمعت يا صاحب الجلالة ولكن لا حياة لمن تنادي.. وباختصار كانوا يتناحرون .. فنحروا الوطن وافقدوا الدولة هيبتها وكادت تنهار.
مع هذه العواصف والمؤامرات، ما كان لمشروع أن ينجح،، حتى الاستثمارات الضخمة التي وعدوا بها الاردنيين “الجياع” اتضح انها لم تكن الا حبرا على اوراق ملفاتهم الخاصة واجنداتهم التي حرص المتقاتلون على تحقيقها لمنافعهم ومكتسباتهم الشخصية وتعزيز نفوذهم على عاتق جسد الوطن النازف وعلى حساب ما يقوم به الملك من جهد عبر العالم لتحسين صورة مملكته وجذب الاستثمارات اليها وحشد الاصدقاء في تحالف عالمي عريض لحسم مشاكل وازمات اقليمية عتيقة وعارضة، كان البعض في داخل المملكة ينخره أمام الملأ و”عينك عينك بلا خيفة أو خشية أو استحياء وحياء”.
لقد خططوا بكل دقة لتنفيذ مآربهم افراغ الدولة من مضمونها والعرش من صدقيته امام مواطنبه وامام الدنيا،، ولكن حظّ الأردن وملكه وشعبه كان أقوى لأن نياتهم سليمة وضمائرهم نقية فتحطمت مؤامرات هؤلاء وانكشفت مخازيهم وسؤآتهم للعامة والخاصة ،، واستمر الأردن وذهبوا هم اما الى السجون حيث مأواهم أو الى قائمة العار والتخبط في متاهات قرار مستقبلهم ومستقبل زمرهم وعصاباتهم وهناك من بقية تنتظر .. بينما لافتات الحراك الشعبي تطاردهم وتطالب بمحاكمات علنية لهم.
حتى أن الملك نفسه لم يتوانى جهارا نهارا وعلانية عن الإشارة اليهم داعيا لإسقاطهم ومطاردتهم بما اقترفت ايمانهم من أفعال الفساد وعرقلة مشروعه الاصلاحي الذي استنه منذ اعتلائه العرش..
لولا حنكة الملك عبدالله الثاني، الذي هو فعلاً ليس كـ “أبيه الملك العظيم” الراحل، ولوأنه ابنه الوفي لشعبه وتراث أجداده، لاستطاع البعض من تدمير بنيان الدولة الهاشمية الأردنية،،
عبدالله الثاني ملك الإصلاح و”عداء المسافات الطويلة والقصيرة أيضاً”،، لا نجامله او نقلب الحقائق ونجافيها حين نقول ونعترف بحقه انه كان السبّاق بين زعماء الإقليم في الدعوة إلى الإصلاح وتحريك آلياته نحو التغيير الحقيقي المنشود،، لقد سبق عبدالله الثاني الربيع العربي الذي يكاد ينقلب صيفا ملتهبا بنيران الدم والخرب والقتل والديموقراطية العبثية عند البعض بدعوته الى التغيير واستنهاض همم الشباب وهم فرسان التغيير بالانخراط في الاصلاح منذ اعتلائه العرش..
لقد استشرف عبدالله الثاني المستقبل الآتي بعين الشباب الثاقبة وحكمة الشيوخ الهادئة المتزنة المتوازنة،، بينما البعض في مملكته كانوا يلهثون وراء غث المطامع والمكاسب وبدون أدنى مسؤولية أو ضمير أو قيم أو أخلاق عبثوا بـ “المحرمات” حتى انهم كادوا تحويل الوطن الى سلعة “تباع في سوق النخاسة”.
** ما علينا ..،
حين نفضنا أيدينا من العلاقة مع “عمّان” قلنا في رسالة للاعلام في الديوان الملكي: “رغم كل شيء وكل ما حصل وانقطاع الوصل بيننا وبينكم على صعيد اعلامي ومالي .. بسبب البعض وأفعالهم .. فاننا نجدد العهد للأردن ولسيد البلاد ولن توانى بل اننا سنبقى ندافع عن الاردن مصطفين وراء الملك حتى آخر الشوط مهما كانت التضحيات”.
بقرار(آرام) في القطيعة وقرارهم ضدها بـ “الذبح والنحر”،، ،أكدت أسرة (آرام) انها عصية على الفساد وعصية على الاختراق وعنيدة ضد من حاولوا التحكم في قراراتها وأكدت عزة نفسها التي هي نموذج لعزة نفس كل أردني أبي شهم .. “وتجوع الحرة ولا تأكل بثدييها” .. نأينا بأنفسنا عن الفساد الذي كانت “بواليع” أهله تلهف كل شيء في طريقها،،
وحتى حين كتبنا في (آرام) بعد الذي حدث على هامش القطيعة تقريراً وقتها تحت عنوان “علّة الملوك الهاشميين في مستشاريهم” .. لم نسلم من الأذى والضغينة فصاروا ينسجون الحكايات والروايات في اننا “نشتم الملك ونهاجمه” .. وهذا ما نقله لنا رئيس وزراء سابق حين التقيناه بعد ذلك التقرير،، حيث قال معاتبا: عتبنا على نصر المجالي كبير .. فكيف يهاجم جلالة الملك ؟؟؟
كان التقرير المذكور يتناول ممن هم في محيط الملك من مستشارين لا يستشارون ! واذا استشيروا ؟؟ فانهم لا يقدمون المشورة المطلوبة .. ولا النصيحة النصوحة لصاحب القرار الأعلى ..
لماذا ؟؟ لأنهم لا يفقهون في علوم الامم والدول والشعوب ولا يفهمون مقاصد المُلك والممالك. فهم كانوا يدرأون عن أنفسهم الغضب من الشارع بالانضواء تحت “عباءة الملك” وكانوا يهربون من مسؤولياتهم وتبعاتهم بالقائها على عاتق الملك وان “هذه هي أوامر سيدنا” .. حتى أن الملك نفسه أنكر عليهم ذلك،، في مرات عديدة ودان مواقفهم، فهو ملك الجميع ولا يحق لأحد أن يتخذ من اسم الملك درعا يدافع به عن نفسه.
** وإلى ذلك،،،
فإنه بعد هذه المسيرة المهنية التي أحببناها بعد المعاناة،، لا بد من التوقف قليلا لالتقاط الأنفاس وإعادة الحسابات،، لهذا جاء الإعلان عن “إجازة آرام الطوعية الاضطرارية” ،إلى حين من الوقت لا نعرف أمده..
لكننا كما وعدنا سنظل معكم ونطل عليكم كما ستطلون علينا من بوابات عالم الاعلام والتواصل الواسع.. فانتظرونا .. قريباً قريباً .. لن نبتعد عنكم أبداً ولن نغترب عنكم أبداً ..
وإذ ذاك .. فإنني أتعشم أن تسمحول لي بعد أجزل الشكر النابع من القلب لمتابعتكم لـ(آرام) والوقوف معها والشدّ من إزرها في عمرها القصير أن أتقدم بالشكر نيابة عنكم ومنكم وبكم الى زملائي الذين عملوا وسهروا ودأبوا معنا طوال الفترات السابقة،، والى كوكبة الكتاب الأحبة الذين لم يقصروا بافكارهم وأقلامهم ونصائحهم الجليلة .. ،لهم جميعاً الحب والتقدير العالي وستظلون نبراسأ وشعلة نيرة في قلوبنا طال الزمن أو قصُر .. وسنبقى على العهد والوفاء أخوةً وأحبةً وزملاءً ورفاق سلاح جمعتنا الكلمة الحرة النظيفة الشريفة العفة العفيفة.
واسمحوا لي أيضاً .. أن أشكر عائلتي ،الصغيرة ..”زوجتي وأبنائي الثلاثة” التي تحملت معي بعزم “الكاظمين الغيظ” مشقة المعاناة والتعب والسهر .. وكانت بعد الله وبعد رضائكم ودعمكم خير معين لي على المضي في المهمة التي كان أداؤها مصدر فرحتي وتعلقي بالأمل وإحراز النجاح..
لقد قصرنا كثيراً بحقكم يا أحبة (آرام) وأهلها وناسها ومتابعيها،،،فاغفروا لنا خطيئتنا وخطايانا،،
وإلى لقاء قريب،، نعدكم ونتعهد لكم أننا سنطلّ عليكم وسنظل معكم واليكم ونظلّ نظلّ ،،
وأما بعد .. ،،
والله الموفق،،