ظاهرة غريبة في مجتمعاتنا الشرقية حيث نلاحظ ان (الكشرة ) لا تفارق وجوهنا نحن ابناء المجتمعات الشرقية الا في حالتين الاولى عندما نقابل مدير الدائرة او المسؤول عنا في العمل حيث ترتسم على وجوهنا ابتسامة مصطنعة تغير معالم وجوهنا وتكاد اسناننا تخرج من فمنا ويصطدم لساننا الذي تتناثر منه كلمات التملق والنفاق مع اسناننا المبتسمة لهذا الرجل العظيم …وعند خروجنا من مكتب المسؤول تعود اسناننا الى قواعدها سالمة ويتوقف اللسان عن الحركة وتختفي الابتسامة العريضة عن الوجه وتعود كشرتنا العابسة المخيفة الى مكانها على وجوهنا المغبرة ونجلس في مكاتبنا لنقابل بها كل من تسول له نفسه ان يطلب منا خدمة ما … وغالبا ما اشاهد موظفا يقف مبتسما مع زميله في المكتب او اثناء مكالمته الهاتفية، وفور ان يبدأ الحديث مع المواطن تختفي الابتسامة وتحل محلها (الكشرة)…هل نحن شعب يحب (الكشرة)؟ام اننا نخفي ضعف شخصيتنا وشعورنا بالنقص بهذه (الكشرة ) المصطنعة؟ ام هي موجودة في جيناتنا الوراثية تنتقل معنا من جيل الى جيل؟ اما اننا فعلا نعتبر (الكشرة) هيبة وتشخيص وبريستيج؟
وقبل ان انسى الحالة الثانية التي نزيل (الكشرة) من وجوهنا هي عند مشاهدتنا فتاة جميلة…فننتقل بسرعة الى معالم الحالة الاولى وترتسم على وجوهنا الابتسامة العريضة …وتظهر اسناننا البيضاء والصفراء والمعوجة والمكسرة والصحيحة…حتى اوتار اصواتنا تتغير ونبدا نتكلم برقة ونعومة …
الموظف في المجتمعات المتحضرة يبتسم للمسؤول عنه في العمل…وللفتاة الجميلة …وللمواطن طالب الخدمة…ولكن ابتسامته هادئة صادقة ، تشعرك بالاطمئنان وتعرفك ان هذا الموظف في خدمتك …وهو موجود هنا لتسهيل معاملتك وحتى لو ظهرت مشكلة ما فجأة يحاول ان يساعدك على الحل…فانت مواطن…وهو يعرف ان راتبه الشهري هو منك كمواطن يدفع الضريبة بانتظام…ابتسامته ليست للنفاق والتملق ولا لمحاولة الحصول على رقم هاتف الفتاة الجميلة…في عقله شيء واحد فقط وهو خدمة المواطن وانجاز معاملته بأسرع وأدق الطرق…الموظف في الغرب لايفكر لحظة بالاستعلاء على مواطن حضر لأنجاز معاملة ما …ولا يفكر ثانية واحدة بعرقلة معاملة مواطن ما لأنه لايعجبه شكله او نوع ملابسه.
الابتسامة والمعاملة الحسنة واللطيفة يجب ان تتوفر في الموظف حيث انه يقابل يوميا مواطنين لايقلوا عنه علما وادبا وحضارة وثقافة…وعليه واجب خدمة كل مواطن يحضر اليه …والا لماذا يحصل على راتبه الشهري؟
الابتسامة والكلمة اللطيفة والمعاملة الطيبة تعبر عن قوة شخصية صاحبها وعن مستواه الثقافي والحضاري…والكشرة تعبر عن ضعف ونقص في الشخصية…فابتسموا فالابتسامة مفتاح القلوب المغلقة وتعبير عن مجتمع راق متحضر…صباح الحضارة والرقي…صباح الخير.
zuhairjordan@yahoo.com