أرادت الحكومة البحرينية باصرارها على استضافة سباق ‘الفورمولا 1′ للسيارات ان توجه رسالة الى العالم بان الاوضاع مستقرة فيها، وان البلد آمن، ولكن ما حدث هو العكس تماما، فقد انتهزت المعارضة البحرينية هذه الفرصة الذهبية للفت انظار العالم باسره الى مطالبها العادلة بالاصلاح السياسي.
الاضطرابات في البحرين لم تتوقف منذ نزول المواطنين الى ميدان اللؤلؤة قبل اكثر من عام للمطالبة بالاصلاح الديمقراطي والعدالة السياسية والاجتماعية، ولكن عمليات التعتيم المتعمدة للاعلام العربي على وجه الخصوص اخفت هذه الاضطرابات عن الرأي العام العربي، لكن بعض وسائل الاعلام الغربية والبريطانية على وجه الخصوص ظلت تنشر تقارير مفصلة وبصفة شبه اسبوعية عن هذه الاضطرابات والصدامات بين المحتجين وقوات الامن.
يوما الجمعة والسبت الماضيان، اي قبل يوم واحد من بدء السباق نزل آلاف المحتجين الى الشوارع، رجالاً ونساء، رافعين اعلام البلاد، ومطالبين بالاصلاح لاسماع صوتهم الى العالم باسره في ظل تواجد مكثف لاجهزة الاعلام العالمية التي جاءت لتغطية السباق الذي يعتبر الاهم في العالم باسره تقريبا.
قوات الامن تعاملت بخشونة مع المتظاهرين وانهالت عليهم بالضرب، وتحدثت كتلة الوفاق المعارضة عن مقتل ناشط سياسي يدعى صلاح عباس حبيب برصاص هذه القوات حيث جرى العثور على جثته فوق السطح ووعدت وزارة الداخلية بالتحقيق في الامر.
الحياة لم تعد الى طبيعتها في البحرين مثلما يؤكد المسؤولون البحرينيون للصحافة الاجنبية، لان المظاهرات والاحتجاجات التي اندلعت امس في مختلف انحاء البلاد اظهرت للعالم باسره عكس اقوالهم هذه.
وجود قوات سعودية وخليجية اخرى على ارض البحرين قد يحمي النظام ولكنها قطعا حماية مؤقتة، لان جميع الدول العربية التي شهدت انتفاضات شعبية تطالب بالتغيير الديمقراطي كانت تملك قوات امن وجيوشا جرارة فشلت كلها في اطاحة الانظمة الدكتاتورية ولا نعتقد ان البحرين ستكون استثناء اذا ما استمرت في استخدام الحلول الامنية لمواجهة المظاهرات والاحتجاجات.
ولي العهد البحريني الامير سلمان بن حمد آل خليفة طالب في مقالته الشهيرة التي نشرها في صحيفة ‘نيويورك تايمز’ قبل عامين بالحوار مع الاسرائيليين، ومخاطبتهم عربيا من خلال وسائل اعلامهم، اي الكتابة في الصحافة العبرية لايصال وجهة النظر العربية اليهم.
نحن نطالب الامير سلمان بالشيء نفسه، اي ان ينخرط في حوار جاد وحضاري مع المعارضة البحرينية، يستمع لمطالبها ويحاول التوصل الى صيغة ترضي جميع الاطراف، وبما يؤدي الى عودة الوحدة الوطنية واستقرار البلاد بالتالي.
ولي العهد البحريني بدأ حوارا مثمرا في بداية اندلاع اعمال الاحتجاج والعنف وتوصل الى العديد من نقاط الاتفاق مع احزاب المعارضة، ولكن تدخلات داخلية من قبل بعض الافراد النافذين في الاسرة الحاكمة، واخرى خارجية من قبل دول خليجية لها قرار مؤثر في الشأن البحريني افشلت هذا الحوار ومنعت تطبيق ما تمخض عنه من اتفاقات.
صحيح ان الحكومة عينت لجنة للتحقيق في احداث العنف التي سادت البلاد قبل عام ونصف العام تقريبا برئاسة القاضي محمود شريف بسيوني، وصحيح ايضا انها تعهدت بتطبيق توصياتها كاملة، ولكن تطبيق هذه التوصيات ما زال بطيئا وفي بداياته.
سباق ‘فورمولا 1′ جاء بنتائج عكسية تماما على الحكومة، ويمكن القول ان سحر الحكومة قد انقلب عليها، وشاهد العالم باسره ان البحرين ليست على درجة الاستقرار نفسها التي تروج لها الحكومة، وان فيها معارضة قوية تطالب بالتغيير الديمقراطي المشروع.
Twier: @abdelbariatwan