يوسف احمد / مندوب سورية لدى الجامعة العربية.
بقلم تعكس كلمات ومداخلات واللقاءات الصحفية لنبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية، حالة التخبط والتناقض العميقة التي تعيشها الجامعة ممثلة بشخص أمينها العام الذي ارتضى منذ توليه مهام هذا المنصب أن يجعل منها اداة مباشرة للعبث بالازمة في سورية، من خلال التنسيق مع قوى عربية واقليمية ودولية معروفة لتأجيج الازمة وتحريض اطراف سورية على رفض الحلول السياسية لها والسعي الى تدويلها او استدعاء جميع اشكال التدخل الخارجي بأي ثمن حتى لو كان المزيد من دماء الشعب السوري، الذي يرفض بأغلبيته العظمى اليوم اي دور لهذه الجامعة بالازمة في سورية، بعد ان تخلت عن هويتها وعن استقلالها وعن دورها كمؤسسة عربية من المفروض ان تضطلع بمهمة حماية الامن القومي العربي، لا أن تتورط في عملية استهدافه وتهديده من قبل بعض القوى الاقليمية والدولية ودول عربية معروفة كالسعودية وقطر.
ان دور جامعة الدول العربية بالازمة في سورية قد انتهى منذ اصبحت هذه المؤسسة ممثلة بأمانتها العامة رهينة التوجهات السعودية القطرية، والتي تستهدف جعل سورية نموذجاً أفغانياً جديداً في المنطقة من خلال تمويل وتسليح الجماعات الارهابية داخل سورية، وممارسة التحريض السياسي والاعلامي والطائفي البغيض عبر مؤسسات اعلامية تملكها هذه الدول او تسيطر عليها، ومن خلال تمويل هذه الدول لبعض جماعات المعارضة في الخارج التي تفتقد اي تمثيل لها على الارض في سورية، ولكنها تلتقي مع هذه الاطراف العربية ومع الامانة العامة للجامعة حول غاية استدعاء جميع اشكال التدخل الخارجي في الشأن السوري.
ان مسرحيات ما يسمى «مؤتمرات اصدقاء سورية» او الاجتماعات المتكررة للجنة الوزارية العربية اكدت بما لا يدع مجالاً للشك أن الاطراف العربية والاقليمية والدولية المتورطة في دعم الارهاب المسلح داخل سورية، قد دخلت في سباق مع الزمن من اجل افشال مهمة السيد كوفي عنان في سورية، والذي رفض حتى الآن المشاركة في الاجتماعين الاخيرين الذين عقدا في استنبول وباريس لقناعته ان مسرحيات ما يسمى «اصدقاء سورية» تعكس مواقف سلبية ومنحازة وغير متوازنة للاطراف العربية والاقليمية والدولية التي تقف وراء عقدها تجاه الازمة في سورية.
اننا في سورية نؤكد من جديد اننا غير معنيين بأي قرارات تصدر عن مجالس جامعة الدول العربية بشأن الأزمة في سورية في ظل غيابنا عن هذه الاجتماعات، ونحن نحذر من الدور السلبي الذي تلعبه بعض الاطراف العربية والاقليمية والدولية الساعية الى افشال مهمة السيد كوفي عنان في سورية، كما ندعو امين عام جامعة الدول العربية الى مراجعة ادائه والى الالتزام بمهام منصبه وفق ما يمليه ميثاق الجامعة ونظامها الداخلي، وان ينأى بنفسه عن عملية تخريب الجامعة من الداخل وجعلها رهينة لسياسات دول عربية لا تملك اصلاً اي شكل من اشكال الاستقلالية في سياساتها الخارجية، وترفض في ذات الوقت الاعتراف بحقوق شعوبها في الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة والمشاركة في الحكم، لكنها تستغل الازمة في سورية من اجل بث سموم التفرقة والطائفية بين ابناء الشعب الواحد، تسهيلاً لغاية استدعاء التدخل الخارجي في سورية بجميع اشكاله ومهما كان الثمن.
اننا في سورية لن نتراجع عن اداء مهامنا وحفظ حقوق شعبنا في التصدي للارهاب الذي يستهدف الارواح والممتلكات والبنى الاساسية للبلاد، وسنستمر في عملية الاصلاح واعادة البناء التي تكفل حقوق الشعب السوري في الحرية والديمقراطية والتشاركية والتعددية وفي حماية هويته الوطنية والقومية، كما ندعو الاطراف العربية الى وقفة جادة لإعادة تصحيح مسار عمل الجامعة، بما يضمن استقلاليتها ويحمي هويتها ويكفل اداءها لمهامها الاساسية المتمثلة في استعادة الاراضي العربية المحتلة، وحماية الامن القومي العربي الجماعي وجعله في منأى عن مغامرات خطيرة تقودها اطراف عربية تستخدم المال والنفط والغاز كوسيلة لتحطيم الجامعة من الداخل وافشال العمل العربي المشترك وتمرير اجندات الغرب واسرائيل في المنطقة، حتى لو كان الثمن هو اشعال الفتن والحروب الطائفية في الوطن العربي والعالم الاسلامي واهدار دماء الشعوب العربية، حتى تنقلب البوصلة بعيداً عن الاخطار الحقيقية التي تهدد الوطن العربي وتضيع الأمة وتستباح مقدراتها وهويتها ووجودها.
الثورة الدمشقية