اعتصم أهالي الجبيهة قبل أيام ليلا احتجاجاً على انتشار الرذيلة في تلك المنطقة التي تحولت منطقة لـ»بائعات الهوى»، وتحولت بعض شققها المفروشة الى أوكار لممارسة الرذيلة، وشوارعها لمصائد للعابرين والعابرات.
قبل فترة احتج آلاف المواطنين ايضاً على تواجد النوادي الليلية في شارعي مكة المكرمة والمدينة المنورة، وطالبوا بإغلاق تلك النوادي أو ترحيلها فاقترح مسؤول عبقري أن تبقى النوادي ويتم تغيير اسم الشارعين!.
إذ نتأمل أداء النواب لا نجد من يجرؤ منهم أن يطالب الحكومات بإغلاق تلك النوادي، ومحاربة الفساد الأخلاقي من النت غير المفلتر وصولا لبقية القصص.
مقابل النواب نجد حركة محترمة مثل الإخوان المسلمين تراجعت الدعوة لديها كأولوية وانشغلت اكثر بالسياسة واصلاح قانون الانتخاب وغير ذلك، ولم نسمع في مسيرة واحدة خلال عام ونصف شعاراً حول الفساد الأخلاقي في البلد ولا مجاملة لأحد بهذا التقصير.
هذا على الرغم من أن شباب الإخوان المسلمين شرفاء وإرثهم حافظ على اخلاق الناس تاريخيا ولهم بصمات على أجيال كثيرة، إلا أن تراجع هذه الأولوية لديهم نحو الملف السياسي أمر مؤسف.
معهم ايضاً كثرة ترفع شعارات كثيرة سياسية واقتصادية واصلاحية، لكنها تعتبر الملف الاجتماعي غير مهم رغم انه الأهم والأخطر أمام سعي قلة لتشويه سمعة البلد وتفكيكه وتغيير بنيته.
مظاهرات ومسيرات نهارية تتناسى الملف الاجتماعي ولا تعتبره أولوية، لكننا نقرأ المشهد بطريقة مختلفة امام اعتصام ليلي تم تنفيذه في الجبيهة وأمام اعتراض سكان شارعي مكة والمدينة، لنسأل الجميع عن دورهم إزاء تعقيدات هذا الملف الاجتماعي؟!.
لماذا تسكت الحكومات المتعاقبة على هذا الملف، ولماذا يتم الترخيص لكل تلك النوادي وغيرها، ولماذا يتم فتح البلد للقادمات بمهن فنية مرخصة بينما يأتين لمهن أخرى؟ ولماذا يتم السكوت وبأي هدف وبأمر أي جهة؟!.
هل تملك أي حكومة لدينا قرارها بهذا الصدد، أم أن الأمر أكبر منها ولا قدرة لها على تغيير الواقع ودورها أن تتفرج على هذا الانحدار؟!.
الشرطي لدينا تم سلبه صلاحياته وممنوع أن يتدخل إلا إذا اشتكى أحد، وما لم يشتك أحد فإن مهمة الشرطي التأمل والسكوت وزم الشفتين!.
تداعيات الملف الاجتماعي نتيجة مقصودة تأتي مع تراجعات اقتصادية وسياسية وإفشاء للفقر والبطالة وتفكيك ُمتعّمد لكل ُبنى المجتمع.
الملف الاجتماعي نتيجة من نتائج الفساد السياسي والاقتصادي وليس مفصولا حتى يتم إهماله بهذه الطريقة المرفوضة.
لماذا لا تخرج حراكات البلد وتعتصم وتتظاهر من أجل الملف الاجتماعي ولو لجمعة واحدة، أم أن عدد مقاعد البرلمان أهم من هذا الخراب الذي يزيد يوماً بعد يوم، أم يريدون الوصول الى السلطة وبعدها سيتم تنظيف البلد مما فيه؟!.
في لندن قامت السلطات البريطانية خلال الشهر الفائت بإغلاق عشرات «بيوت الدعارة» لأن موسم الالعاب الأولمبية لا يحتمل هذه الإساءات لسمعة بلادهم ولا افشاء تلك الظواهر في بلد يتصف بالحرية و أن من فيه يفعلون ما يريدون.
بلدنا محترم وشعبه متدين في أغلبه، وفيه الكثير من القيم الأخلاقية والدينية والعربية الأصيلة، ولنا في «غضبة الجبيهة» دليل على ان الناس لا يقبلون بهذا الخراب.
فرق كبير بين اعتصامات الليل والنهار، وإذ كنا لا نجرح اعتصامات النهار كل جمعة إلا اننا نذكر القائمين عليها بالأولويات الغائبة، فهم يشغلوننا بشعارات كثيرة ويتركون الملف الأخطر الذي يختطف البلد اتجاه المجهول.
المفارقة ان أغلب مسيراتنا النهارية تخرج من المساجد، لكنها تغمض عيونها عن حقوق الله التي يتم التذكير بها في تلك المساجد!.