الإصلاح نيوز- مروة بني هذيل/
يجهل كثيرون فوائد القيلولة وضرورتها في إعادة الطاقة إلى الإنسان، وقد يهملها الناس بسبب ظروف الحياة ومشاغلها، لكن الدراسات الحديثة أكدت أن القيلولة تريح ذهن الإنسان وعضلاته وتعزز الاسترخاء وتحسن المزاج.
وتعيد القيلولة، وفق دراسات، شحن قدرات الإنسان على التفكير والتركيز وتزيد إنتاجيته وحماسته للعمل، وتجعل العامل أكثر يقظة ونشاطا، لكن رغم منافعها، إلا أنها ليست مناسبة للجميع.
الباحث في المجال الطبي الدكتور محمد محاسنة يؤكد أن القيلولة المثلى تكون لمدة عشرين دقيقة، وهي مدة كافية لإعادة شحن الدماغ بالطاقة، أو تكون تسعين دقيقة، وهي مدة كافية لينعم الفرد بأعمق مراحل النوم، ما يعزز القدرة الإبداعية عنده.
ولكن المشكلة، وفق محاسنة، هي عندما تتراوح مدة القيلولة بين هاتين المدتين، فحينها يستيقظ النائم منزعجا ومتعبا، مفضلا أن تكون القيلولة ما بين الواحدة ظهرا والثالثة عصرا، وأن يكون الفرد ممددا على أريكة بدلا من السرير، لضمان عدم الغوص في نوم طويل.
العشريني فوزي التل يعاني من النوم في فترة القيلولة، أي بعد الظهيرة، فيشعر بنعاس شديد، في فترة الظهيرة، ويقول “بمجرد أن أضع رأسي على الوسادة، أنام لساعات ولا أستطيع التحكم في مدة نومي، فمن كثرة التعب والإرهاق تسلبني الأحلام، لأنام أكثر من ساعتين”.
ويردف “عندما أستيقظ يكون الصداع هو المسيطر عليّ، لذا عندما تأتيني نوبة النعاس، ألهي نفسي بأي شيء، كي أقاوم النوم وأتجنب سلبيات قيلولتي”.
الخمسيني أحمد حسين، من الأشخاص الذين ينتظمون بنوم القيلولة، أي بمعدل 30 دقيقة على الأقل ثلاث مرات في الأسبوع، مؤكداً بأنه ملتزم بهذا السلوك منذ شبابه.
ويقول “كلما كانت القيلولة أقصر، كانت مريحة أكثر بالنسبة لي، فهي لا تزيد على النصف ساعة حسب ما أعلم، واعتدت واعتاد جسدي النوم بعد الظهر، ومن ثم استيقظ بنشاط تام وأعود الى عملي المسائي”، مبيناً أنه ينصح الأصدقاء في العمل على الانتظام بالقيلولة وعدم إطالتها أو تأخيرها كي لا تعوق النوم ليلاً.
وبسبب ضغط الدراسة، وأهمية هذا العام في حياة طالبة الثانوية العامة ليندا حمد، فإنها تضطر للسهر طوال الليل، حتى وقت الذهاب إلى المدرسة، وبعد عودتها تعوض عن ذلك بالنوم حتى المساء، وتقول “جسدي مرهق جداً، لكنني لا أستطيع التركيز في الدراسة إلا ليلاً، وفي النهار أفضل أن أغفي عيوني كي أعوض عن تعبي وسهري”.
وتؤكد أنها كانت ملتزمة بنوم القيلولة قبل هذا العام، “وشعرت بأثرها الإيجابي والمريح على صحتي ونشاطي، لكن هذا العام استثنائي، فكل شيء يجب أن يتغير لتحقيق الهدف من الدراسة، وتوفير الجو الملائم لذلك، وأنا بانتظار طيّ صفحة التوجيهي، لأبدأ المرحلة الثانية من حياتي بانتظام ونشاط”، وفق ما تقول.
اختصاصي علم النفس الدكتور جمال العتوم، يشير إلى أن الأثر الناتج عن نوم القيلولة مرتبط بالحالة النفسية للشخص، موضحا “فالقيلولة تريح الأعصاب، وتجدد النشاط، لكنها بعلم النفس، هروب من الواقع وضغوطات العمل، حيث يدخل بها الشخص إلى عالم الأحلام، وبعد استيقاظه يعتبر أنه بدأ يومه من جديد، فهو مرتبط بالحالة النفسية”.
ويؤكد أن الالتزام بالقيلولة يعد بمثابة استراحة عقلية وذهنية للشخص، تساعد على تنظيم وقته بتجزئة يومه إلى نصفين، وكذلك فصل الإنجازات عن بعضها، ليحقق في نهاية يومه إنجازين مختلفين.
ويعود الموظف أمين دويري إلى أقاويل وأحداث من الماضي، فيقول “سمعت عن طريق الروايات أن أشهر من كانوا يتمتعون بنوم القيلولة في أثناء ساعات العمل هم؛ رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرتشل، والرئيس جون كندي، ومخترع المصباح الكهربائي توماس اديسون، ومخترع النظرية النسبية الأميركي ألبرت اينشتاين، والامبرطور الفرنسي نابليون”.
وبحسب رأيه، فإن هؤلاء لو لم يجدوا راحة بالقيلولة في أثناء عملهم لما التزموا بها، مؤكداً ضرورة الاسترخاء ضمن ساعات العمل، ليسترجع الإنسان نشاطه وقدرته على التركيز.
ويقول “تأتيني نوبة النعاس بعد الظهر، مما يدفعني لأغفو قليلاً على مكتبي بالعمل، بمدة لا تتجاوز الربع ساعة، لكنها بقيمتها تساوي نوم الليل بأكلمه.
وتؤكد الأربعينية ليلى خوري، أهمية القيلولة للأطفال، مبينةً أنها تلاحظ الفرق في النشاط والتركيز والبهجة لدى أطفالها عند نومهم بعد الظهر، مضيفة “فعندما يحرم ابنائي من القيلولة بسبب ظروف يوم الاسرة، تظهر بعض المشكلات عليهم، فيبدون أكثر قلقاً وأقل بهجة، ويؤثر ذلك على تركيزهم وفهمهم للكلام”.
وتشير إلى أن النوم الكافي يمثل حاجة أساسية للأطفال تماماً كالغذاء الجيد، الذي يمنحهم فرصة أفضل لتلقي ما هو مهم من الأشخاص والأمور التي يواجهونها كل يوم.
وبحسب دراسات سابقة، فإن قيلولة بعد الظهر يمكن أن تحد من احتمال الوفاة جراء مرض في القلب، لأنها تخفف من التوتر المعروف بمرض العصر.
(الغد)