على مدى الاسابيع القليلة الماضية،زارت القدس ثلاث شخصيات اردنية،وذهب ثلاثتهم الى المسجد الاقصى للصلاة والزيارة،والتقاط الصور التذكارية مع مسجد قبة الصخرة.
اولى الزيارات كانت لرئيس مجلس النواب عبدالكريم الدغمي وبرفقته وفد نيابي،ثم في وقت لاحق،زيارة قام بها الاميرهاشم بن الحسين وبرفقته وفد آخر،ثم زيارة وزير الداخلية.
مابين الحُكم الديني والبعد السياسي،اثارت الزيارات ردود فعل واسعة،ما بين من يقبلها او يرفضها،ومابين من يراها تطبيعاً،وذاك الذي يراها نصرة للاقصى وللمقدسيين،ولكل موقف،من يؤيده او يعانده.
الزيارات الثلاث،تخضع للتحليل السياسي،لانها جاءت في فترات متقاربة،بعد غياب سنوات طويلة عن القدس والاقصى،من حيث زيارات الشخصيات الاعتبارية والسياسية الى المدينة المحتلة.
هذا على الرغم مما يوليه الاردن للمقدسات،من رعاية واهتمام،الا ان الزيارات الميدانية ذات النكهة السياسية غابت عن الاقصى،لتجنب الاردن سوء التأويلات والحساسيات،او تحميل القصة اكثر مما تحتمل.
آخر زيارة رسمية للاقصى والقدس كانت قبل اربعة عشر عاماً،وقام بها المهندس عبدالهادي المجالي رئيس مجلس النواب الاسبق،برفقة وفد نيابي،ويومها تم الاعلان عن تبرع نيابي لمستشفى المقاصد في القدس.
تتم قراءة هذه الزيارات من زوايا مختلفة سياسياً،لان غياب المسؤولين الاردنيين عن القدس يقابل بعتب في حالات كثيرة،فيما زياراتهم تفتح الباب للحديث عن سيناريوهات بشأن علاقة الاردن بالقدس،او الملف الفلسطيني،وصيغ الحلول في المنطقة.
تخضع بعض هذه السيناريوهات لمبالغات وتوظيفات على صعيد الملفات الداخلية الاردنية،غير انه يبقى لافتاً هذا الانعاش المفاجئ لعلاقة القدس بالاردن،وعلاقة الاردن بالمدينة وبالمقدسيين وبالمسجد الاقصى.
معنى الكلام ان الزيارات لا يمكن تبسيط دوافعها كثيراً،والتبسيط لا يختلف عن المبالغات،والتوسط يقول ان الزيارات الثلاث لم تأت بالصدفة،وتحمل معاني كثيرة،خصوصاً،انها تأتي بعد فترة انقطاع طويلة.
ما يمكن استنتاجه هنا ان الزيارات جاءت اولا بتنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية،وليس في اطار مزاحمتها او منافستها،ثم جاءت عبر خط بياني تصاعدي للعلاقات الرسمية بين الطرفين،تتجلى حتى في منح مسؤولين فلسطينيين جوازات اردنية بأرقام وطنية.
اللافت للانتباه ان السلطة الوطنية لا تتعامل مع هذه الزيارات بروحية قديمة تقوم على التشكك من اي تصرف اردني تجاه ملف القدس تحديدا،او العلاقة مع الضفة الغربية.
هل هناك توافقات غير معلنة،تقبل الانعاش السياسي لعلاقة الاردن بالقدس،في هذه الفترة بالذات،ولسبب غير معلن حتى الان.
في علاقة القدس والمقدسيين بالاردن،أرضية تاريخية شهيرة،جاهزة للانعاش بسرعة،والمؤكد ان المقدسيين يرحبون بأي اردني في المدينة،لاعتبارات كثيرة،ليبقى السؤال حول سر انعاش العلاقة السياسية بالمدينة،ام انها مجرد صدف متتالية،لا تحتمل التأويل؟!!.
علينا ان نلاحظ ايضا ان الجانب الاسرائيلي لم يحاول عرقلة هذه الزيارات بأي طريقة،او ان يعترض عليها،او يمنع اتمامها.
وتبقى الاسئلة كثيرة والاجابات النهائية غير متوفرة حتى الان
الدستور