د. سحر المجالي
دفعت الحكومة بمشروع القانون الإنتخابي إلى مجلس النواب من أجل النظر فيه ومناقشته وإقراره، وهو القانون الذي طالما كنا جميعا نتوق إلى رؤيته، عسى ولعل أن نضع حداً للقوانين المؤقتة التي لازمت حياتنا السياسية منذ تأسيس الدولة الأردنية. والإحتكام إلى قانون انتخاب عصري ومتطور، يمثل الخطوة الأولى في عملية الإصلاح السياسي، والذي لن يصل إلى أهدافه المنشودة إلا بالتزامن مع كل من الإصلاح الإداري والاقتصادي، بالإضافة إلى إجتثاث، ليس ما يسمى بــــــ»منابع الإرهاب» المزعومة، وإنما منابع الفساد وجذوره ووقف استشرائه.
،لقد قيل ويقال عن هذا المشروع الكثير، وقطعاً سيقال عنه أكثر، هناك من يرى أن هذا المشروع، و بالرغم من الإيجابيات فيه، أنه مشروع قانون غير حاسم وتنقصه الدقة والوضوح، ولم يرقَ إلى مستوى طموح الشعب الأردني في الإصلاحات السياسية الحقيقية!.
فعلى سبيل المثال، لم يحسم هذا المشروع التفاصيل المتعلقة بعدد النواب، بل ترك الأمر خاضعاً للمستجدات. وهذا يعني بأن مجموعة أشخاص، أيّاً كان عددهم، لم يمثلوا في مجلس النواب، لسبب او آخر، سنراهم في اعتصامات متوالية ومتكررة، ومعطلين للحياة العامة ومرافق الدولة.
ويرى الكثيرون في هذا المشروع ثغرات في تفاصيله، حيث تم تقسيم النواب إلى نواب درجة أولى « نواب وطن» ونواب درجة ثانية « خدمات و محافظات»، وهذا لا ينسجم، لا مع العدالة ولا مع قيم المجتمع الأردني ونظرته لطبيعة مفهوم المساواة بين النواب.
كما أن منح الناخب صوتين، له من المبغضين الكثير، ففي آخر إستطلاع لمراكز قياس الرأي، سواء في مركز الدراسات الإستراتيجية او مركز جريدة الرأي للدراسات، يرى أكثر من 60% من العينة أن الشعب الأردني يؤيد قانون الصوت الواحد. ولنا مثال في أعرق الديمقراطيات العالمية التي شهدها العالم المعاصر، الديمقراطية البريطانية منذ إستهلالها عام 1258م بموجب «الماغنكارتا» حتى اليوم. فالنظام البريطاني قسم المملكة المتحدة إلى دوائر بعدد النواب، ومنح كل ناخب صوتاً واحداً «one man on vote». وهذا لعمري قمة الديمقراطية والمساواة .
لذلك فإنني أعتقد كغيري، بأن اعرق الأنظمة الإنتخابية وأكثرها تمثيلا حقيقياً للشعب، تتمثل في تقسيم الأردن إلى دوائر انتخابية بعدد الألوية، ولكل لواء نائب واحد، مع إلغاء كل ما يسمى بــ»الكوتات»، يتوازى ذلك مع منح الملك سلطة إختيار ما لا يزيد عن عشرة نواب، لإنصاف من لم يمثلوا في المجلس، خاصة لما يسمى بالأقليات، بالرغم من أنني لا أراهم أقليات بل هم الاكثرية في عطائهم وإنتمائهم، فنحن متحدون في هذا الحمى، متوائمون ومتفقون على حمايته وتعزيز مقدراته.
،أما ما يتعلق بمجلس الأعيان ، فإن تشكيل المجلس يتلاءم مع الطبيعة التكوينية للمجتمع الأردني، كحال مجلس اللوردات البريطاني، فالأخير ليس منتخباً بل يأتي بالوراثة. كما أن الحالة الأردنية تقتضي إكرام الذوات والشخصيات الذين ساهموا في رفعة الوطن، و ليسوا من مريدي التنافس السياسي والحراك والعراك السياسيين. وبالتالي تعطي سلطة تعيينهم للملك ، ضمن مواصفات قد يحددها مجلس النواب.
،كما أن مشروع القانون المنظور امام مجلس النواب، قد تجاهل الكثير من مخرجات لجنة الحوار الوطني، حيث كان من المفروض ان يأخذ المشرع رأيها بالاعتبار، خاصة ما يتعلق بهذا المشروع.
Almajali74@yahoo.com