حسين الرواشدة /،ثمة اصرار على اختزال «المشهد» بما له وبما عليه، بجماعة الاخوان المسلمين، لدرجة ان السؤال عن الاصلاح وما يترتب عليه من استحقاقات اصبح له عنوان واحد وهو: موافقة الاسلاميين او معارضتهم، وكأن مصير البلد كله معلق «بالجماعة» واذا اردنا ان ندقق في الصورة اكثر سنجد ما يشبه «الكارثة» خذ مثلا: قانون الانتخاب يجري تفصيله تحت «هاجس» سيطرة الاسلاميين او مقاطتهم، ووصفة «الاصلاح» السياسي بمجملها مرتبطة دائما بمدى القدرة على «اغراء» الحركة او اقناعها «بابتلاع» المطلوب.. وهكذا.
،بدل ان نسأل: هل يناسب قانون الانتخاب الجديد الشعب الاردني، نسأل: هل سيحظى بموافقة الاسلاميين، نسأل: هل سيقاطع الاخوان الانتخابات، وبدل ان نسأل: هل يمكن اجراء الانتخابات في هذا العام، وهل تكفي ستة شهور لتأسيس «الهيئة المستقلة» واعادة تسجيل الناخبين وقبلها هل «سيقر» المجلس النيابي القانون.. ما زلنا ندور حول ثنائية «الاخوان والدولة».. وما زال «وهم» وصول الاسلاميين للسلطة يسكن عقولنا ويقيد ايدينا عن الكلام.. وعن الحركة ايضا.
،اذن دعونا نخرج من هذا «اللغز» الذي انكشفت اسراره كلها، صحيح ان للاسلاميين «قوة» شعبية معتبرة ومقدرة، وانهم سيحظون بنصيبهم في اية انتخابات، وصحيح ان من حقهم الوصول الى السلطة، لكن الصحيح ان ثمة «اردنيين» اخرين يتطلعون الى اصلاح حقيقي وانتخابات عادلة و»تغيير» في معادلات السياسة كلها، ولا يجوز بالتالي حرمانهم من هذه «الحقوق» لمجرد الخوف «الوهم ان شئت» بان «عثرة» الاسلاميين تقف في الطريق.
،السؤال الذي يفترض ان نطرحه هو: هل تحظى «وصفة»الاصلاح، بكل تفاصيلها وآليات تنفيذها ومداها الزمني المفتوح «برضى» الاردنيين وقناعاتهم؟ واذا كانت الاجابة، كما نسمعها في الشارع، هي: لا، فان اقحام الاسلاميين «كفزاعة» او اختزال الازمة فيهم وحدهم، يبدو مسألة غير مفهومة. وبالتالي فان الاخطر من مقاطعة الاسلاميين للانتخابات هو مقاطعة معظم «الاردنيين» لها، والاخطر من «بقاء» الاسلاميين في الشارع هو اصرار «الحراكات الشعبية» كلها على البقاء فيه.
،ثمة من يريد – بالطبع – ان يقنعنا بان «الاسلاميين» هم باروميتر الشارع، وبان حركته بيدهم وقراره يصدر بامرهم، وهذا غير صحيح، فمع الاحترام لاخواننا الذين لم نسمع منهم هذا الكلام. فان اغلبية من يتحركون في ميادين الاصلاح هم من خارج الحركة الاسلامية، ويمثلون اطياف المجتمع بكافة تصنيفاته، واعتقد ان ما سمعناه منهم حول «الاصلاح» وقانون الانتخاب «وان كان يتلاقى مع موقف الاسلاميين في الغالب» يؤكد ان ما قدم حتى الان لم يقنعهم بالمشاركة، لا في الانتخابات، ولا في غيرها.
،ما لم نطرد «فزاعات» الاخوان والديموغرافيا وغيرهما من «اوهام» ابقاء الوضع على حاله، وما لم نتنازل عن «منطق» الوصاية واحتكار الصواب، فان المسافة بيننا وبين الاصلاح ستبقى طويلة جدا.(الدستور)