قال أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي حمزة منصور أن عزم الأردن إنشاء محطات طاقة نووية يخفي يخدم مصلحة الغير أكثر من الأردن، ويثبت ذلك الغموض في أهداف المشروع؛ ومصادر تمويله؛ والتناقض الكبير في مكوناته وعناصره؛ ومدى قدرة الأردن على تحمل تبعاته الخطيرة.
وأشار منصور خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد ظهر الأحد في مقر الحزب حول المشروع النووي الأردني إلى دعوة الحزب للحكومة الالتزام بالشفافية في كل ما يتعلق بهذا المشروع؛ وإشراك الخبراء المتخصصين لإعادة النظر فيه في ضوء الحاجة الحقيقة للأردن. لافتا إلى تهرب المسؤولين عن المشروع من مطالب الحزب أو الجلوس معه.
تضليل الرأي العام
رئيس اللجنة المركزية لقطاع الطاقة والثروة المعدنية الدكتور علي المر اكد على أن التعامل الأردني مع المشروع لا يعكس منهجية علمية ولا يعبر عن مصلحة الأردن، واكد المر على معارضته للمشروع اثناء عمله مستشاراً لوزير الطاقة ومديراً لليورانيوم، مواصلا معارضته بعد الخروج من سلك العمل الحكومي.
وقال ان المشروع عمل على تضليل الرأي العام بأن الأردن يمتلك كميات كبيرة من اليورانيوم، تزيد على 210 ألف طن، ( 140 ألف طن من الفوسفات بتركيز 80- 280 جزء في المليون؛ و70 ألف طن اليورانيوم التقليدي في منطقة وسط الأردن)؛ وبإمكانية تصنيع الوقود النووي ( وتخصيبه محلياً)؛ وبما يضمن تمويل المحطات النووية وتشغيلها،60 عاماً، ويحقق فائضاً للتصدير، بعشرات مليارات الدنانير: وهو ادعاء باطل يتعارض مع الحقائق التالية:
1.أن كمية اليورانيوم في الفوسفات الأردني نصف الرقم المعلن ( أي 75 ألف طن فقط وليس 140 ألف طن)؛ وبتركيز متدن جداً، يتراوح بين 60 – 80 جزء في المليون فقط ( وليس 80 – 280 ج ف م)!
2.لم يثبت حتى الآن سوى وجود 12 ألف طن؛ من خام اليورانيوم التقليدي القابل للاستخراج، في منطقة وسط المملكة؛ وهي كمية قليلة جداً لا يمكن إنشاء مصنع لها؛ وأي مشروع يقام لاستخراجها سيكون خاسراً بالتأكيد، كما أن تركيز اليورانيوم في الفوسفات متدن وغير مجدٍ.
3.إن تقنيات إنتاج الوقود النووي وبخاصة المخصب حكر على عدد قليل من الدول؛ وخط أحمر لا يسمح بتجاوزه.
4.أنه حتى لو أمكن الحصول على هذه التقنيات المتطورة، فإن هذه المشاريع تعد مستنزفة للمال والجهد والوقت والطاقة.
5.أنه ليس من الحكمة ومن غير المجدي التفكير في بناء مصانع لإنتاج الوقود النووي للاستهلاك المحلي فقط؛ وليس هنالك أي ضمان لسوق خارجية طويلة الأمد.
ثانياً: فيما يتعلق بتوليد الكهرباء بالمحطات النووية
واضاف انه تم تضليل الرأي العام بإمكانية بناء واستيعاب وإدامة مشروع نووي كبير، يضم إلى جانب أشياء أخرى من 3-4 محطات نووية، بقدرة 1000- 1200 ميجا واط لكل محطة؛ وتحويل الأردن إلى بلد مصدر للطاقة، بحلول عام 2030، وتحقيق أمن التزود بمصادر الطاقة؛ وتبرير هذا المشروع بوجود دول كثيرة تمتلك محطات نووية: الأمر الذي يتناقض مع الحقائق التالية:
1.حقيقة أن جميع الدول التي تمتلك محطات نووية دول كبيرة، مليئة صناعياً ومالياً، أنشأت هيئات للطاقة النووية، منذ خمسينات القرن الماضي؛ وطورت البنى التحتية اللازمة لها، عبر 6 عقود، وليس قفزة واحدة، كما يراد للأردن؛ وتعرضت للكثير من الحوادث والخسائر التي لا يمكن تحملها بالنسبة لبلد كالأردن لا يملك من هذه المستلزمات أي شيء.
2.حقيقة أن الكثير من الدول النووية، رغم ملاءتها وخبراتها التراكمية الطويلة: أوقفت محطاتها النووية بعد حادثة فوكوشيما، أو قررت شطبها: كاليابان؛ وألمانيا التي قررت شطب ما لديها حتى عام 2022، وفرنسا حتى عام 2050.
3.حقيقة كون المحطات النووية ودورة الوقود النووي، هي أكثر الوسائل المستخدمة لإخضاع الدول لسياسات المنتجين الدوليين؛ تعرضت بسببها دول كثيرة لصنوف الابتزاز والحصار والدمار وحتى الاحتلال.
4.عدم ضمان إنتاج كهرباء بأسعار منافسة قابلة للتصدير؛ وعدم ضمان عقود ملزمة، وطويلة الأجل، لتصدير الكهرباء الفائضة، لكي لا تتوقف المحطات عن العمل.
5.عدم قدرة شبكة الكهرباء الوطنية على استيعاب مشروع نووي بهذه الضخامة؛ حيث يتطلب استقرار الشبكة والتشغيل الاقتصادي أن تظل الكهرباء المولدة نووياً من 10- 20% من الحمل الأساس، عند ربط المحطات بالشبكة.
6.التأثير السلبي للكهرباء الفائضة، المولدة نووياً، بسبب صرف الاهتمام عن تطوير مصادر الطاقة المحلية الواعدة: كالصخر الزيتي، الذي يقدر احتياطيه بنحو 40- 60 مليار طن (30- 45 مليار برميل)، تكفي الأردن مئات السنين؛ والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، النظيفة وغير الناضبة.
ثالثاً: في يتعلق المياه اللازمة للتبريد والإنتاج والتحلية
كما تم تضليل الرأي العام: بإمكانية تحلية المياه، وتوفر المياه للازمة للتبريد والإنتاج، وعدم إلحاق الضرر بالمخزون المائي في المملكة؛ ما يتعارض وبقوة مع الحقائق التالية:
1.فشل جميع التجارب الدولية السابقة لتحلية المياه بالمحطات النووية تجارياً؛ حيث تم إغلاق آخر محطة في العالم عام 2003.
2.عدم وجود مياه للتحلية بالطاقة النووية، بسبب عدم صلاحية منطقة العقبة للمحطات النووية.
3.الاستنزاف الجائر المتوقع للمياه، والذي يقدر بنحو:10 مليون متر مكعب في السنة، لكل مصنع يورانيوم؛ و20- 30 مليون متر مكعب لكل محطة نووية في السنة؛ وبكمية إجمالية قد تزيد على 100 مليون متر مكعب في السنة، باعتبار ظروف الحر والجفاف السائدة ( في حال بناء 4 محطات نووية ومعمل واحد للكعكة الصفراء)؛ ما يهدد مصادر المياه المحدودة في المملكة بالنضوب.
4.الأثر المدمر للمشروع على صلاحية المياه الجوفية المتبقية: بسبب التلوث بالإشعاع، والتسمم بمئات ملايين أطنان المعادن والأملاح التي تنجم من تحلية المياه بكميات كبيرة.
5.الآثار الضارة التي سوف تترتب على تحويل مصادر المياه، المحدودة، من الاستخدامات الحالية للشرب والري، وهدرها لغايات المشروع؛ ودون اعتبار لمصير آلاف العائلات التي تعيش على الزراعة بهذه المياه، وأثر جفاف المناطق المزروعة على حياة المواطن والبيئة المحلية.
رابعاً: فيما يتعلق بالأمن والصحة والسلامة العامة
وزاد المر تم تضليل الرأي العام بأن المشروع ليس له تداعيات خطيرة، كالحوادث المدمرة: الأمر الذي يتعارض مع الحقائق التالية:
1.حقيقة كون المفاعلات النووية تبث أنواعاً كثيرة من المواد المشعة في البيئة، حتى في ظروف التشغيل العادي، فضلاً عن الحوادث؛ وتتسبب في أضرار بيئية وصحية وكلف كبيرة لمواجهتها.
2.حقيقة أنه لا يمكن استبعاد احتمالات الحوادث النووية بسبب ارتباطها بعوامل قهرية، خارجة عن نطاق التحكم والسيطرة: كالأخطاء البشرية: الناجمة النسيان والنعاس والإهمال والإجهاد والإعياء؛ والصعوبات الفنية واللوجستية: الناجمة عن الأعطاب الصناعية، والصدأ، وضعف الصيانة، وقلة الموارد، ونقص المهارات، وصعوبات التزود بالمواد، وحالات انقطاع التيار الكهربائي، وسقوط الطائرات؛ والظروف الطبيعة: كالزلازل والفوالق والنيازك والرياح والرمال والحر والجفاف ونقص المياه الكافية والصالحة للتبريد؛ والعوامل السياسية: كالحروب، وأعمال تخريب، والخلافات، وتقلبات العلاقات الدولية التي تعيق التزود بالمواد وتهدد أمن المشروع.
3.حقيقة أن حجم الضرر المترتب على الحوادث النووية أكبر بكثير من قدرة الأردن على احتمالها؛ وأن حادثاً مثل تشرنوبيل وفوكوشيما قد يتسبب في تدمير بلد بحجم الأردن.
4.الإصرار على اختيار مفاعل، غير مجرب وغير مرخص، تنتجه حصرياً شركة أريفا؛ ما يضاعف احتمالات الحوادث الخطرة؛ ويدحض الادعاء بوجود فرصة لشركات روسية وكندية للتنافس على عطاء المحطات النووية؛ والادعاء، تمادياً في الخداع: بأن هذا التصميم مجرب، بينما لا توجد محطة نووية واحدة في العالم تستخدم لتحلية الماء (كما ذكرنا سابقاً).
5.خطورة تفويض المشاريع النووية الكبرى للقطاع الخاص وللمستثمرين والمشغلين الأجانب: بسبب تضارب المصالح بين: الحكومة التي تعمل دائماً على تعظيم جوانب الأمان والسلامة العامة؛ والمستثمرين الذين يسعون دائماً لتعظيم الأرباح على حساب هذه النواحي؛ وزيادة احتمالات أعمال الإضرار المتعمدة، بسبب استخدام أشخاص من جنسيات مختلفة.
خامساً: فيما يتعلق بالتمويل والجدوى
وتابع تم تضليل الرأي العام بأن المشروع لن يكلف الأردن؛ وأنه سوف يحقق وفراً كبيراً، 500 مليون دولار، في كل عام، من كل محطة نووية: ما يتعارض مع الحقائق التالية:
1.عدم إجراء أي دراسة حقيقية حتى الآن؛ للحكم بأن المشروع مجدٍ من النواحي الاقتصادية والفنية والبيئية؛
2.عدم الانتهاء حتى الآن من عمليات اختيار الموقع، والذي يؤثر بشكل كبير على جدوى المشروع اقتصادياً وفنياً وبيئياً وأمنياً.
3.حاجة كل محطة نووية إلى حوالي 5-10 مليار دولار كلفة رأسمالية سيشارك الأردن فيها بالثلث أو النصف، (حسب ما يعلن).
4.تجاهل الكلف غير المباشرة بمليارات الدنانير؛ مثل كلف: مشاريع الحوض النووي؛ والبنية التحتية؛ والأمن؛ والحماية؛ والتعويض عن الممتلكات والإصابات؛ وكلف المياه؛ وكلف تفكيك المحطات، وإعادة تأهيل المواقع؛ وكلف رأس المال؛ وغيرها من كلف كثيرة: كان يجب تقديرها وتحديد آليات الحصول عليها؛ قبل الحكم على كون المشروع ممكناً ومجدياً أم لا.
5.عدم اعتبار الحساسيات المفرطة الكثيرة المتوقعة على كلف المشروع وجدواه؛ وبخاصة فيما يتعلق: بالتأثير السلبي على خيارات الطاقة البديلة؛ والأضرار البيئية والصحية في ظروف التشغيل العادي وفي الحوادث؛ واستنزاف مصادر المياه، وتبدل استخداماتها؛ واحتمالات تعطل المحطات بسبب وقف التصدير أو غيره؛ وكلف التمويل؛ وكلف العطل والضرر؛ وكلف الوقود وأثر تقلبات السوق عليها.. الخ.
6.إهمال الكلف الباهظة للحوادث: كما حصل في حادثة تشرنوبيل، التي كلفت 7 مليار دولار؛ واستخدم فيها 116 ألف عنصر دفاع مدني، في عمليات الإخلاء والإيواء والإنقاذ؛ ونصف مليون عامل إزالة تلوث؛ وأدت إلى تعريض 6 مليون شخص في الاتحاد السوفييتي للإشعاع، و600 مليون في أوروبا؛ وأعداد كبيرة في العالم؛ ووفاة 4 آلاف شخص، وإلحاق أضرار صحية بعشرات الألوف، وتوقع موت عشرات الألوف مع الزمن؛ ودمار بيئي واسع؛ وتغير نمط حياة الملايين؛ وحادثة فوكوشيما والسونامي والتي كلفت اليابان عشرات المليارات من الدولارات، ولم تعرف بعد كامل تداعياتها البيئية والصحية.
سادساً: فيما يتعلق بمواقع المحطات النووية
التخبط الكبير، وتهديد الأمن والسلامة العامة والبيئة، باختيار مواقع غير ملائمة للمفاعلات النووية، كما في الحالات التالية:
1.المجازفة بدمار بيئي وصحي واقتصادي كبير، بالإصرار على بناء المحطات النووية في العقبة، التي تتعارض خصائصها مع مثل هذه المشاريع، وبخاصة: القرب من السكان، والحدود الدولية، والفوالق، والنشاط الزلزالي، وصغر مساحة المسطح المائي: التي تساعد بمرور الزمن، على ارتفاع الحمل الحراري، وتركيز الأملاح والتلوث الإشعاعي والتسمم الكيميائي إلى مستويات تهدد الصحة والبيئة والحياة البحرية.
2.تهديد حياة ما يقرب من 70% من سكان الأردن؛ ووضع حوالي 60% من مناطقه الزراعية وأكثر من 50% من مقوماته الصناعية ( كالمصفاة والمحطة الحرارية): في دائرة الخطر، في حالة وقوع حوادث نووية خطيرة: بسبب الإصرار على بناء المحطات النووية في المفرق؛ رغم وقوعها على امتداد الفالق القاري العظيم؛ ورداءة نوعية مياه التنقية المقترحة لتبريد المفاعلات، وعدم كفايتها؛ وطول ناقل المياه العادمة.
3.تعريض حياة 25 ألف موظف وطالب سنوياً، ليس لهم أي علاقة بالطاقة النووية، بالإصرار على إنشاء المفاعل البحثي في حرم جامعة العلوم والتكنولوجيا، في مخالفة صريحة لمبدأ تبرير العمل النووي الدولي؛ علاوة على بُعد هذا الموقع عن الميناء ومراكز العمل، ما يتطلب نقل المواد المشعة مسافات أطول وزيادة احتمالات الحوادث.
سابعاً: فيما يتعلق بالهياكل التنظيمية والإدارية
تكبيد الخزينة كلفاً مضاعفة، لمشاريع وبنى مؤسسية مضخمة وغير مبررة، قبل ثبوت جدوى المشاريع، كما في الحالات التالية:
1.دفع 5 مليون يورو لوضع لائحة للطاقة النووية وتجاهل عرض بإعدادها بدون مقابل على يد خبراء نوويين محليين.
2.دفع مبلغ 13 مليون دولار لشركة أجنبية لدراسة ملاءمة موقع العقبة للمشروع، والذي رفضته الشركة، بسبب النشاط الزلزالي وظروف العقبة المعروفة؛ وتجاهل دراسة محلية أعددناها عام 2008 أعدت لهذا الغرض وبينت عدم صلاحية هذا الموقع.
3.الإصرار على إنشاء مشروع سنكروترون مستهلك،بدون دراسة جدوى؛ والذي كان مقرراً له أن ينتهي عام 2009، وبكلفة لا تزيد عن 10 مليون دولار، ولكنه لم ينته بعد، ودفع فيه عشرات الملايين من الدنانير.
4.تعطيل إنشاء مفاعل بحثي متطور بتمويل كامل من الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ وإحالة عطاء لمشروع مفاعل بحثي مشابه في جامعة العلوم والتكنولوجيا، على شركة كورية، بكلفة 130 مليون دولار .
5.إنشاء عدد من المؤسسات والشركات، المستنفدة للمال والجهد: قبل ثبوت جدوى المشاريع، مثل: هيئة الطاقة الذرية؛ وشركة الأردنية لمصادر الطاقة (اليورانيوم)؛ والشركة النبطية للطاقة؛ والشركة الأردنية الفرنسية لتعدين اليورانيوم.
6.إنشاء أقسام للهندسة النووية والفيزياء النووية وتحلية المياه في العديد من الجامعات، ودون التفكير: في كلف وجدوى هذه البرامج؛ ومصير الأعداد الكبيرة من الخريجين، وأين سوف يعملون.