بسم الله الذي لايضر مع إسمه شيئا في الارض ولا السماء وهو السميع العليم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد :
إن الناظر في أحوال الناس اليوم ليرى أمرا عجبا من ظهور الظلم وتفشيه وتكشيره عن
أنيابه ... وتمر علي حالات مريعة من الظلم الظاهر البين والتي يقف المرء أمامها محتارا
يضرب كفا على أخرى من وصول الناس إلى هذه الدرجة من السؤ .
فهذا زوج يظلم زوجته ولا يبالي ..........
وذاك أب لا يلقي بالا للظلم الذي يوقعه على بعض أبناءه
وثالث يظلم أمه لكي يرضي زوجه
وتاجر يظلم من استأمنه على ماله
وصاحب عقار يظلم من يتعامل معه
وكبير يظلم من هو دونه
ومسئول يظلم مرؤوسه
وهكذا تكبر الدائرة وتتضخم فإلى هؤلاء أوجه هذا النداء :
أيها الظالم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً ,,,,,,,,,, فالظلم آخره يفضي إلى الندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه ,,,,,,,,, يدعو عليك وعين الله لم تنم
والظلم مجاوزة الإنسان حده ، واستطالته بالجور على غيره ، وهو إحدى طبائع النفس
البشرية ، تظهره القوة ، ويخفيه الضعف .
والظلم من شيم النفوس فإن تجد ,,,,,,,,,, ذا عفة فلعله لا يظلم
وقد حذر الإسلام من الظلم أشد التحذير ، وبين آثاره المشينة ، وعواقبه الوخيمة ، ونتائجه
المدمرة ، على الفرد والمجتمع .
فقال سبحانه وتعالى ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) الشعراء 227
* وقال( إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) [القصص 50 ]
* وقال عز وجل ( إنه لا يفلح الظالمون ) [الأنعام 21 ]
وقال تبارك وتعالى ( إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ
أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ( الشورى 42 )
وقال( وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ)
ابراهيم 42
وقال سبحانه وتعالى ( وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذْ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ
حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ) [غافر 18 ]
وعن أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن
الله تبارك وتعالى أنه قال ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينكم محرما
فلا تظالموا …الحديث )
وعن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الظلم ظلمات يوم القيامة )
أيها الظالم
اعلم إن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب ، فإنه مهما كان ذليلاً ضعيفاً ، أو مهاناً
وضيعاً ، فإن الله ناصره على من ظلمه ، ومؤيده على من اعتدى عليه ، فالله تبارك وتعالى
يرفع دعوة المظلوم إليه فوق الغمام ويقول لها ( وعزتي وجلالي ، لأنصرنك ولو بعد حين )
والمظلوم لا ترد دعوته ، ولو كان كافرا أو فاجرا ، فإن كفره أو فجوره إنما هو على نفسه
فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ثلاثة لا ترد
دعوتهم الصائم حتى يفطر ، والإمام العادل ، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح
لها أبواب السماء ، ويقول الرب : وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين ) وعن أبي هريرة رضي
الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( دعوة المظلوم مستجابة وإن كان
فاجرا ، ففجوره على نفسه ) وعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم( اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافرا ، فإنه ليس دونها حجاب)
وهذا تحذير شديد ، وإنذار ووعيد ، موجه من المصطفى صلى الله عليه وسلم للظالمين ، حيث
يقول {( إن الله عز وجل يملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته ) ثم قرأ ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ
القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد)[هود 102 ] }
ويقول أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه ( إياك ودعوات المظلوم ، فإنهن يصعدن إلى الله
كأنهن شرارات من نار)
الظلم نار فلا تحقر صغيرته لعل جذوة نار أحرقت بلدا
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
( إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ، ولا
يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة )
أيها المظلوم صبراً لا تهن إن عين الله يقظى لا تنام
نم قرير العين واهنأ خاطراً فعدل الله دائم بين الأنام
وإن أمهل الله يوماً ظالماً فإن أخذه شديد ذي انتقام
أيها الظالم
اعلم أن الظلم عند الله عز وجل يوم القيامة له دواوين ثلاثة
ديوان لا يغفر الله منه شيئا وهو الشرك به ، فإن الله لا يغفر أن يشرك به . يقول عز وجل
إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ افْتَرَى إِثْمًا
عَظِيمًا ) ( النساء 48 ) ويقول سبحانه وتعالى ( وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا
تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) ( لقمان 13 )
وديوان لا يترك الله تعالى منه شيئاً ، وهو ظلم العباد بعضهم بعضاً ، فإن الله تعالى يستوفيه
كله ، فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( من
كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها فإنه ليس ثم دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من
حسناته فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه)
وديوان لا يعبأ الله به ، وهو ظلم العبد نفسه بينه وبين ربه عز وجل ، فإن هذا الديوان أخف
الدواوين ، وأسرعها محواً ، فإنه يمحى بالتوبة ، والاستغفار ، والحسنات الماحية
والمصائب المكفرة ، ونحو ذلك فعن أنس بن مالك قال سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول ( قال الله تبارك وتعالى يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما
كان فيك ولا أبالي يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي
يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها
مغفرة ) بخلاف ديوان الشرك فإنه لا يمحى إلا بالتوحيد ، وديوان المظالم ، لا يمحى إلا
بالخروج منها إلى أربابها ، واستحلالهم منها ، ولما كان الشرك أعظم الدواوين الثلاثة عند
الله عز وجل ، حرم الجنة على أهله ، فلا تدخل الجنة نفس مشركة ، وإنما يدخلها أهل
التوحيد ، فإن التوحيد هو مفتاح بابها ، فمن لم يكن معه مفتاح ، لم يفتح له بابها .
أيها الظالم
علمت مما سبق ، إن الظلم مرتعه وخيم ، وعاقبته أليمة ، وآثاره سيئة ، وقد بين الله سبحانه
وتعالى في الكتاب العزيز ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه عاقبة الظلمة فالله
الله في نفسك التي بين جنبيك أحفظها في الدنيا من الآفات الخطيرة ومنها الظلم لتسعد في
الآخرة وتنعم ، وترتاح في الدنيا وتغنم .