احمد حسن الزعبي /
حسب مقاس الحالة والمرحلة من الهيام والعشق كنا نختار شريط الطرب الملائم ..فأدراج «النملية» ورفوف الخزائن مليئة بالاشرطة الملوّنة المتوارثة من جيل الى جيل والتي تتفاوت حسب «العيار» ..وكلما تأزم موقفنا مع الحبيب الحقيقي أو (المتخيل) كل ما علينا هو أن نحشو دماغنا وآهاتنا بالذخيرة العاطفية التي تنطلق من مسجل «البناسونيك القديم» لننزف وجداً حاراً وصادقاً..
فمثلا: اذا صادف يوم ميلاد «الحبّيب» ولم يتذكّره أحد ولم تصله هدية أو حتى رسالة من «الحبيبة» المفترضة على السنسلة المجاورة..كان يضع العاشق شريط « عدت يا يوم مولدي» لفريد الأطرش و»يطرش» على أنغامه ابريق شاي بميرمية على نفس واحد غلا وقهراً وشوقاً…وإذا انتظر احدهم «حلّة» البنات حتى الحصة السادسة ولم تكن الصبية، من بين «بنات الحلّة»..فحتماً سيضع شريط «حلو وكداب..ليه صدقتك « لعبد الحليم حافظ..واذا كانت بنت الجيران تنشر الغسيل في عزّ الظهر فلن يتردد بوضع أغنية « قولوا لعين الشمس ما تحماشي»..وكذلك اذا وصله نبأ خطبة احدى فتيات البلدة التي لم يرها ولم يقابلها يوماً في حياته فحتماً سيجد يده لا شعورياً تدس شريط «لا تردين الرسايل ويش اسوي بالورق» ..لمحمد عبده…
واذا ما حدث ظلم او تخوين بين عاشقين..كانت ام كلثوم كفيلة بشرح وجهة نظر المظلوم بأغنية «حيّرت قلبي معاك»..اما اذا كان الحبّيب عاطلا عن العمل والحبيبة «تلزّه» على التقدم لها ..فأفضل أغنية للتحسر على الحال وضيق ذات اليد هي «من غير ليه «لمحمد عبد الوهاب..وهكذا فإن للندم اغنية..وللبعد اغنية..للعناد اغنية..للقاء اغنية..للشوق أغنية ..للبكاء اغنية..للفراق أغنية..للهيام أغنية…للخصام اغنية…
ترى بماذا نبوح، لهذا «الحبيب» المسمى وطن..ماذا نبوح له، ونحن، نشتاقه ونضجره، نلقاه ونفتقده،نغضبه ونتوب اليه، نكفر به ونعبده، نعنفه وننام على صدره،، نهجره، ونلحقه..
سأسكب له صوت فيروز كأساً نيسانياً عله يرتوي محبة ورضا..
بعدك على بالي
يا امر الحلوين
يا زهري بتشرين
يا دهبي الغالي
يا حلو يا مغرور
يا حبق ومنثور
على سطح العالي
****
والله بنحبك