الإصلاح نيوز/
هاجم فنانون أردنيون مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الرسمية، وانتقدوا بشدة نقابتهم المهنية داعين إلى تشكيل ائتلاف يصد تقديم تنازلات مسيئة مقابل الحصول على فرص عمل متواضعة . واستعرضوا خلال ورشة حول الدراما استضافها المركز الثقافي الملكي في عمّان ما نعتوها “جوانب فساد مالي وإداري اعترت مشروعات إنتاجية” مؤكدين ضرورة مجاراتهم الحراك الميداني الساعي إلى الإصلاح .
[/p]
وصف الفنان زهير النوباني قرار وقف إنجاز مسلسلات إذاعية ب”الارتجالي” و”الشخصي” في ظل نجاحات رافقت تجارب عدة معتبراً أغلبية الأعمال التي أنتجها التلفزيون الأردني منذ تسعينات القرن الماضي حتى الآن “فاشلة”، وجاءت بقصد “رفع العتب” و”التنفيع” وسط حالة شلل أصابت الحركة الفنية في مقتل .
وطرح النوباني جملة مقترحات في هذا النطاق تصدّرها سن تشريعات تحفز الإنتاج الدرامي الأردني، وتحديد قائمة لشراء الأعمال ذات السويّة العالية إلى جانب تخصيص دائرة مستقلة للإنتاج، وبلورة خطط سنوية موازية، وتفعيل الاتفاقات مع الدول الأخرى، وتنشيط مراكز التدريب وتشجيع الشباب على ولوج ميدان الكتابة التلفزيونية والاستناد إلى إصدارات روائية مجدية .
من جهته قال المخرج سهيل الياس: شاشة التلفزيون الأردني باهتة و”مقيتة” ولا تستقطب المشاهدين ولا المعلنين، والبرامج رديئة والإدارات لا تملك دراية متخصصة يقودها عادة “مقحمون” لا علاقة لهم بالإعلام والفن والإبداع يأتون من وزارات وجهات أخرى ويريدون التدخل والتحكم في كل شيء .
وأشار الفنان محمد القباني إلى ما نعته “دماراً” لحق الأرشيف في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون وأردف: عن تجربة ذاتية اكتشفت أن حلقات من أعمال مهمّة غير موجودة وربما أتلفت أو سرقت، وفيما تغيب أسماء ريادية عن الشاشة تتواصل الأعمال الهزيلة، بينما تحوّلت المؤسسة إلى إحدى دوائر العلاقات العامة المسخرة لمصلحة الحكومة وفق نظام التوريث في تولي أغلبية الوظائف من أبناء ثم أحفاد المسؤولين .
وتساءل الفنان عبد الكريم القواسمي: ما مصير اقتطاع دينار من فاتورة كهرباء كل منزل دعماً لميزانية التلفزيون؟ وزاد: تبدو ثمة “قصدية” في الإساءة لنا عبر أعمال مترهلة، وشخصياً قرأت أحدها 4 مرات ولم أجد حدثاً درامياً مفهوماً فاعتذرت قبل أن أصدم بعرضه، كما ورد وفق شكل ومضمون سطحيين للغاية، ونحن نريد معرفة مدى وجود خطة واضحة لساعات البث المحلية والعربية وفهم آلية إدارة الأمور التي تدل على عشوائية جسيمة .
[/p]
ورأى القواسمي أن المظلة الرسمية للفنانين ممثلة في نقابتهم واجهت صدمات حكومية وأخرى داخلية أنقصتها دورها، وأضاف: لقد استهلكت في أمور ثانوية أضعفت النظرة الاعتبارية لها، ولو كان الأعضاء على مستوى السلوك المطلوب لحصدت مكانة مهمة، إلا أن كثيرين يكتفون بحضور اجتماعات الهيئة العامة وإقرار البيانات فيما لم يكتمل النصاب مرات عدة .
من جانبه وجد الفنان حابس حسين الحديث عن عدم قدرة تسويق العمل المحلي وسداد نفقاته “حجة واهية” تدين الدائرة المعنية بذلك في التلفزيون، وقال: غياب المسؤولين عن جلساتنا بما فيها هذه الورشة المنعقدة تحت رعاية وزير الثقافة أساساً من دون حضوره ولا مدير التلفزيون ولا أحد يفترض تلقيه ملاحظاتنا، يؤكد استمرار عدم مبالاتهم بهمومنا، ولذلك علينا تشكيل ائتلاف ضاغط قادر على انتزاع حقوقنا حتى على حساب تقديم تضحيات، ويجب أن نواكب الحراك السياسي والاجتماعي بوصفنا قادة الفكر والفن وإيصال صوتنا حيث يعلو ويصدح بلا خوف أو تهاون .
وعلق الفنان غسان المشيني قائلاً: نحن المعنيون أولاً بأن ننهض بأنفسنا ومجالنا ونرفض بحزم تقديم تنازلات مجحفة مقابل فرص مشينة، بداعي الحاجة إلى توفير لقمة العيش، وبدا جلياً أننا سلعة غير مربحة لمسؤولين تساقط بعضهم ولايزال وفق ملفات اختلاس ونهب واستغلال للمناصب .
واستطرد: هذا الاجتماع “تنفيسي” حتى لا نخرج في اعتصام ولا بأس في ذلك لكن لابد من قول “لا” ضد كل استغلال، ونقف في وجه أي فساد يعتري مجالنا كما حصل في مشروعات إنتاجية سابقة، حيث تكسّب قائمون على “المناهل” من معونته الدولية وهضم المعنيون عن “الملح الأسود” حقوق تأميننا وفوجئت باستشراء “التنفع” وفق 7 عقود لأعمال مختلفة في وقت تخليت عن مستحقاتي في “حط على النار” بعد سردهم إشكالات تتعلق بالعجز المادي .
الفنان رشيد ملحس قال: لا توجد لدينا أساساً استراتيجية واضحة في الشأن الدرامي وتظل الأفكار مبنية على اجتهادات وسط تقاعس المؤسسة الرسمية، وثمة من استغلوا الظروف في فرض شروط وأساليب إنتاجية مزرية أصبحت بمثابة نظام عمل متبع عبر أجور رخيصة وأجواء مؤسفة رهينة رأس المال الخارجي، فيما تحوّل أنصاف المثقفين والفنانين إلى “مطبلين” واتسعت مساحة الفاسدين نتيجة اتخاذ قرارات “ترقيعية” راكمت الأخطاء .
[/p]
وتابع: هناك أياد اختطفت دور النقابة وفرغتها من محتواها وحوّلتها إلى ما يشبه جمعية خيرية وأفقدتها وجوب دفاعها الحقيقي عن المنتسبين، ووضع حد لظروف مقيتة تبدأ بطريقة التعامل ولا تنتهي عند استغلال العوز وعدم إدراج التأمين وضياع الحقوق .
بدوره قال الفنان محمد العبّادي: نحن نتحمل جزءاً من مسؤولية تقهقر المجال، فحين تغاضى مدير سابق عن 5 عقود من الدراما الإذاعية وأوقف عام 2007 تواصلها صمتنا عوضاً عن الاحتجاج والذهاب إلى مكتبه، وعندما بيعت شركة الإنتاج الأردنية بأبخس الأثمان أخذنا موقفاً سلبياً ولم نطالب بحقوقنا، لكن حان الوقت حتى نقول كلمتنا وسط “ربيع عربي” فرض واقعه ويجب علينا التواصل مع التيارات السياسية والحزبية التي سيكون لها حضورها والابتعاد عن الشرذمة والتفكك والوجاهة الفردية .
الفنان شايش النعيمي حمّل “غياب الوعي الرسمي” السبب الرئيس “حال الدراما غير المقبول” وقال: بعد رسم الآمال حيال انطلاق نقابة الفنانين عام 1997 ظهرت معالم المنفعة المالية لدى البعض خصوصاً منصب النقيب ومن حوله، ومع مرور الزمن أصبح الوجود ضمن عضوية مجلس الإدارة مطمعاً دافعه المصلحة الذاتية وصارت الانتخابات “سوق بيع وشراء” للأصوات .
وأضاف: أصبح جسم النقابة معتلاً بدخول عناصر دون المستوى المطلوب وظهرت الإقليمية المقيتة وتدنى التفكير في مستقبل الأعضاء وانحصرت في إشكالات سطحية وجانبية، ما انعكس سلباً على الإبداع وأسهم في طفو أدعياء على السطح .
وعرج النعيمي على كتاب حكومي صدر مؤخراً يفيد بصعوبة توفير صندوق للدراما ودعم أبناء المهنة معلقاً: لا نعرف أساساً من صاغ الطلبات الموجّهة من النقابة وبأي أسلوب جاءت ويبدو أنها “مهلهلة” وعن غير اختصاص، وشخصياً لم أشارك في ذلك حيث أحجمت عن التفاعل مع مجلس الإدارة السابق عقب 4 أشهر فقط من انتخابي عضواً إزاء تحفظاتي على سير العمل وغاياته .
انتقد المخرج فراس الريموني النقابة متسائلاً عن أسباب غياب أعضاء مجلسها عن الورشة وحتى بعض الفعاليات، كما شدد نظيره المخرج نبيل نجم على تراجع دور الأخيرة منذ تأسيسها وعدم فرضها نفسها بقوة، فيما أيّدت الفنانة سميرة خوري إحالة ملف المدينة الإعلامية إلى هيئة مكافحة الفساد واقترحت التواصل مع البرلمان لإيصال تطلعات أبناء المهنة ووافقتها في ذلك الفنانة قمر الصفدي .
عقّب مدير دائرة الإنتاج في التلفزيون الأردني الفنان نصر عناني قائلاً: بصراحة لم أبلغ بأن علينا تقديم ورقة عمل ومدير المؤسسة مرتبط بمواعيد مسبقة وأنا أكرر دائماً أنه لا حلول لمعضلة الدراما من دون تمويل حكومي، فنحن مقيّدون بميزانية سنوية لا تتجاوز 14 مليون ونصف المليون دينار وحال استطعنا توفير أخرى يقتصر ذلك على شهر رمضان فقط .
وأكد عناني أن مسلسل “بوابة القدس: الطريق إلى باب الواد” الذي أنتجه التلفزيون وعرضه في الموسم الماضي لم يحقق مردود تكاليفه حتى الآن، حيث اقتصر بيعه على تلفزيون قطر وفق مبلغ لم يتجاوز نصف مليون دولار، وتلفزيون فلسطين بما يعادل ثلث القيمة المادية، فيما أشار إلى محالة تعاونهم مع المركز العربي في الحصول على أعمال منجزة بأسعار تعادل 90 ألف دولار لكن الأخير رفض وطلب أرقاماً مضاعفة .
وأردف: مدير المؤسسة الجديد رمضان الرواشدة قرر إعادة الدراما الإذاعية عبر إنجاز عمل على الأقل كل شهر، ونحن ندرس حالياً 4 مسلسلات تلفزيونية لاختيار أفضلها، ورغم عدم إنكارنا وجود أخطاء لكن ثمّة ثوابت إيجابية ومساعي جهة تحسين الصورة استناداً إلى أجهزة حديثة وديكورات لائقة .
عن الخليج