لم يكن مستغربا اكتساح مرشحي التيار الاسلامي لانتخابات نقابة المعلمين, فهو تيار منظم له وجود راسخ وامتداد تاريخي في وزارة التربية والتعليم, واستفاد خلال العقود الماضية من الجمع بين السياسة والعمل الدعوي والاجتماعي .
لن نتوقف كثيرا عند ما حققه الاسلاميون ما دامت الانتخابات جرت بحرية ونزاهة يشهد لها كل المتنافسين, لكن سنتوقف عند دروس تلك الانتخابات والرسائل التي ارسلت عن قصد او بدونه وفي جميع الاتجاهات.
اولها ان الذين اطلقوا “انتفاضة المعلمين” ضد وزير التربية والتعليم , لم يحصدوا منها شيئا يذكر بل ان البعض صعد على اكتاف “الانتفاضة” وفاز بمغنم كبير.
كان تيار اللجنة الوطنية برئاسة مصطفى الرواشدة يمثل اطارا جامعا لم نكن نعرف حجم “الاسلاميين” فيه الى ان اكتشفنا انهم “اكلوا على الفكين” تحالفوا في اطار اللجنة الوطنية حيثما فرضت الظروف والوقائع ذلك, وشكلوا كتلا منافسة لها في مناطق اخرى مثل البلقاء والزرقاء.
وأعتقد ان الخطأ الكبير يتحمله العزيز مصطفى الرواشدة كونه قائدا ورمزا لحراك المعلمين, فاول اخطائه انه ترك اللجنة الوطنية وخاض الانتخابات كمستقل, مما اسهم في اسقاط “الرفاق” الاخرين وعلى رأسهم المعلمة ادما زريقات التي “ادمى” سقوطها قلوب المعلمين والمعلمات لانها بحق كانت رمزا واحدى محركات احتجاج المعلمين.
لا قيمة لاي نفي لوجود تحالفات سرية بين “الاخوان” ومصطفى الرواشدة , فالقضية اصبحت خلفنا, المهم كيف نتحرك الى الامام , هل يقبل الرواشدة ان يترشح على رأس قائمة لمجلس النقابة فيها اغلبية للاسلاميين ? هنا السؤال , ما هو الشكل التحالفي الذي يقبل به الرواشدة?
الاصل ان لا يسعى العزيز الرواشدة الى قائمة تفرض فقط وقائع صناديق الاقتراع بل تراعي ضرورة ان تبقى النقابة في مرحلة البناء خارج التاثيرات الحزبية والسياسية, وتبقى نقابة للجميع وليس لهذا الحزب او ذاك.
يفكر البعض بان فوز الاسلاميين بعث برسائل غير مريحة الى الدولة والمجتمع بكافة تلاوينه, لكن مخطئ من يعتقد ان الدولة كانت تفضل عدم فوزهم , لان التعامل مع “تنظيم” معروف افضل من التعامل مع الافراد والاتجاهات الاجتماعية والسياسية غير “مضمونين”.
وقد خدم الاسلاميون بفوزهم “المبكر” اتجاهات في الدولة والمجتمع كانت تحذر من “سطوتهم” المقبلة, ويبدو هذا واضحا في تأخير الحكومة لحسم شكل النظام الانتخابي, الى ما بعد الاطلاع على حجم وقوة”الاسلاميين” في وزارة التربية والتعليم, وهذا مؤشر مهم , سينعكس على طبيعة النظام الانتخابي المنتظر الاعلان عنه خلال الايام الثلاثة المقبلة.
نقابة المعلمين انجاز كبير لعملية الاصلاح, وحق الجميع المشاركة فيها , لكن الديمقراطية لا يمكن ان تكون حقيقية الا اذا تساوت فيها المراكز القانونية للاشخاص والاحزاب واستهدفت تغيير ذهنية المواطن كي يصبح قابلا لممارسة الديمقراطية, وان تبقى “الجماعات” بعيدة عن خلط الدين بالسياسة.
العرب اليوم