قال النائب وصفي الرواشده ان المشرع اراد عند وضع الدستور الاردني عام 1952 خلق حالة من التوازن بين سلطات الحكم الثلاث، بما يضمن استقرار الدولة ومؤسساتها، وعدم تغول اي سلطة على اخرى.
واضاف في محاضرة القاها اليوم الاثنين في جامعة الحسين بن طلال، إن السلطة التنفيذية تغولت على باقي السلطات، مما ادى الى انحراف الدولة عن مسارها السليم، مؤكدا ان هذه التعديات افقدت السلطة التنفيذية ولايتها العامة على الدولة لصالح مؤسسات اخرى كان من المفترض ان تكون تحت امرتها.
وقال بحضور رئيس الجامعة الدكتور طه الخميس العبادي، ان خللا شاب السلطة التنفيذية من خلال اعتمادها مبدأ بناء مؤسسات الدولة بعيدا عن نهج بناء دولة المؤسسات الى صالح نهج سري وعائلي، دون الالتفات الى مبدأ العدالة والكفاءة، مما عزز وجذر المحسوبية والواسطة، وسمح بتشكيل بيئة مناسبة لانتشار الفساد على حساب مصلحة الوطن الى ان وصلنا الى ما نحن عليه من ترهل اداري وفساد مالي واداري اضعف بنية الدولة وهدد كينونتها.
وبين ان الوضع السياسي المحيط عزز رغبة الحكومات في احكام قبضتها الامنية على الساحة السياسية في الاردن، وتحجيم دور السلطة التشريعية الضامنة للتنوع السياسي والفكري الى جانب القضية الفلسطينية، وما نتج عنها من تدفق لموجات كبيرة من اللاجئين للساحة الاردنية، وما جلبته هذه الموجات من تنظيمات سياسية وعسكرية زادت من الهاجس الامني لدى الحكومات التي سيطرت عليها العقلية الامنية في نظرتها للحياة البرلمانية التي عطلت لفترات طويلة . واعتبر النائب الرواشده ان هناك انحرافا في الاهداف عند تشكيل مجلس الاعيان الذي بات سيفا مسلطا على رقبة مجلس النواب بدل ان يكون عونا له، فيما بات الاول بوابة لتعطيل وتاخير وايقاف التشريعات التي لا تريدها الحكومة بدلا من ان يكون مجلس الاعيان بيتا للخبرات السياسية والاقتصادية والعلمية والاجتماعية .
وقال ان عدم وضوح الهوية الاردنية والتخوفات الديموغرافية نتيجة انعكاسات القضية الفلسطينية على الساحة الاردنية، والقرار السياسي الاردني، اسهم كذلك في التعدي على الدستور بسبب عدم وجود معالم واضحة لحل القضية وتبعاتها في ظل بروز تخوفات لما يسمى بفكرة الوطن البديل، مما اوجد تخوفا من تكوين مجلس نواب وفق نظام الاصوات المتعددة.
وفيما يتعلق بتكوين مجلس النواب بين النائب الرواشده ان الحكومات المتعاقبة عمدت الى خلق حالة من التشوه في صورته منذ عودة الحياة البرلمانية عام 1990 من خلال ما اعتبره تعمد الحكومات افساد مجالس النواب بشكل مقصود، لتنفيذ سياسات معينة او برامج غير سليمة، تدور حولها شبهات معينة واخفاء جوانب معينة في اداء بعض الحكومات كتوقيع اتفاقية السلام، كما تعمدت خلق حالة من التشوه في كل عملية انتخابية مع ولادة كل مجلس نيابي مما جعل الحكومات تتحكم بهذه المجالس بمقدار انصياعها لقبضتها، وعدم خروجها عن المسار المرسوم من قبل الحكومات وحاجة الدولة لايجاد مخرج لاي ازمة سياسية .
وحول قانون الانتخاب اوضح ان اسوأ قانون انتخاب يمكن ان ينتج عنه مجلس نيابي جيد اذا ما ترك للناخب حرية الاختيار دون ان تحرف ارادته من خلال توفر الارادة السياسية الصادقة لدى كافة مؤسسات الدولة لايجاد مجلس نواب قوي يكون دعامة اساسية في بناء الدولة.
واعتبر ان ضعف الحياة الحزبية في الاردن وحالتها الاحادية وعزوف الاردنيين عن الانخراط في الحياة الحزبية نتيجة لهاجس الخوف اسهم كذلك في اضعاف دور المجالس النيابية في وقت لم تعمل فيه الدولة على ترك الطيف السياسي ينمو بشكل طبيعي دون تدخل وقيدت كذلك قوانين العمل السياسي والحزبي وبخاصة قوانين الاحزاب والاجتماعات العامة والانتخاب .
وقال ان الاعلام المقيد والموجه كان له انعكسات كبيرة على الحياة السياسية والحزبية والبرلمانية الاردنية، مؤكدا كذلك ان النظام الداخلي لمجلس النواب اسهم في تردي اداء المجلس وعزز دكتاتورية القرار للمكتب الدائم دون اخضاع النائب للمراقبة والمحاسبة .