التعليم مسؤولية اجتماعية بقلم جلالة الملكة رانيا العبدالله
تسلمت هذه الرسالة منذ عدة أسابيع:
إلى الملكة رانيا العبد الله ....
أنا اسمي ليث في الصف الثاني والعام كنت الرابع عالصف لأنه باقي الصف شاطرين مثلي جلالتك زرتي مدرستي بس ما قابلتك ودخلتي على صفي أنا أحب مدرستي وأتمنى أن تزورينا مرة ثانية وأتمنى أن تكون اعجبتك.
نعم أعجبتني لأن أطفالها متفوقون وأعينهم البراقة لا ترى سوى ما هو جميل، لأن آفة الرأي الهوى، فما بالكم ان عشق الطفل!
المدرسة التي يتردد عليها ليث مقاعدها غير متماسكة وأدراجها آيلة للسقوط، بعضها سقط وبانتظار المروحة التي تتأرجح من السقف لتسقط هي الأخرى.
المياه التي يشرب منها ليث وزملاؤه لها لون ولها طعم ولها رائحة !
مدرسته التي زرتها هي واحدة من أكثر من خمسمئة مدرسة من مدارس المملكة تفتقر لأساسيات البيئة الآمنة الصحية والبنية التحتية السليمة؛ ناهيك عن احتياجات التعليم المعاصر وتدريب وتطوير المدرسين.
لن يستطيع فرد واحد تطوير مدارسنا بين ليلة وضحاها، لكننا ان تعاونا وقسمنا المهام سننجز هدفنا بوقت أقل، فالتعليم مسؤولية الجميع، لنجعل التعليم مسؤولية اجتماعية.
عندما ننادي للانخراط في خدمة المجتمع المحلي عادة ما يساء فهم ذلك التعبير خدمة المجتمع ويفسر على أنه خدمة .. يسديها أحد منا لغيره، ورغم نبل ذلك الا ان المساهمة في اختيار نوعية التعليم والبيئة التعليمية لمن يعيشون معك ضمن الحدود نفسها ويتشاركون معك وحدة الهوية والمصير هي خدمة نقدمها لأنفسنا، لأن تداعياتها تطال حياتنا بشكل أو بآخر؛ عاجلا أم آجلا؛ شئنا أم أبينا.
منذ أيام أطلقت حملة مدرستي وهي مدرستنا جميعا؛ لنعمل تحت مظلة واحدة، مظلة أردنية فاعلة لجعل جميع مدارس مملكتنا الهاشمية مؤهلة خير تأهيل لتخريج أطفال تلقوا خير تربية وتعليم.
ستكلف المدارس المعنية بالتغيير لجاناً مكونة من الطلاب والمعلمين وأهالي الطلاب والقطاع الخاص والمتطوعين منكم لتنسيق جهودهم مع القائمين على المشروع لتقييم وضع المدارس، وتوفير التبرعات، واصلاح وتأهيل البيت الذي يقضي فيه أطفالنا ثلث يومهم تقريباً.
مشروع تطوير الأجيال هذا سينجح إن تشارك رأس المال والحس بالمسؤولية والعمل الجماعي على مر الخمس سنوات المقبلة.
وقد التزمت مؤسسات مسؤولة في القطاع العام كوزارة التربية والتعليم، والعديد من مؤسسات القطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني كمؤسسة نهر الأردن، ومبادرة التعليم الأردنية، والجمعية الملكية للتوعية الصحية، وجمعية التعليم الأردني، ومتحف الأطفال، وهيئة المدارس الخاصة، وامانة عمان الكبرى، وجائزة الملكة رانيا للمعلم المتميز، واليونيسيف وانجاز ومؤسسة رواد، لتوفير ما تحتاجه هذه المدارس.
كي لا يذهب ليث وسوسن ومحمد ورولا وزيد إلى مدارس غير آمنة، أو غير صحية، أو دون اجهزة كمبيوتر. كي لا يكون معلموها غير محصنين بأحدث أساليب التعليم، لكي لا تكون مدرسة من مدارس الأردن دون نوافذ أو تصريف أو تدفئة أو مياه صالحة للشرب. لكي تصبح مدارس الأردن جميلة في أعيننا جميعا لا في أعين أطفالنا فحسب، لأنهم يرونها بعين المحب؛ وعلينا نحن أن نراها بعين الرقيب وعين الحرص وعين الأمل.
ولأن أعيننا بصيرة وأيادينا يدا بيد سنطال كل مدرسة غير مؤهلة، سيبعث ليث رسالة قريبا، يشكر فيها كل من زار مدرسته وجملها.
الله يطول بعمر جلالة الملك وجلالة الملكة وكل العائله الهاشميه