تتركز إبداعات الحكومات وأصحاب المسؤولية عندنا في الأردن في كيفية الحصول على أموال المواطنين الغلابى, والتفنن في ابتداع الضرائب الجديدة التي ترهق الشريحة العظمى من الناس, وكيفية مقاسمتهم لقمة عيش أبنائهم وأسرهم, وملاحقتهم حتى الرمق الأخير.
عند التعرض لأزمة, أو عند وجود عجز في الموازنة, أو عندما تقفز أسعار الوقود عالمياً, لا يجد المسؤولون طريقاً لحل المشكلة إلاّ بالرجوع إلى جيب المواطن المقهور الذي لا حول له ولا قوة, ومن آخر هذه الإبداعات التي تطلّ علينا تصريح لأحد المسؤولين حول التوجه الحكومي لفرض ضريبة على عبور السيارات لبعض الطرق الرئيسة في المملكة, تقليداً لبعض الدول التي تفرض مثل هذه الضرائب على عبور شوارع معينة أو جسور كبيرة محددة.
وتوضيحاً للحقيقة ومنعاً لاستغفال المواطن, يجب بيان الحقيقة المتعلقة بفلسفة هذه الضريبة, فمثلاً عندما تعبر الجسر الذي يربط شطري “أسطانبول” في تركيا تدفع السيارات ضريبة محددة, ولكن وللأمانة عندما سألت عن فلسفة دفع هذه الضريبة أخبرني المسؤولون أنّ هناك شركة خاصة تعهدت ببناء هذا الجسر العملاق على نفقتها الخاصة دون أن تكلف الدولة شيئاً, مقابل أخذ الضريبة عليه من العابرين لعدد محدد من السنوات, بمعنى آخر أنّ الشركة تريد تحصيل ما أنفقته من خلال هذه الضريبة وتحقيق الربح.
أمّا أن يتم إنشاء الطريق من الخزينة العامة ومن دماء المواطنين وعرقهم وقوت أبنائهم, كما تمّ تكبيد المواطن قيمة الرشاوى والفساد إضافة إلى التكلفة الحقيقية, ثمّ يراد بعد ذلك تكبيد المواطن دفع ضريبة إضافية على ما دفعه سابقاً, فهذا ظلم وإجحاف, واستخفاف بعقل المواطن الأردني.
إنّ المواطنين في الأردن هم الذين يموّلون المشاريع, وهم الذين يدفعون رواتب كل المسؤولين ومكافآتهم ورحلاتهم ومياوماتهم وفسادهم, وهم الذين ينفقون على الحكومة وعلى كل أجهزة الدولة, ثمّ يراد معاقبتهم بدفع ضريبة على الضريبة.
مهلاً يا اصحاب القرار ورفقاً بالمواطن المقهور, الذي بلغ القهر به حدّ الانفجار, إذ ينبغي على الحكومات وأصحاب القرار أن يفكروا في تخفيض العبء عن كاهل المواطن, وتقليل فاتورة الحياة المرهقة في ظلّ ارتفاع الأسعار وثبات الدخل, ويجب عدم النظر إلى الشعب على أنّه عبارة عن بئر بترول يتمّ زيادة الضخ منه عند الأزمات.
rohileghrb@yahoo.com